[ ص: 37 ] ( مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ( 15 ) ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ( 16 ) )
( فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ) قرأ أبو جعفر ، وابن عامر ، ويعقوب : " تؤخذ " بالتاء ، وقرأ الآخرون بالياء ( فدية ) بدل وعوض بأن تفدوا أنفسكم من العذاب ( ولا من الذين كفروا ) يعني المشركين ( مأواكم النار هي مولاكم ) صاحبكم وأولى بكم ، لما أسلفتم من الذنوب ( وبئس المصير ) قوله - عز وجل - : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ) قال الكلبي ومقاتل : نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذات يوم فقالوا : حدثنا عن التوراة فإن فيها العجائب فنزلت : " نحن نقص عليك أحسن القصص " ( يوسف - 3 ) فأخبرهم أن القرآن أحسن قصصا من غيره ، فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله ، ثم عادوا فسألوا سلمان عن مثل ذلك فنزل : الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها ( الزمر - 23 ) فكفوا عن سؤاله ما شاء الله ثم عادوا فقالوا : حدثنا عن التوراة فإن فيها العجائب فنزلت هذه الآية . فعلى هذا التأويل ، قوله " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " يعني في العلانية وباللسان .
وقال آخرون نزلت في المؤمنين قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية : " عبد الله بن مسعود ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " إلا أربع سنين .
وقال ابن عباس : إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن ، فقال : " ألم يأن " ألم يحن للذين آمنوا أن تخشع ترق وتلين وتخضع قلوبهم لذكر الله ( وما نزل ) قرأ نافع وحفص عن عاصم بتخفيف الزاي وقرأ الآخرون بتشديدها ( من الحق ) وهو القرآن ( ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل ) وهم اليهود والنصارى ( فطال عليهم الأمد ) الزمان بينهم وبين أنبيائهم ( فقست قلوبهم ) قال ابن عباس : مالوا إلى الدنيا وأعرضوا [ ص: 38 ] عن مواعظ الله والمعنى أن الله - عز وجل - ينهى المؤمنين أن يكونوا في صحبة القرآن كاليهود والنصارى الذين قست قلوبهم لما طال عليهم الدهر .
روي أن بعث إلى قراء أبا موسى الأشعري أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرءوا القرآن فقال لهم : أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم .
( وكثير منهم فاسقون ) يعني الذين تركوا الإيمان بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام .