( أفتمارونه على ما يرى    ( 12 ) ولقد رآه نزلة أخرى    ( 13 ) عند سدرة المنتهى    ( 14 ) ) 
( أفتمارونه على ما يرى     ) قرأ حمزة   والكسائي  ويعقوب :    " أفتمرونه " بفتح التاء [ وسكون الميم ] بلا ألف ، أي : أفتجحدونه ، تقول العرب : مريت الرجل حقه إذا جحدته ، وقرأ الآخرون : " أفتمارونه " بالألف وضم التاء على معنى أفتجادلونه على ما يرى وذلك أنهم جادلوه حين أسري به ، فقالوا : صف لنا بيت المقدس ،  وأخبرنا عن عيرنا في الطريق وغير ذلك مما جادلوه به ، والمعنى : أفتجادلونه جدالا ترومون به دفعه عما رآه وعلمه . 
( ولقد رآه نزلة أخرى    ) يعني : رأى جبريل  في صورته التي خلق عليها  نازلا من السماء نزلة أخرى ، وذلك أنه رآه في صورته مرتين ، مرة في الأرض ومرة في السماء . 
( عند سدرة المنتهى    ) وعلى قول ابن عباس  معنى : " نزلة أخرى " هو أنه كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - عرجات في تلك الليلة لمسألة التخفيف من أعداد الصلوات ، فيكون لكل عرجة نزلة ، فرأى ربه   [ ص: 405 ] في بعضها ، وروينا عنه :   " أنه رأى ربه بفؤاده مرتين " وعنه : " أنه رأى بعينه " قوله : " عند سدرة المنتهى " روينا عن  عبد الله بن مسعود  قال : لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى سدرة المنتهى  وهي في السماء السابعة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ، قال تعالى : " عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى " ، قال : فراش من ذهب   . 
وروينا في حديث المعراج :   " ثم صعد بي إلى السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام فسلمت عليه ، ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة "   . 
" والسدرة " شجرة النبق ، وقيل لها : سدرة المنتهى لأنه إليها ينتهي علم الخلق . قال هلال بن [ يساف    ] : سأل ابن عباس  كعبا  عن سدرة المنتهى وأنا حاضر ، فقال كعب    : إنها سدرة في أصل العرش على رءوس حملة العرش وإليها ينتهي علم الخلائق ، وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله   . 
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ،  أخبرنا  أبو إسحاق الثعلبي ،  أخبرني ابن فنجويه ،  حدثنا ابن شيبة ،  حدثنا المسوحي ،  حدثنا عبيد بن يعيش ،  حدثنا  يونس بن بكير ،  أخبرنا محمد بن إسحاق  عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير  عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبي بكر  قالت : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر سدرة المنتهى ، قال :   " يسير الراكب في ظل الفنن منها مائة عام ويستظل في الفنن منها مائة ألف راكب ، فيها فراش من ذهب ، كأن ثمرها القلال " . 
وقال مقاتل    : هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار من جميع الألوان ، لو أن ورقة وضعت منها في الأرض لأضاءت لأهل الأرض ، وهي طوبى التي ذكرها الله تعالى في سورة الرعد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					