القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28987_19881_19880nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين ( 30 ) )
يقول تعالى ذكره : وقيل للفريق الآخر ، الذين هم أهل إيمان وتقوى لله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا ) يقول : قالوا : أنزل خيرا . وكان بعض أهل العربية من
الكوفيين يقول : إنما اختلف الأعراب في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=24قالوا أساطير الأولين ) وقوله : ( خيرا ) والمسألة قبل الجوابين كليهما واحدة ، وهي قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30ماذا أنزل ربكم ) لأن الكفار جحدوا التنزيل ، فقالوا حين سمعوه : أساطير الأولين : أي هذا الذي جئت به أساطير الأولين ، ولم ينزل الله منه شيئا ، وأما المؤمنون فصدقوا التنزيل ، فقالوا خيرا ، بمعنى أنه أنزل خيرا ، فانتصب بوقوع الفعل من الله على
[ ص: 197 ] الخير ، فلهذا افترقا ثم ابتدأ الخبر فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) وقد بينا القول في ذلك فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) يقول تعالى ذكره : للذين آمنوا بالله في هذه الدنيا ورسوله ، وأطاعوه فيها ، ودعوا عباد الله إلى الإيمان والعمل بما أمر الله به ، حسنة ، يقول : كرامة من الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30ولدار الآخرة خير ) يقول : ولدار الآخرة خير لهم من دار الدنيا ، وكرامة الله التي أعدها لهم فيها أعظم من كرامته التي عجلها لهم في الدنيا (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30ولنعم دار المتقين ) يقول : ولنعم دار الذين خافوا الله في الدنيا فاتقوا عقابه بأداء فرائضه وتجنب معاصيه دار الآخرة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) وهؤلاء مؤمنون ، فيقال لهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30ماذا أنزل ربكم ) فيقولون (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ) : أي آمنوا بالله وأمروا بطاعة الله ، وحثوا أهل طاعة الله على الخير ودعوهم إليه .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28987_19881_19880nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ( 30 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَقِيلَ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ ، الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ إِيمَانٍ وَتَقْوًى لِلَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا ) يَقُولُ : قَالُوا : أَنْزَلَ خَيْرًا . وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ مِنَ
الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ : إِنَّمَا اخْتَلَفَ الْأَعْرَابُ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=24قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) وَقَوْلُهُ : ( خَيْرًا ) وَالْمَسْأَلَةُ قَبْلَ الْجَوَابَيْنَ كِلَيْهِمَا وَاحِدَةٌ ، وَهِيَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) لِأَنَّ الْكُفَّارَ جَحَدُوا التَّنْزِيلَ ، فَقَالُوا حِينَ سَمِعُوهُ : أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ : أَيْ هَذَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ، وَلِمْ يُنْزِلِ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَصَدَّقُوا التَّنْزِيلَ ، فَقَالُوا خَيْرًا ، بِمَعْنَى أَنَّهُ أَنْزَلَ خَيْرًا ، فَانْتَصَبَ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ مِنَ اللَّهِ عَلَى
[ ص: 197 ] الْخَيْرِ ، فَلِهَذَا افْتَرَقَا ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَرَ فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ) وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : لِلَّذِينِ آمَنُوا بِاللَّهِ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَرَسُولِهِ ، وَأَطَاعُوهُ فِيهَا ، وَدَعَوْا عِبَادَ اللَّهِ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ، حَسَنَةٌ ، يَقُولُ : كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ ) يَقُولُ : وَلِدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا ، وَكَرَامَةُ اللَّهِ الَّتِي أَعَدَّهَا لَهُمْ فِيهَا أَعْظَمُ مِنْ كَرَامَتِهِ الَّتِي عَجَّلَهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ) يَقُولُ : وَلِنِعْمَ دَارُ الَّذِينَ خَافُوا اللَّهَ فِي الدُّنْيَا فَاتَّقَوْا عِقَابَهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَتَجَنُّبِ مَعَاصِيهِ دَارُ الْآخِرَةِ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ ، قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ) وَهَؤُلَاءِ مُؤْمِنُونَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) فَيَقُولُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=30خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ) : أَيْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَأَمَرُوا بِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَحَثُّوا أَهْلَ طَاعَةِ اللَّهِ عَلَى الْخَيْرِ وَدَعَوْهُمْ إِلَيْهِ .