[ ص: 163 ] ) ( ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون ( 37 ) قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ( 38 ) )
( ارجع إليهم ) بالهدية ( فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم ) لا طاقة لهم ) ( بها ولنخرجنهم منها ) أي : من أرضهم وبلادهم وهي سبأ ) ( أذلة وهم صاغرون ) ذليلون إن لم يأتوني مسلمين . قال وهب وغيره من أهل الكتب : فلما رجعت رسل بلقيس إليها من عند سليمان ، قالت : قد عرفت - والله - ما هذا بملك وما لنا به طاقة ، فبعثت إلى سليمان إني قادمة عليك بملوك قومي حتى أنظر ما أمرك وما تدعو إليه من دينك ، ثم أمرت بعرشها فجعل في آخر سبعة أبيات بعضها في بعض في آخر قصر من سبعة قصور لها ، ثم أغلقت دونه الأبواب ، ووكلت به حراسا يحفظونه ، ثم قالت لمن خلفت على سلطانها : احتفظ بما قبلك وسرير ملكي ، لا يخلص إليه أحد ولا يرينه حتى آتيك ، ثم أمرت مناديا ينادي في أهل مملكتها يؤذنهم بالرحيل ، وشخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن ، تحت يدي كل قيل ألوف كثيرة . قال ابن عباس : وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه ، فخرج يوما فجلس على سرير ملكه ، فرأى رهجا قريبا منه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : بلقيس وقد نزلت منا بهذا المكان ، وكان على مسيرة فرسخ من سليمان ، قال ابن عباس : وكان بين الكوفة والحيرة قدر فرسخ ، فأقبل سليمان حينئذ على جنوده . ( قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ) أي : مؤمنين ، وقال ابن عباس : طائعين . واختلفوا في السبب الذي لأجله أمر سليمان بإحضار عرشها ، فقال أكثرهم : لأن سليمان علم أنها إن أسلمت يحرم عليه مالها ، فأراد أن يأخذ سريرها قبل أن يحرم عليه أخذه بإسلامها . وقيل : ليريها قدرة الله - عز وجل - وعظم سلطانه في معجزة يأتي بها في عرشها . [ ص: 164 ]
وقال قتادة : لأنه أعجبته صفته لما وصفه الهدهد ، فأحب أن يراه . قال ابن زيد : أراد أن يأمر بتنكيره وتغييره ليختبر بذلك عقلها .