[ ص: 132 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28973تأويل قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )
قال
أبو جعفر : وهذا
nindex.php?page=treesubj&link=19734تعليم من الله - عز وجل - عباده المؤمنين دعاءه كيف يدعونه ، وما يقولونه في دعائهم إياه . ومعناه : قولوا : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا " شيئا فرضت علينا عمله فلم نعمله " أو أخطأنا " في فعل شيء نهيتنا عن فعله ففعلناه ، على غير قصد منا إلى معصيتك ، ولكن على جهالة منا به وخطأ ، كما : -
6509 - حدثني
يونس قال أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " إن نسينا شيئا مما افترضته علينا أو أخطأنا ، [ فأصبنا ] شيئا مما حرمته علينا .
6510 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال أخبرنا
عبد الرزاق قال أخبرنا
معمر عن
قتادة في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، قال : بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811343إن الله - عز وجل - تجاوز لهذه الأمة عن نسيانها وما حدثت به أنفسها .
6511 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط قال زعم
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي أن هذه الآية حين نزلت : " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " قال له جبريل - صلى الله عليه وسلم - : فقل ذلك يا محمد . [ ص: 133 ]
قال
أبو جعفر : إن قال لنا قائل : وهل يجوز أن يؤاخذ الله - عز وجل - عباده بما نسوا أو أخطئوا ، فيسألوه أن لا يؤاخذهم بذلك ؟
قيل : إن " النسيان " على وجهين : أحدهما على وجه التضييع من العبد والتفريط ، والآخر على وجه عجز الناسي عن حفظ ما استحفظ ووكل به ، وضعف عقله عن احتماله .
فأما الذي يكون من العبد على وجه التضييع منه والتفريط ، فهو ترك منه لما أمر بفعله . فذلك الذي يرغب العبد إلى الله - عز وجل - في تركه مؤاخذته به ، وهو " النسيان " الذي عاقب الله - عز وجل - به
آدم صلوات الله عليه فأخرجه من الجنة ، فقال في ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=115ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ) [ سورة طه : 115 ] ، وهو " النسيان " الذي قال - جل ثناؤه - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=51فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ) [ سورة الأعراف : 51 ] . فرغبة العبد إلى الله - عز وجل - بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " فيما كان من نسيان منه لما أمر بفعله على هذا الوجه الذي وصفنا ، ما لم يكن تركه ما ترك من ذلك تفريطا منه فيه وتضييعا كفرا بالله - عز وجل - . فإن ذلك إذا كان كفرا بالله ، فإن الرغبة إلى الله في تركه المؤاخذة به غير جائزة ، لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28675_32482الله - عز وجل - قد أخبر عباده أنه لا يغفر لهم الشرك به ، فمسألته فعل ما قد أعلمهم أنه لا يفعله خطأ . وإنما تكون مسألته المغفرة فيما كان من مثل نسيانه القرآن بعد حفظه بتشاغله عنه وعن قراءته ، ومثل نسيانه صلاة أو صياما باشتغاله عنهما بغيرهما حتى ضيعهما .
وأما الذي العبد به غير مؤاخذ لعجز بنيته عن حفظه ، وقلة احتمال عقله ما وكل بمراعاته ، فإن ذلك من العبد غير معصية ، وهو به غير آثم ، فذلك الذي لا وجه لمسألة العبد ربه أن يغفره له ، لأنه مسألة منه له أن يغفر له ما ليس له بذنب ، وذلك مثل الأمر يغلب عليه وهو حريص على تذكره وحفظه ، كالرجل
[ ص: 134 ] يحرص على حفظ القرآن بجد منه فيقرأه ، ثم ينساه بغير تشاغل منه بغيره عنه ، ولكن بعجز بنيته عن حفظه ، وقلة احتمال عقله ذكر ما أودع قلبه منه ، وما أشبه ذلك من النسيان ، فإن ذلك مما لا تجوز مسألة الرب مغفرته ، لأنه لا ذنب للعبد فيه فيغفر له باكتسابه .
وكذلك " الخطأ " وجهان :
أحدهما : من وجه ما نهي عنه العبد فيأتيه بقصد منه وإرادة ، فذلك خطأ منه ، وهو به مأخوذ . يقال منه : " خطئ فلان وأخطأ " فيما أتى من الفعل ، و " أثم " إذا أتى ما يأثم فيه وركبه ، ومنه قول الشاعر :
الناس يلحون الأمير إذا هم خطئوا الصواب ولا يلام المرشد
يعني : أخطئوا الصواب ، وهذا الوجه الذي يرغب العبد إلى ربه في صفح ما كان منه من إثم عنه ، إلا ما كان من ذلك كفرا .
والآخر منهما : ما كان عنه على وجه الجهل به ، والظن منه بأن له فعله كالذي يأكل في شهر رمضان ليلا وهو يحسب أن الفجر لم يطلع أو يؤخر
[ ص: 135 ] صلاة في يوم غيم وهو ينتظر بتأخيره إياها دخول وقتها ، فيخرج وقتها وهو يرى أن وقتها لم يدخل ، فإن ذلك من الخطأ الموضوع عن العبد الذي وضع الله - عز وجل - عن عباده الإثم فيه ، فلا وجه لمسألة العبد ربه أن لا يؤاخذه به .
وقد زعم قوم أن مسألة العبد ربه أن لا يؤاخذه بما نسي أو أخطأ ، إنما هو فعل منه لما أمره به ربه تبارك وتعالى ، أو لما ندبه إليه من التذلل له والخضوع بالمسألة ، فأما على وجه مسألته الصفح ، فما لا وجه له عندهم
وللبيان عن هؤلاء كتاب سنأتي فيه إن شاء الله على ما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه .
[ ص: 132 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=19734تَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ دُعَاءَهُ كَيْفَ يَدْعُونَهُ ، وَمَا يَقُولُونَهُ فِي دُعَائِهِمْ إِيَّاهُ . وَمَعْنَاهُ : قُولُوا : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا " شَيْئًا فَرَضْتَ عَلَيْنَا عَمَلَهُ فَلَمْ نَعْمَلْهُ " أَوْ أَخْطَأَنَا " فِي فِعْلِ شَيْءٍ نَهَيْتَنَا عَنْ فِعْلِهِ فَفَعَلْنَاهُ ، عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ مِنَّا إِلَى مَعْصِيَتِكَ ، وَلَكِنْ عَلَى جَهَالَةٍ مِنَّا بِهِ وَخَطَأٍ ، كَمَا : -
6509 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : " رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذُنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " إِنْ نَسِينَا شَيْئًا مِمَّا افْتَرَضْتَهُ عَلَيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا ، [ فَأَصَبْنَا ] شَيْئًا مِمَّا حَرَّمْتَهُ عَلَيْنَا .
6510 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ، قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=811343إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - تَجَاوَزَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَنْ نِسْيَانِهَا وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا .
6511 - حَدَّثَنِي
مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ قَالَ زَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ حِينَ نَزَلَتْ : " nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : فَقُلْ ذَلِكَ يَا مُحَمَّدُ . [ ص: 133 ]
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : إِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ : وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُؤَاخِذَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عِبَادَهُ بِمَا نَسُوا أَوْ أَخْطَئُوا ، فَيَسْأَلُوهُ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُمْ بِذَلِكَ ؟
قِيلَ : إِنَّ " النِّسْيَانَ " عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِ التَّضْيِيعِ مِنَ الْعَبْدِ وَالتَّفْرِيطِ ، وَالْآخِرُ عَلَى وَجْهِ عَجْزِ النَّاسِي عَنْ حِفْظِ مَا اسْتُحْفِظَ وَوُكِّلَ بِهِ ، وَضَعْفِ عَقْلِهِ عَنِ احْتِمَالِهِ .
فَأَمَّا الَّذِي يَكُونُ مِنَ الْعَبْدِ عَلَى وَجْهِ التَّضْيِيعِ مِنْهُ وَالتَّفْرِيطِ ، فَهُوَ تَرْكٌ مِنْهُ لِمَا أُمِرَ بِفِعْلِهِ . فَذَلِكَ الَّذِي يُرَغِّبُ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي تَرْكِهِ مُؤَاخَذَتَهُ بِهِ ، وَهُوَ " النِّسْيَانُ " الَّذِي عَاقَبَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِهِ
آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=115وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) [ سُورَةُ طه : 115 ] ، وَهُوَ " النِّسْيَانُ " الَّذِي قَالَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=51فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا ) [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 51 ] . فَرَغْبَةُ الْعَبْدِ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " فِيمَا كَانَ مِنْ نِسْيَانٍ مِنْهُ لِمَا أُمِرَ بِفِعْلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي وَصَفْنَا ، مَا لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ مَا تَرَكَ مِنْ ذَلِكَ تَفْرِيطًا مِنْهُ فِيهِ وَتَضْيِيعًا كُفْرًا بِاللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - . فَإِنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ كُفْرًا بِاللَّهِ ، فَإِنَّ الرَّغْبَةَ إِلَى اللَّهِ فِي تَرْكِهِ الْمُؤَاخَذَةَ بِهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ ، لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28675_32482اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ أَخْبَرَ عِبَادَهُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لَهُمُ الشِّرْكَ بِهِ ، فَمَسْأَلَتُهُ فِعْلَ مَا قَدْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ خَطَأٌ . وَإِنَّمَا تَكُونُ مَسْأَلَتُهُ الْمَغْفِرَةَ فِيمَا كَانَ مِنْ مِثْلِ نِسْيَانِهِ الْقُرْآنَ بَعْدَ حِفْظِهِ بِتَشَاغُلِهِ عَنْهُ وَعَنْ قِرَاءَتِهِ ، وَمِثْلَ نِسْيَانِهِ صَلَاةً أَوْ صِيَامًا بِاشْتِغَالِهِ عَنْهُمَا بِغَيْرِهِمَا حَتَّى ضَيَّعَهُمَا .
