[ ص: 211 ] ( وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون ( 46 ) ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ( 47 ) )
وما كنت بجانب الطور ) بناحية الجبل الذي كلم الله عليه ( موسى ، ( إذ نادينا ) قيل : إذ نادينا موسى : خذ الكتاب بقوة . وقال وهب : قال موسى : يا رب أرني محمدا ، قال : إنك لن تصل إلى ذلك ، وإن شئت ناديت أمته وأسمعتك صوتهم ، قال : بلى يا رب ، قال الله تعالى : يا أمة محمد فأجابوه من أصلاب آبائهم وقال : ونادى يا أمة أبو زرعة بن عمرو بن جرير محمد قد أجبتكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني .
وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ورفعه بعضهم - ، قال الله : يا أمة محمد ، فأجابوه من أصلاب الآباء وأرحام الأمهات : لبيك اللهم لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك . قال الله تعالى : يا أمة محمد إن رحمتي سبقت غضبي وعفوي سبق عقابي ، قد أعطيتكم من قبل أن تسألوني وقد أجبتكم من قبل أن تدعوني ، وقد غفرت لكم من قبل أن تعصوني ، من جاءني يوم القيامة بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبدي ورسولي دخل الجنة ، وإن كانت ذنوبه أكثر من زبد البحر . قوله تعالى : ( ولكن رحمة من ربك ) أي : ولكن رحمناك رحمة بإرسالك والوحي إليك وإطلاعك على الأخبار الغائبة عنك ، ( لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك ) يعني : أهل مكة ، ( لعلهم يتذكرون )
( ولولا أن تصيبهم مصيبة ) عقوبة ونقمة ، ( بما قدمت أيديهم ) من الكفر والمعصية ، [ ص: 212 ] ( فيقولوا ربنا لولا ) هلا ( أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ) وجواب " لولا " محذوف ، أي : لعاجلناهم بالعقوبة ، يعني : لولا أنهم يحتجون بترك الإرسال إليهم لعاجلناهم بالعقوبة بكفرهم . وقيل : معناه لما بعثناك إليهم رسولا ولكن بعثناك إليهم لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل .