القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30539nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90وللكافرين عذاب مهين ( 90 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90وللكافرين عذاب مهين ) ، وللجاحدين نبوة
محمد صلى الله عليه وسلم من الناس كلهم ، عذاب من الله ، إما في الآخرة ، وإما في الدنيا والآخرة ، ( مهين ) هو المذل صاحبه ، المخزي ، الملبسه هوانا وذلة .
فإن قال قائل : أي عذاب هو غير مهين صاحبه ، فيكون للكافرين المهين منه؟!
قيل : إن المهين هو الذي قد بينا أنه المورث صاحبه ذلة وهوانا ، الذي يخلد فيه صاحبه ، لا ينتقل من هوانه إلى عز وكرامة أبدا ، وهو الذي خص الله به أهل الكفر به وبرسله . وأما الذي هو غير مهين صاحبه ، فهو ما كان تمحيصا لصاحبه . وذلك هو كالسارق من أهل الإسلام ، يسرق ما يجب عليه به القطع فتقطع يده ، والزاني منهم يزني فيقام عليه الحد ، وما أشبه ذلك من العذاب والنكال الذي جعله الله كفارات للذنوب التي عذب بها أهلها ، وكأهل الكبائر من أهل
[ ص: 348 ] الإسلام الذين يعذبون في الآخرة بمقادير جرائمهم التي ارتكبوها ، ليمحصوا من ذنوبهم ، ثم يدخلون الجنة! فإن كل ذلك ، وإن كان عذابا ، فغير مهين من عذب به ؛ إذ كان تعذيب الله إياه به ليمحصه من آثامه ، ثم يورده معدن العز والكرامة ، ويخلده في نعيم الجنان .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30539nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ( 90 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ) ، وَلِلْجَاحِدِينَ نُبُوَّةَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ، عَذَابٌ مِنَ اللَّهِ ، إِمَّا فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، ( مُهِينٌ ) هُوَ الْمُذِلُّ صَاحِبَهُ ، الْمُخْزِي ، الْمُلْبِسُهُ هَوَانًا وَذِلَّةً .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : أَيُّ عَذَابٍ هُوَ غَيْرُ مُهِينٍ صَاحِبَهُ ، فَيَكُونُ لِلْكَافِرِينَ الْمُهِينُ مِنْهُ؟!
قِيلَ : إِنَّ الْمُهِينَ هُوَ الَّذِي قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ الْمُورِثُ صَاحِبَهُ ذِلَّةً وَهَوَانًا ، الَّذِي يُخَلَّدُ فِيهِ صَاحِبُهُ ، لَا يَنْتَقِلُ مِنْ هَوَانِهِ إِلَى عِزٍّ وَكَرَامَةٍ أَبَدًا ، وَهُوَ الَّذِي خَصَّ اللَّهُ بِهِ أَهْلَ الْكُفْرِ بِهِ وَبِرُسُلِهِ . وَأَمَّا الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُهِينٍ صَاحِبَهُ ، فَهُوَ مَا كَانَ تَمْحِيصًا لِصَاحِبِهِ . وَذَلِكَ هُوَ كَالسَّارِقِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، يَسْرِقُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِهِ الْقَطْعُ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ، وَالزَّانِي مِنْهُمْ يَزْنِي فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ كَفَّارَاتٍ لِلذُّنُوبِ الَّتِي عُذِّبَ بِهَا أَهْلُهَا ، وَكَأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أَهْلِ
[ ص: 348 ] الْإِسْلَامِ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ بِمَقَادِيرِ جَرَائِمِهِمُ الَّتِي ارْتَكَبُوهَا ، لِيُمَحَّصُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ ، ثُمَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ! فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ عَذَابًا ، فَغَيْرُ مُهِينٍ مَنْ عُذِّبَ بِهِ ؛ إِذْ كَانَ تَعْذِيبُ اللَّهِ إِيَّاهُ بِهِ لِيُمَحِّصَهُ مِنْ آثَامِهِ ، ثُمَّ يُورِدَهُ مَعْدِنَ الْعِزِّ وَالْكَرَامَةِ ، وَيُخَلِّدَهُ فِي نَعِيمِ الْجِنَانِ .