وَأَمَّا الَّذِي الْعَبْدُ بِهِ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ لِعَجْزِ بِنْيَتِهِ عَنْ حِفْظِهِ ، وَقِلَّةِ احْتِمَالِ عَقْلِهِ مَا وُكِّلَ بِمُرَاعَاتِهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْعَبْدِ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ ، وَهُوَ بِهِ غَيْرُ آثِمٍ ، فَذَلِكَ الَّذِي لَا وَجْهَ لِمَسْأَلَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ لَهُ ، لِأَنَّهُ مَسْأَلَةٌ مِنْهُ لَهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِذَنْبٍ ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْأَمْرِ يَغْلِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ حَرِيصٌ عَلَى تَذَكُّرِهِ وَحِفْظِهِ ، كَالرَّجُلِ
[ ص: 134 ] يَحْرِصُ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ بِجِدٍّ مِنْهُ فَيَقْرَأُهُ ، ثُمَّ يَنْسَاهُ بِغَيْرِ تَشَاغُلٍ مِنْهُ بِغَيْرِهِ عَنْهُ ، وَلَكِنْ بِعَجْزِ بِنْيَتِهِ عَنْ حِفْظِهِ ، وَقِلَّةِ احْتِمَالِ عَقْلِهِ ذِكْرَ مَا أَوْدَعَ قَلْبَهُ مِنْهُ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ النِّسْيَانِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَجُوزُ مَسْأَلَةُ الرَّبِّ مَغْفِرَتَهُ ، لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لِلْعَبْدِ فِيهِ فَيَغْفِرُ لَهُ بِاكْتِسَابِهِ .
وَكَذَلِكَ " الْخَطَأُ " وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : مِنْ وَجْهِ مَا نُهِيَ عَنْهُ الْعَبْدُ فَيَأْتِيهِ بِقَصْدٍ مِنْهُ وَإِرَادَةٍ ، فَذَلِكَ خَطَأٌ مِنْهُ ، وَهُوَ بِهِ مَأْخُوذٌ . يُقَالُ مِنْهُ : " خُطِّئَ فُلَانٌ وَأَخْطَأَ " فِيمَا أَتَى مِنَ الْفِعْلِ ، وَ " أَثِمَ " إِذَا أَتَى مَا يَأْثَمُ فِيهِ وَرَكِبَهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
النَّاسُ يَلْحَوْنَ الْأَمِيرِ إِذَا هُمُ خَطِئُوا الصَّوَابَ وَلَا يُلَامُ الْمُرْشَدُ
يَعْنِي : أَخْطَئُوا الصَّوَابَ ، وَهَذَا الْوَجْهُ الَّذِي يُرْغَبُ الْعَبْدَ إِلَى رَبِّهِ فِي صَفْحِ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ إِثْمٍ عَنْهُ ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ كُفْرًا .
وَالْآخَرُ مِنْهُمَا : مَا كَانَ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ الْجَهْلِ بِهِ ، وَالظَّنِّ مِنْهُ بِأَنَّ لَهُ فِعْلَهُ كَالَّذِي يَأْكُلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلًا وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ أَوْ يُؤَخِّرْ
[ ص: 135 ] صَلَاةً فِي يَوْمِ غَيْمٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ بِتَأْخِيرِهِ إِيَّاهَا دُخُولَ وَقْتِهَا ، فَيَخْرُجُ وَقْتَهَا وَهُوَ يَرَى أَنَّ وَقْتَهَا لَمْ يَدْخُلْ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْخَطَأِ الْمَوْضُوعِ عَنِ الْعَبْدِ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَنْ عِبَادِهِ الْإِثْمَ فِيهِ ، فَلَا وَجْهَ لِمَسْأَلَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ بِهِ .
وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ رَبَّهُ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ بِمَا نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ ، إِنَّمَا هُوَ فِعْلٌ مِنْهُ لِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، أَوْ لِمَا نَدَبَهُ إِلَيْهِ مِنَ التَّذَلُّلِ لَهُ وَالْخُضُوعِ بِالْمَسْأَلَةِ ، فَأَمَّا عَلَى وَجْهِ مَسْأَلَتِهِ الصَّفْحَ ، فَمَا لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَهُمْ
وَلِلْبَيَانِ عَنْ هَؤُلَاءِ كِتَابٌ سَنَأْتِي فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ .