[ ص: 171 ] ( ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ( 23 ) فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ( 24 ) وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ( 25 ) وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ( 26 ) فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ( 27 ) )
قوله تعالى : ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم ) أهلككم ، أي : ظنكم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون - أرداكم . قال ابن عباس : طرحكم في النار ، ( فأصبحتم من الخاسرين . ) ثم أخبر عن حالهم فقال :
( فإن يصبروا فالنار مثوى لهم ) مسكن لهم ، ( وإن يستعتبوا ) يسترضوا ويطلبوا العتبى ، ( فما هم من المعتبين ) المرضين ، والمعتب الذي قبل عتابه وأجيب إلى ما سأل . يقال : أعتبني فلان ، أي : أرضاني بعد إسخاطه إياي ، واستعتبته : طلبت منه أن يعتب أي : يرضى .
( وقيضنا لهم ) أي : بعثنا ووكلنا . وقال مقاتل : هيأنا . وقال الزجاج : سببنا لهم . ( قرناء ) نظراء من الشياطين حتى أضلوهم ، ( فزينوا لهم ما بين أيديهم ) من أمر الدنيا حتى آثروه على الآخرة ، ( وما خلفهم ) من أمر الآخرة فدعوهم إلى التكذيب به وإنكار البعث ، ( وحق عليهم القول في أمم ) [ مع أمم . ( قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ) .
( وقال الذين كفروا ) من مشركي قريش ، ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) قال ابن عباس : يعني الغطوا فيه ، وكان بعضهم يوصي إلى بعض إذا رأيتم محمدا يقرأ فعارضوه بالرجز والشعر واللغو . قال مجاهد : والغوا فيه بالمكاء والصفير . وقال الضحاك : أكثروا الكلام فيختلط عليه ما يقول . وقال : صيحوا في وجهه . ( السدي لعلكم تغلبون ) محمدا على قراءته .
( فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي ) يعني بأسوأ الذي ، أي : بأقبح الذي ، ( كانوا يعملون ) في الدنيا وهو الشرك بالله .