القول في تأويل قوله (
nindex.php?page=treesubj&link=28974_30803nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون ( 153 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فأثابكم غما بغم " ، يعني : فجازاكم بفراركم عن نبيكم ، وفشلكم عن عدوكم ، ومعصيتكم ربكم "غما بغم" ، يقول : غما على غم .
[ ص: 304 ]
وسمى العقوبة التي عاقبهم بها من تسليط عدوهم عليهم حتى نال منهم ما نال"ثوابا" ، إذ كان عوضا من عملهم الذي سخطه ولم يرضه منهم ، فدل بذلك جل ثناؤه أن كل عوض كان لمعوض من شيء من العمل ، خيرا كان أو شرا أو العوض الذي بذله رجل لرجل ، أو يد سلفت له إليه ، فإنه مستحق اسم "ثواب" ، كان ذلك العوض تكرمة أو عقوبة ، ونظير ذلك قول الشاعر :
أخاف زيادا أن يكون عطاؤه أداهم سودا أو محدرجة سمرا
فجعل"العطاء" القيود . وذلك كقول القائل لآخر سلف إليه منه مكروه : "لأجازينك على فعلك ، ولأثيبنك ثوابك" .
وأما قوله : "غما بغم" ، فإنه قيل : "غما بغم" ، معناه : غما على غم ، كما قيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=71ولأصلبنكم في جذوع النخل ) [ سورة طه : 71 ] ، بمعنى : ولأصلبنكم على جذوع النخل . وإنما جاز ذلك ، لأن معنى قول القائل : "أثابك الله غما على غم" ، جزاك الله
[ ص: 305 ] غما بعد غم تقدمه ، فكان كذلك معنى : "فأثابكم غما بغم" ، لأن معناه : فجزاكم الله غما بعقب غم تقدمه ، وهو نظير قول القائل : "نزلت ببني فلان ، ونزلت على بني فلان" ، "وضربته بالسيف وعلى السيف" .
واختلف أهل التأويل في الغم الذي أثيب القوم على الغم ، وما كان غمهم الأول والثاني؟
فقال بعضهم : "أما الغم الأول ، فكان ما تحدث به القوم أن نبيهم صلى الله عليه وسلم قد قتل . وأما الغم الآخر ، فإنه كان ما نالهم من القتل والجراح" .
ذكر من قال ذلك :
8059 - حدثنا
بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فأثابكم غما بغم " ، كانوا تحدثوا يومئذ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أصيب ، وكان الغم الآخر قتل أصحابهم والجراحات التي أصابتهم . قال : وذكر لنا أنه قتل يومئذ سبعون رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ستة وستون رجلا من
الأنصار ، وأربعة من
المهاجرين وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ، يقول : ما فاتكم من غنيمة القوم"ولا ما أصابكم" ، في أنفسكم من القتل والجراحات .
8060 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قوله : "فأثابكم غما بغم" ، قال : فرة بعد فرة : الأولى حين سمعوا الصوت أن
محمدا قد قتل ، والثانية حين رجع الكفار ، فضربوهم مدبرين ، حتى قتلوا منهم سبعين رجلا ثم انحازوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يصعدون في الجبل والرسول يدعوهم في أخراهم .
[ ص: 306 ]
8061 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، نحوه .
وقال آخرون : "بل غمهم الأول كان قتل من قتل منهم وجرح من جرح منهم . والغم الثاني كان من سماعهم صوت القائل : "قتل
محمد " ، صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
8062 - حدثنا
الحسين بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153غما بغم " ، قال : الغم الأول : الجراح والقتل ، والغم الثاني حين سمعوا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد قتل . فأنساهم الغم الآخر ما أصابهم من الجراح والقتل ، وما كانوا يرجون من الغنيمة ، وذلك حين يقول : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " .
8063 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فأثابكم غما بغم " ، قال : الغم الأول الجراح والقتل ، والغم الآخر حين سمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل . فأنساهم الغم الآخر ما أصابهم من الجراح والقتل ، وما كانوا يرجون من الغنيمة ، وذلك حين يقول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " .
وقال آخرون : "بل الغم الأول ما كان فاتهم من الفتح والغنيمة ، والثاني إشراف
أبي سفيان عليهم في الشعب . وذلك أن
أبا سفيان - فيما زعم بعض أهل السير - لما أصاب من المسلمين ما أصاب ، وهرب المسلمون ، جاء حتى أشرف عليهم وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعب
أحد ، الذي كانوا ولوا إليه عند الهزيمة ، فخافوا أن يصطلمهم
أبو سفيان وأصحابه .
[ ص: 307 ]
ذكر الخبر بذلك :
8064 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة . فلما رأوه ، وضع رجل سهما في قوسه ، فأراد أن يرميه ، فقال : "أنا رسول الله!" ، ففرحوا بذلك حين وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا ، وفرح رسول الله حين رأى أن في أصحابه من يمتنع . فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذهب عنهم الحزن ، فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه ، ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا .
فأقبل
أبو سفيان حتى أشرف عليهم ، فلما نظروا إليه ، نسوا ذلك الذي كانوا عليه ، وهمهم
أبو سفيان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810317 "ليس لهم أن يعلونا ، اللهم إن تقتل هذه العصابة لا تعبد"! ثم ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم ، فقال
أبو سفيان يومئذ : "اعل هبل! حنظلة بحنظلة ، ويوم بيوم
بدر "!
nindex.php?page=treesubj&link=30794وقتلوا يومئذ حنظلة بن الراهب ، وكان جنبا فغسلته الملائكة ، وكان
حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم
بدر وقال
أبو سفيان : "لنا العزى ، ولا عزى لكم"! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر : "قل الله مولانا ولا مولى لكم"! فقال
أبو سفيان : فيكم
محمد؟ قالوا : نعم! قال : "أما إنها قد كانت فيكم مثلة ، ما أمرت بها ، ولا نهيت عنها ، ولا سرتني ، ولا ساءتني"! فذكر الله إشراف
أبي سفيان عليهم فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " ، الغم الأول : ما فاتهم من الغنيمة والفتح ، والغم الثاني :
[ ص: 308 ] إشراف العدو عليهم "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم " ، من الغنيمة"ولا ما أصابكم" من القتل حين تذكرون . فشغلهم
أبو سفيان .
8065 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب الزهري ، nindex.php?page=showalam&ids=17038ومحمد بن يحيى بن حبان ، nindex.php?page=showalam&ids=16276وعاصم بن عمر بن قتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=15722والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، وغيرهم من علمائنا ، فيما ذكروا من حديث
أحد ، قالوا : كان المسلمون في ذلك اليوم - لما أصابهم فيه من شدة البلاء - أثلاثا ، ثلث قتيل ، وثلث جريح ، وثلث منهزم ، وقد بلغته الحرب حتى ما يدري ما يصنع وحتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدث بالحجارة حتى وقع لشقه ، وأصيبت رباعيته ، وشج في وجهه ، وكلمت شفته ، وكان الذي أصابه
عتبة بن أبي وقاص . وقاتل
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه لواؤه حتى قتل ، وكان الذي أصابه ابن قميئة الليثي ، وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرجع إلى
قريش فقال : "قتلت
محمدا " .
8066 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
ابن إسحاق قال : فكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول الناس : "قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم" كما حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة ، عن
محمد بن [ ص: 309 ] إسحاق قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب الزهري nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك أخو بني سلمة قال : عرفت عينيه تزهران تحت المغفر ، فناديت بأعلى صوتي : "يا معشر المسلمين : أبشروا ، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم"! فأشار إلي رسول الله أن أنصت . فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا به ، ونهض نحو الشعب ، معه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، وأبو بكر بن أبي قحافة ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=55nindex.php?page=treesubj&link=30799وطلحة بن عبيد الله ، nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام ، والحارث بن الصمة ، في رهط من المسلمين . .
قال : فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب ومعه أولئك النفر من أصحابه ، إذ علت عالية من
قريش الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810318 "اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا"! فقاتل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين ، حتى أهبطوهم عن الجبل . ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بدن ، فظاهر بين درعين ، فلما ذهب لينهض ، فلم يستطع ، جلس تحته
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله ، فنهض حتى استوى عليها . .
ثم إن
أبا سفيان حين أراد الانصراف ، أشرف على الجبل ثم صرخ بأعلى
[ ص: 310 ] صوته : "أنعمت فعال! إن الحرب سجال ، يوم بيوم
بدر ، اعل هبل" ، أي : أظهر دينك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعمر : "قم فأجبه ، فقل : الله أعلى وأجل! لا سواء! قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار"! فلما أجاب
عمر رضي الله عنه
أبا سفيان ، قال له
أبو سفيان : "هلم إلي يا
عمر "! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ائته فانظر ما شأنه"؟ فجاءه ، فقال له
أبو سفيان : أنشدك الله يا
عمر ، أقتلنا
محمدا؟ فقال
عمر : اللهم لا وإنه ليسمع كلامك الآن! . فقال : أنت أصدق عندي من
ابن قميئة وأبر! لقول
ابن قميئة لهم : إني قتلت
محمدا ثم نادى
أبو سفيان ، فقال : إنه قد كان في قتلاكم مثلة ، والله ما رضيت ولا سخطت ، ولا نهيت ولا أمرت .
[ ص: 311 ]
8067 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
سلمة قال : حدثني
ابن إسحاق : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " ، أي : كربا بعد كرب ، قتل من قتل من إخوانكم ، وعلو عدوكم عليكم ، وما وقع في أنفسكم من قول من قال : "قتل نبيكم" ، فكان ذلك مما تتابع عليكم غما بغم "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم " ، من ظهوركم على عدوكم بعد أن رأيتموه بأعينكم"ولا ما أصابكم" من قتل إخوانكم ، حتى فرجت بذلك الكرب عنكم"
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153والله خبير بما تعملون " ، وكان الذي فرج به عنهم ما كانوا فيه من الكرب والغم الذي أصابهم ، أن الله عز وجل رد عنهم كذبة الشيطان بقتل نبيهم . فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين أظهرهم ، هان عليهم ما فاتهم من القوم بعد الظهور عليهم ، والمصيبة التي أصابتهم في إخوانهم ، حين صرف الله القتل عن نبيهم صلى الله عليه وسلم .
8068 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فأثابكم غما بغم " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال
مجاهد : أصاب الناس حزن وغم على ما أصابهم في أصحابهم الذين قتلوا . فلما تولجوا في الشعب وهم مصابون ، وقف
أبو سفيان وأصحابه بباب الشعب ، فظن المؤمنون أنهم سوف يميلون عليهم
[ ص: 312 ] فيقتلونهم أيضا ، فأصابهم حزن في ذلك أيضا أنساهم حزنهم في أصحابهم ، فذلك قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم " قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153على ما فاتكم " ، يقول : على ما فاتكم من غنائم القوم"ولا ما أصابكم" ، في أنفسكم .
8069 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج . قال : أخبرني
عبد الله بن كثير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير قال :
جاء nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان بن حرب ومن معه ، حتى وقف بالشعب ، ثم نادى : أفي القوم ابن أبي كبشة؟ فسكتوا ، فقال أبو سفيان : قتل ورب الكعبة! ثم قال : أفي القوم ابن أبي قحافة؟ فسكتوا ، فقال : قتل ورب الكعبة! ثم قال : أفي القوم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب؟ فسكتوا ، فقال : قتل ورب الكعبة! ثم قال أبو سفيان : اعل هبل ، يوم بيوم بدر ، وحنظلة بحنظلة ، وأنتم واجدون في القوم مثلا لم يكن عن رأي سراتنا وخيارنا ، ولم نكرهه حين رأيناه! فقال النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب : قم فناد فقل : الله أعلى وأجل! نعم هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا أبو بكر ، وها أنا ذا! لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار ! .
وقال آخرون في ذلك بما : -
[ ص: 313 ]
8070 - حدثني به
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ،
عن ابن عباس : " nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم " ، فرجعوا فقالوا : والله لنأتينهم ، ثم لنقتلنهم! قد جرحوا منا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلا; فإنما أصابكم الذي أصابكم من أجل أنكم عصيتموني ! فبينما هم كذلك إذ أتاهم القوم قد ائتشبوا وقد اخترطوا سيوفهم ، فكان غم الهزيمة وغمهم حين أتوهم nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ، من القتل "ولا ما أصابكم" ، من الجراحة"فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا" الآية ، وهو يوم أحد .
قال
أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ، قول من قال : "معنى قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فأثابكم غما بغم " أيها المؤمنون ، بحرمان الله إياكم غنيمة المشركين والظفر بهم ، والنصر عليهم ، وما أصابكم من القتل والجراح يومئذ - بعد الذي كان قد أراكم في كل ذلك ما تحبون - بمعصيتكم ربكم وخلافكم أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم ، غم ظنكم أن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قتل ، وميل العدو عليكم بعد فلولكم منهم . .
والذي يدل على أن ذلك أولى بتأويل الآية مما خالفه ، قوله :
[ ص: 314 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " ، والفائت ، لا شك أنه هو ما كانوا رجوا الوصول إليه من غيرهم ، إما من ظهور عليهم بغلبهم ، وإما من غنيمة يحتازونها وأن قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153ولا ما أصابكم " ، هو ما أصابهم : إما في أبدانهم ، وإما في إخوانهم .
فإن كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن"الغم" الثاني هو معنى غير هذين . لأن الله عز وجل أخبر عباده المؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه أثابهم غما بغم لئلا يحزنهم ما نالهم من الغم الناشئ عما فاتهم من غيرهم ، ولا ما أصابهم قبل ذلك في أنفسهم ، وهو الغم الأول ، على ما قد بيناه قبل .
وأما قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " ، فإن تأويله على ما قد بينت ، من أنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم " ، فلم تدركوه مما كنتم ترجون إدراكه من عدوكم بالظفر عليهم والظهور ، وحيازة غنائمهم "ولا ما أصابكم" ، في أنفسكم . من جرح من جرح وقتل من قتل من إخوانكم .
وقد ذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه قبل على السبيل التي اختلفوا فيه ، كما : -
8071 - حدثنا
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " ، قال : على ما فاتكم من الغنيمة التي كنتم ترجون "ولا تحزنوا على ما أصابكم" ، من الهزيمة .
وأما قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153والله خبير بما تعملون " ، فإنه يعني جل ثناؤه : والله بالذي تعملون ، أيها المؤمنون - من إصعادكم في الوادي هربا من عدوكم ، وانهزامكم
[ ص: 315 ] منهم ، وترككم نبيكم وهو يدعوكم في أخراكم ، وحزنكم على ما فاتكم من عدوكم وما أصابكم في أنفسكم ذو خبرة وعلم ، وهو محص ذلك كله عليكم ، حتى يجازيكم به : المحسن منكم بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، أو يعفو عنه .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=treesubj&link=28974_30803nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 153 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ " ، يَعْنِي : فَجَازَاكُمْ بِفِرَارِكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ ، وَفَشَلِكُمْ عَنْ عَدُوِّكُمْ ، وَمَعْصِيَتِكُمْ رَبَّكُمْ "غَمًّا بِغَمٍّ" ، يَقُولُ : غَمًّا عَلَى غَمٍّ .
[ ص: 304 ]
وَسَمَّى الْعُقُوبَةَ الَّتِي عَاقَبَهُمْ بِهَا مِنْ تَسْلِيطِ عَدُّوِّهِمْ عَلَيْهِمْ حَتَّى نَالَ مِنْهُمْ مَا نَالَ"ثَوَابًا" ، إِذْ كَانَ عِوَضًا مِنْ عَمَلِهِمُ الَّذِي سَخِطَهُ وَلَمْ يَرْضَهُ مِنْهُمْ ، فَدَلَّ بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ كُلَّ عِوَضٍ كَانَ لِمُعَوَّضٍ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْعَمَلِ ، خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا أَوِ الْعِوَضِ الَّذِي بَذَلَهُ رَجُلٌ لِرَجُلٍ ، أَوْ يَدٍ سَلَفَتْ لَهُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ اسْمَ "ثَوَابٍ" ، كَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ تَكْرِمَةً أَوْ عُقُوبَةً ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
أَخَافُ زِيَادًا أَنْ يَكُونَ عَطَاؤُهُ أَدَاهِمَ سُودًا أَوْ مُحَدْرَجَةً سُمْرَا
فَجَعَلَ"الْعَطَاءَ" الْقُيُودَ . وَذَلِكَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِآخَرَ سَلَفَ إِلَيْهِ مِنْهُ مَكْرُوهٌ : "لَأُجَازِيَنَّكَ عَلَى فِعْلِكَ ، وَلَأُثِيبَنَّكَ ثَوَابَكَ" .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "غَمًّا بِغَمٍّ" ، فَإِنَّهُ قِيلَ : "غَمًّا بِغَمٍّ" ، مَعْنَاهُ : غَمًّا عَلَى غَمٍّ ، كَمَا قِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=71وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ) [ سُورَةُ طَهَ : 71 ] ، بِمَعْنَى : وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ . وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ ، لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ : "أَثَابَكَ اللَّهُ غَمًّا عَلَى غَمٍّ" ، جَزَاكَ اللَّهُ
[ ص: 305 ] غَمًّا بَعْدَ غَمٍّ تَقَدَّمَهُ ، فَكَانَ كَذَلِكَ مَعْنَى : "فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ" ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ : فَجَزَاكُمُ اللَّهُ غَمًّا بِعَقِبِ غَمٍّ تَقَدَّمَهُ ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْقَائِلِ : "نَزَلْتُ بِبَنِي فُلَانٍ ، وَنَزَلْتُ عَلَى بَنِي فُلَانٍ" ، "وَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ وَعَلَى السَّيْفِ" .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْغَمِّ الَّذِي أُثِيبَ الْقَوْمُ عَلَى الْغَمِّ ، وَمَا كَانَ غَمُّهُمُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي؟
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : "أَمَّا الْغَمُّ الْأَوَّلُ ، فَكَانَ مَا تَحَدَّثَ بِهِ الْقَوْمُ أَنَّ نَبِيَّهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قُتِلَ . وَأَمَّا الْغَمُّ الْآخَرُ ، فَإِنَّهُ كَانَ مَا نَالَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ" .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8059 - حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ " ، كَانُوا تَحَدَّثُوا يَوْمَئِذٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُصِيبَ ، وَكَانَ الْغَمُّ الْآخَرُ قَتْلَ أَصْحَابِهِمْ وَالْجِرَاحَاتِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سِتَّةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا مِنَ
الْأَنْصَارِ ، وَأَرْبَعَةٌ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ، يَقُولُ : مَا فَاتَكُمْ مِنْ غَنِيمَةِ الْقَوْمِ"وَلَا مَا أَصَابَكُمْ" ، فِي أَنْفُسِكُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْجِرَاحَاتِ .
8060 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ : "فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ" ، قَالَ : فَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ : الْأُولَى حِينَ سَمِعُوا الصَّوْتَ أَنَّ
مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ ، وَالثَّانِيَةُ حِينَ رَجَعَ الْكُفَّارُ ، فَضَرَبُوهُمْ مُدْبِرِينَ ، حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ سَبْعِينَ رَجُلًا ثُمَّ انْحَازُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلُوا يُصْعِدُونَ فِي الْجَبَلِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوهُمْ فِي أُخْرَاهُمْ .
[ ص: 306 ]
8061 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، نَحْوَهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : "بَلْ غَمُّهُمُ الْأَوَّلُ كَانَ قَتْلَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ وَجَرْحَ مَنْ جُرِحَ مِنْهُمْ . وَالْغَمُّ الثَّانِي كَانَ مِنْ سَمَاعِهِمْ صَوْتَ الْقَائِلِ : "قُتِلَ
مُحَمَّدٌ " ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8062 - حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153غَمًّا بِغَمٍّ " ، قَالَ : الْغَمُّ الْأَوَّلُ : الْجِرَاحُ وَالْقَتْلُ ، وَالْغَمُّ الثَّانِي حِينَ سَمِعُوا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قُتِلَ . فَأَنْسَاهُمُ الْغَمُّ الْآخَرُ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ ، وَمَا كَانُوا يَرْجُونَ مِنَ الْغَنِيمَةِ ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " .
8063 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ " ، قَالَ : الْغَمُّ الْأَوَّلُ الْجِرَاحُ وَالْقَتْلُ ، وَالْغَمُّ الْآخَرُ حِينَ سَمِعُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قُتِلَ . فَأَنْسَاهُمُ الْغَمُّ الْآخَرُ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ ، وَمَا كَانُوا يَرْجُونَ مِنَ الْغَنِيمَةِ ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " .
وَقَالَ آخَرُونَ : "بَلِ الْغَمُّ الْأَوَّلُ مَا كَانَ فَاتَهُمْ مِنَ الْفَتْحِ وَالْغَنِيمَةِ ، وَالثَّانِي إِشْرَافُ
أَبِي سُفْيَانَ عَلَيْهِمْ فِي الشِّعْبِ . وَذَلِكَ أَنَّ
أَبَا سُفْيَانَ - فِيمَا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ السِّيَرِ - لَمَّا أَصَابَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَصَابَ ، وَهَرَبَ الْمُسْلِمُونَ ، جَاءَ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِعْبِ
أُحُدٍ ، الَّذِي كَانُوا وَلَّوْا إِلَيْهِ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ ، فَخَافُوا أَنْ يَصْطَلِمَهُمْ
أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ .
[ ص: 307 ]
ذِكْرُ الْخَبَرِ بِذَلِكَ :
8064 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَالَ : انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ يَدْعُو النَّاسَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَصْحَابِ الصَّخْرَةِ . فَلَمَّا رَأَوْهُ ، وَضْعَ رَجُلٌ سَهْمًا فِي قَوْسِهِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْمِيَهُ ، فَقَالَ : "أَنَا رَسُولُ اللَّهِ!" ، فَفَرِحُوا بِذَلِكَ حِينَ وَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيًّا ، وَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ رَأَى أَنَّ فِي أَصْحَابِهِ مَنْ يَمْتَنِعُ . فَلَمَّا اجْتَمَعُوا وَفِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ذَهَبَ عَنْهُمُ الْحُزْنُ ، فَأَقْبَلُوا يَذْكُرُونَ الْفَتْحَ وَمَا فَاتَهُمْ مِنْهُ ، وَيَذْكُرُونَ أَصْحَابَهُمُ الَّذِينَ قُتِلُوا .
فَأَقْبَلَ
أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ ، فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ ، نَسُوا ذَلِكَ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ ، وَهَمَّهُمْ
أَبُو سُفْيَانَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810317 "لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا ، اللَّهُمَّ إِنْ تَقْتُلْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدُ"! ثُمَّ نَدَبَ أَصْحَابَهُ فَرَمَوْهُمْ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى أَنْزَلُوهُمْ ، فَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ يَوْمَئِذٍ : "اعْلُ هُبَلُ! حَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةَ ، وَيَوْمٌ بِيَوْمِ
بَدْرٍ "!
nindex.php?page=treesubj&link=30794وَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ حَنْظَلَةَ بْنَ الرَّاهِبِ ، وَكَانَ جُنُبًا فَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ ، وَكَانَ
حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ قُتِلَ يَوْمَ
بَدْرٍ وَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ : "لَنَا الْعُزَّى ، وَلَا عُزَّى لَكُمْ"! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعُمَرَ : "قُلِ اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ"! فَقَالَ
أَبُو سُفْيَانَ : فِيكُمْ
مُحَمَّدٌ؟ قَالُوا : نَعَمْ! قَالَ : "أَمَا إِنَّهَا قَدْ كَانَتْ فِيكُمْ مُثْلَةٌ ، مَا أَمَرْتُ بِهَا ، وَلَا نَهَيْتُ عَنْهَا ، وَلَا سَرَّتْنِي ، وَلَا سَاءَتْنِي"! فَذَكَرَ اللَّهُ إِشْرَافَ
أَبِي سُفْيَانَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " ، الْغَمُّ الْأَوَّلُ : مَا فَاتَهُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَتْحِ ، وَالْغَمُّ الثَّانِي :
[ ص: 308 ] إِشْرَافُ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ " ، مِنَ الْغَنِيمَةِ"وَلَا مَا أَصَابَكُمْ" مِنَ الْقَتْلِ حِينَ تَذْكُرُونَ . فَشَغَلَهُمْ
أَبُو سُفْيَانَ .
8065 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ ، nindex.php?page=showalam&ids=17038وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ ، nindex.php?page=showalam&ids=16276وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=15722وَالْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا ، فِيمَا ذَكَرُوا مِنْ حَدِيثِ
أُحُدٍ ، قَالُوا : كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ - لِمَا أَصَابَهُمْ فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْبَلَاءِ - أَثْلَاثًا ، ثُلُثٌ قَتِيلٌ ، وَثُلُثٌ جَرِيحٌ ، وَثُلُثٌ مُنْهَزِمٌ ، وَقَدْ بَلَغَتْهُ الْحَرْبُ حَتَّى مَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ وَحَتَّى خَلَصَ الْعَدُوُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُثَّ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى وَقَعَ لِشِقِّهِ ، وَأُصِيبَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ ، وَكُلِمَتْ شَفَتُهُ ، وَكَانَ الَّذِي أَصَابَهُ
عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَاصٍّ . وَقَاتَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ لِوَاؤُهُ حَتَّى قُتِلَ ، وَكَانَ الَّذِي أَصَابَهُ ابْنُ قَمِيئَةَ اللَّيْثِيُّ ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَجَعَ إِلَى
قُرَيْشٍ فَقَالَ : "قَتَلْتُ
مُحَمَّدًا " .
8066 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنِ
ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ وَقَوْلِ النَّاسِ : "قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" كَمَا حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ [ ص: 309 ] إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ قَالَ : عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ تُزْهِرَانِ تَحْتَ الْمِغْفَرِ ، فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي : "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ : أَبْشِرُوا ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"! فَأَشَارَ إِلَيَّ رُسُولُ اللَّهِ أَنْ أَنْصِتْ . فَلَمَّا عَرَفَ الْمُسْلِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَضُوا بِهِ ، وَنَهَضَ نَحْوَ الشِّعْبِ ، مَعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، nindex.php?page=showalam&ids=55nindex.php?page=treesubj&link=30799وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ، وَالْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ ، فِي رَهْطٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . .
قَالَ : فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ وَمَعَهُ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنْ أَصْحَابِهِ ، إِذْ عَلَتْ عَالِيَةٌ مَنْ
قُرَيْشٍ الْجَبَلَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=810318 "اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا"! فَقَاتَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَرَهْطٌ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، حَتَّى أَهْبَطُوهُمْ عَنِ الْجَبَلِ . وَنَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَخْرَةٍ مِنَ الْجَبَلِ لِيَعْلُوَهَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَدَّنَ ، فَظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ ، فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَنْهَضَ ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ ، جَلَسَ تَحْتَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، فَنَهَضَ حَتَّى اسْتَوَى عَلَيْهَا . .
ثُمَّ إِنَّ
أَبَا سُفْيَانَ حِينَ أَرَادَ الِانْصِرَافَ ، أَشْرَفَ عَلَى الْجَبَلِ ثُمَّ صَرَخَ بِأَعْلَى
[ ص: 310 ] صَوْتِهِ : "أَنْعَمْتَ فَعَالِ! إِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ ، يَوْمٌ بِيَوْمِ
بَدْرٍ ، اعْلُ هُبَلُ" ، أَيْ : أَظْهِرْ دِينَكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِعُمَرَ : "قُمْ فَأَجِبْهُ ، فَقُلِ : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ! لَا سَوَاءٌ! قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ"! فَلَمَّا أَجَابَ
عُمْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَبَا سُفْيَانَ ، قَالَ لَهُ
أَبُو سُفْيَانَ : "هَلُمَّ إِلَيَّ يَا
عُمْرُ "! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ائْتِهِ فَانْظُرْ مَا شَأْنُهُ"؟ فَجَاءَهُ ، فَقَالَ لَهُ
أَبُو سُفْيَانَ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا
عُمْرُ ، أَقَتَلْنَا
مُحَمَّدًا؟ فَقَالَ
عُمْرُ : اللَّهُمَّ لَا وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ كَلَامَكَ الْآنَ! . فَقَالَ : أَنْتَ أَصْدَقُ عِنْدِي مِنِ
ابْنِ قَمِيئَةَ وَأَبَرُّ! لِقَوْلِ
ابْنِ قَمِيئَةَ لَهُمْ : إِنِّي قَتَلْتُ
مُحَمَّدًا ثُمَّ نَادَى
أَبُو سُفْيَانَ ، فَقَالَ : إِنَّهُ قَدْ كَانَ فِي قَتْلَاكُمْ مُثْلَةٌ ، وَاللَّهِ مَا رَضِيتُ وَلَا سَخِطْتُ ، وَلَا نَهَيْتُ وَلَا أَمَرْتُ .
[ ص: 311 ]
8067 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَلَمَةُ قَالَ : حَدَّثَنِي
ابْنُ إِسْحَاقَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " ، أَيْ : كَرْبًا بَعْدَ كَرْبٍ ، قَتْلُ مَنْ قُتِلَ مِنْ إِخْوَانِكُمْ ، وَعُلُوُّ عَدُوِّكُمْ عَلَيْكُمْ ، وَمَا وَقَعَ فِي أَنْفُسِكُمْ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ : "قُتِلَ نَبِيُّكُمْ" ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَتَابَعَ عَلَيْكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ " ، مِنْ ظُهُورِكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ بَعْدَ أَنْ رَأَيْتُمُوهُ بِأَعْيُنِكُمْ"وَلَا مَا أَصَابَكُمْ" مِنْ قَتْلِ إِخْوَانِكُمْ ، حَتَّى فَرَّجْتُ بِذَلِكَ الْكَرْبِ عَنْكُمْ"
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " ، وَكَانَ الَّذِي فَرَّجَ بِهِ عَنْهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْكَرْبِ وَالْغَمِّ الَّذِي أَصَابَهُمْ ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ رَدَّ عَنْهُمْ كِذْبَةَ الشَّيْطَانِ بِقَتْلِ نَبِيِّهِمْ . فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ، هَانَ عَلَيْهِمْ مَا فَاتَهُمْ مِنَ الْقَوْمِ بَعْدَ الظُّهُورِ عَلَيْهِمْ ، وَالْمُصِيبَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ فِي إِخْوَانِهِمْ ، حِينَ صَرَفَ اللَّهُ الْقَتْلَ عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
8068 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ " ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ
مُجَاهِدٌ : أَصَابَ النَّاسَ حُزْنٌ وَغَمٌّ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ فِي أَصْحَابِهِمُ الَّذِينَ قُتِلُوا . فَلَمَّا تَوَلَّجُوا فِي الشِّعْبِ وَهُمْ مُصَابُونَ ، وَقَفَ
أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ بِبَابِ الشِّعْبِ ، فَظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ سَوْفَ يَمِيلُونَ عَلَيْهِمْ
[ ص: 312 ] فَيَقْتُلُونَهُمْ أَيْضًا ، فَأَصَابَهُمْ حُزْنٌ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَنْسَاهُمْ حُزْنَهُمْ فِي أَصْحَابِهِمْ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153عَلَى مَا فَاتَكُمْ " ، يَقُولُ : عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنْ غَنَائِمِ الْقَوْمِ"وَلَا مَا أَصَابَكُمْ" ، فِي أَنْفُسِكُمْ .
8069 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ . قَالَ : أَخْبَرَنِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ :
جَاءَ nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَمَنْ مَعَهُ ، حَتَّى وَقَفَ بِالشِّعْبِ ، ثُمَّ نَادَى : أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ؟ فَسَكَتُوا ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : قُتِلَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! ثُمَّ قَالَ : أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ فَسَكَتُوا ، فَقَالَ : قُتِلَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! ثُمَّ قَالَ : أَفِي الْقَوْمِ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؟ فَسَكَتُوا ، فَقَالَ : قُتِلَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : اعْلُ هُبَلُ ، يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ ، وَحَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةَ ، وَأَنْتُمْ وَاجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثَلًا لَمْ يَكُنْ عَنْ رَأْيِ سَرَاتِنَا وَخِيَارِنَا ، وَلَمْ نَكْرَهْهُ حِينَ رَأَيْنَاهُ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : قُمْ فَنَادِ فَقُلِ : اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ! نَعَمْ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ ، وَهَا أَنَا ذَا! لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ، قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ ! .
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : -
[ ص: 313 ]
8070 - حَدَّثَنِي بِهِ
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ " ، فَرَجَعُوا فَقَالُوا : وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ ، ثُمَّ لَنَقْتُلَنَّهُمْ! قَدْ جَرَحُوا مِنَّا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْلًا; فَإِنَّمَا أَصَابَكُمُ الَّذِي أَصَابَكُمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ عَصَيْتُمُونِي ! فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَتَاهُمُ الْقَوْمُ قَدِ ائْتَشَبُوا وَقَدِ اخْتَرَطُوا سُيُوفَهُمْ ، فَكَانَ غَمُّ الْهَزِيمَةِ وَغَمُّهُمْ حِينَ أَتَوْهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ، مِنَ الْقَتْلِ "وَلَا مَا أَصَابَكُمْ" ، مِنَ الْجِرَاحَةِ"فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا" الْآيَةَ ، وَهُوَ يَوْمُ أُحُدٍ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : "مَعْنَى قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ " أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ، بِحِرْمَانِ اللَّهِ إِيَّاكُمْ غَنِيمَةَ الْمُشْرِكِينَ وَالظَّفَرَ بِهِمْ ، وَالنَّصْرَ عَلَيْهِمْ ، وَمَا أَصَابَكُمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ يَوْمَئِذٍ - بَعْدَ الَّذِي كَانَ قَدْ أَرَاكُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَا تُحِبُّونَ - بِمَعْصِيَتِكُمْ رَبَّكُمْ وَخِلَافِكُمْ أَمْرَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، غَمَّ ظَنِّكُمْ أَنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قُتِلَ ، وَمَيْلِ الْعَدُوِّ عَلَيْكُمْ بَعْدَ فُلُولِكُمْ مِنْهُمْ . .
وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مِمَّا خَالَفَهُ ، قَوْلُهُ :
[ ص: 314 ] "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " ، وَالْفَائِتُ ، لَا شَكَّ أَنَّهُ هُوَ مَا كَانُوا رَجَوُا الْوُصُولَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِمْ ، إِمَّا مِنْ ظُهُورٍ عَلَيْهِمْ بِغَلَبِهِمْ ، وَإِمَّا مِنْ غَنِيمَةٍ يَحْتَازُونَهَا وَأَنَّ قَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " ، هُوَ مَا أَصَابَهُمْ : إِمَّا فِي أَبْدَانِهِمْ ، وَإِمَّا فِي إِخْوَانِهِمْ .
فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ"الْغَمَّ" الثَّانِيَ هُوَ مَعْنًى غَيْرُ هَذَيْنِ . لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ أَثَابَهُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِئَلَّا يُحْزِنَهُمْ مَا نَالَهُمْ مِنَ الْغَمِّ النَّاشِئِ عَمَّا فَاتَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ ، وَلَا مَا أَصَابَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِهِمْ ، وَهُوَ الْغَمُّ الْأَوَّلُ ، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَاهُ قَبْلُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " ، فَإِنَّ تَأْوِيلَهُ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنْتُ ، مِنْ أَنَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ " ، فَلَمْ تُدْرِكُوهُ مِمَّا كُنْتُمْ تَرْجُونَ إِدْرَاكَهُ مِنْ عَدُوِّكُمْ بِالظَّفَرِ عَلَيْهِمْ وَالظُّهُورِ ، وَحِيَازَةِ غَنَائِمِهِمْ "وَلَا مَا أَصَابَكُمْ" ، فِي أَنْفُسِكُمْ . مِنْ جُرْحِ مَنْ جُرِحَ وَقَتْلِ مَنْ قُتِلَ مِنْ إِخْوَانِكُمْ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِيهِ قَبْلُ عَلَى السَّبِيلِ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ، كَمَا : -
8071 - حَدَّثَنَا
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ " ، قَالَ : عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي كُنْتُمْ تَرْجُونَ "وَلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا أَصَابَكُمْ" ، مِنَ الْهَزِيمَةِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=153وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " ، فَإِنَّهُ يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَاللَّهُ بِالَّذِي تَعْمَلُونَ ، أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ - مِنْ إِصْعَادِكُمْ فِي الْوَادِي هَرَبًا مِنْ عَدُوِّكُمْ ، وَانْهِزَامِكُمْ
[ ص: 315 ] مِنْهُمْ ، وَتَرْكِكُمْ نَبِيَّكُمْ وَهُوَ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ ، وَحُزْنِكُمْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَمَا أَصَابَكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ذُو خِبْرَةٍ وَعِلْمٍ ، وَهُوَ مُحْصٍ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَيْكُمْ ، حَتَّى يُجَازِيَكُمْ بِهِ : الْمُحْسِنَ مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ ، وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ ، أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ .