( ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ( 27 ) كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ( 28 ) هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم ( 29 ) )
فقال ( الذين ينقضون ) يخالفون ويتركون وأصل النقض الكسر ( عهد الله ) أمر الله الذي عهد إليهم يوم الميثاق بقوله : ألست بربكم قالوا بلى " ( 173 - الأعراف ) وقيل أراد به أن يؤمنوا العهد الذي أخذه على النبيين وسائر الأمم بمحمد صلى الله عليه وسلم في قوله : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين " ( 81 - آل عمران ) الآية وقيل أراد به العهد الذي عهد إليهم في التوراة أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ويبينوا نعته ( من بعد ميثاقه ) توكيده . والميثاق العهد المؤكد ( ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ) يعني بمحمد صلى الله عليه وسلم وبجميع الرسل عليهم السلام لأنهم قالوا نؤمن ببعض ونكفر ببعض وقال المؤمنون " الإيمان لا نفرق بين أحد من رسله " ( 285 - البقرة ) وقيل أراد به الأرحام ( ويفسدون في الأرض ) بالمعاصي وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن ( أولئك هم الخاسرون ) المغبونون ثم قال لمشركي العرب على وجه التعجب
( كيف تكفرون بالله ) بعد نصب الدلائل ووضوح البراهين ثم ذكر الدلائل فقال ( وكنتم أمواتا ) نطفا في أصلاب آبائكم ( فأحياكم ) في الأرحام والدنيا ( ثم يميتكم ) عند انقضاء آجالكم ( ثم يحييكم ) للبعث ( ثم إليه ترجعون ) أي تردون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم . [ ص: 78 ]
قرأ يعقوب ترجعون في كل القرآن بفتح الياء والتاء على تسمية الفاعل
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) لكي تعتبروا وتستدلوا وقيل لكي تنتفعوا ( قوله تعالى ( ثم استوى إلى السماء ) قال ابن عباس وأكثر مفسري السلف أي ارتفع إلى السماء . وقال ابن كيسان والفراء وجماعة من النحويين أي أقبل على خلق السماء . وقيل قصد لأنه خلق الأرض أولا ثم عمد إلى خلق السماء ( فسواهن سبع سماوات ) خلقهن مستويات لا فطور فيها ولا صدع ( وهو بكل شيء عليم ) قرأ أبو جعفر وأبو عمرو والكسائي وهو وهي بسكون الهاء إذا كان قبل الهاء واو أو فاء أو لام زاد وقالون الكسائي : ثم هو وقالون : أن يمل هو ( 282 - البقرة ) وقالون