[ ص: 255 ] ( واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا ( 8 ) رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ( 9 ) واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ( 10 ) وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا ( 11 ) إن لدينا أنكالا وجحيما ( 12 ) وطعاما ذا غصة وعذابا أليما ( 13 ) يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا ( 14 ) )
( واذكر اسم ربك ) بالتوحيد والتعظيم ( وتبتل إليه تبتيلا ) قال ابن عباس وغيره : أخلص إليه إخلاصا . وقال الحسن : اجتهد . وقال ابن زيد : تفرغ لعبادته . قال سفيان : توكل عليه توكلا . وقيل : انقطع إليه في العبادة انقطاعا وهو الأصل في الباب ، يقال : تبتلت الشيء أي : قطعته وصدقة بتة : أي : مقطوعة عن صاحبها لا سبيل له عليها والتبتيل : [ التقطيع ] تفعيل منه يقال : بتلته فتبتل ، والمعنى : بتل نفسك إليه ، ولذلك قال : تبتيلا . قال : التبتل رفض الدنيا وما فيها والتماس ما عند الله تعالى . ( زيد بن أسلم رب المشرق والمغرب ) قرأ أهل الحجاز ، وأبو عمرو وحفص : " رب " برفع الباء على الابتداء ، وقرأ الآخرون بالجر على نعت الرب في قوله : " واذكر اسم ربك " ( لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا ) قيما بأمورك ففوضها إليه . ( واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ) نسختها آية القتال . ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا ) نزلت في صناديد قريش المستهزئين . وقال مقاتل بن حيان : نزلت في المطعمين ببدر ولم يكن إلا يسير حتى قتلوا ببدر . ( إن لدينا ) عندنا في الآخرة ( أنكالا ) قيودا عظاما لا تنفك أبدا واحدها نكل . قال الكلبي : أغلالا من حديد ( وجحيما ( وطعاما ذا غصة ) غير سائغة يأخذ بالحلق لا ينزل ولا يخرج وهو الزقوم والضريع . ( وعذابا أليما يوم ترجف الأرض والجبال ) أي : تتزلزل وتتحرك ( وكانت الجبال كثيبا مهيلا ) [ ص: 256 ] رملا سائلا . قال الكلبي : هو الرمل الذي إذا أخذت منه شيئا تبعك ما بعده ، يقال أهلت الرمل أهيله هيلا إذا حركت أسفله حتى انهال من أعلاه .