(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106nindex.php?page=treesubj&link=14297_28976ياأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين ( 106 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ( 107 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدي القوم الفاسقين ( 108 ) )
قوله عز وجل :
nindex.php?page=treesubj&link=28976_28861 ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم ) سبب نزول هذه الآية ما روي أن
تميم بن أوس الداري وعدي بن [ بداء ] قد خرجا من
المدينة للتجارة إلى أرض
الشام ، وهما نصرانيان ، ومعهما
بديل مولى عمرو بن العاص ، وكان مسلما فلما اشتد وجعه أوصى إلى
تميم وعدي ، وأمرهما أن يدفعا متاعه إذا رجعا إلى أهله ، ومات
بديل ففتشا متاعه وأخذا منه إناء من فضة منقوشا بالذهب فيه ثلاثمائة مثقال فضة فغيباه ، ثم قضيا حاجتهما ، فانصرفا إلى
المدينة ، فدفعا المتاع إلى أهل البيت ، ففتشوا وأصابوا الصحيفة فيها تسمية ما كان معه فجاءوا تميما وعديا فقالوا : هل باع صاحبنا شيئا من متاعه؟ قالا : لا ، قالوا : فهل اتجر تجارة؟ قالا : لا ، قالوا : هل طال مرضه فأنفق على نفسه؟ قالا : لا فقالوا : إنا وجدنا في متاعه صحيفة فيها تسمية ما كان معه وإنا قد فقدنا منها إناء من فضة مموها بالذهب فيه ثلاثمائة مثقال فضة ، قالا : ما ندري إنما أوصى لنا بشيء فأمرنا أن ندفعه إليكم فدفعناه وما لنا علم بالإناء ، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأصرا على الإنكار ، وحلفا فأنزل الله عز وجل هذه الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106ياأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ) أي : ليشهد اثنان ، لفظه خبر ومعناه أمر .
وقيل : معناه : أن الشهادة فيما بينكم على الوصية عند الموت اثنان ، واختلفوا في هذين الاثنين
[ ص: 112 ] فقال قوم : هما الشاهدان اللذان يشهدان على وصية الموصي .
وقال آخرون : هما الوصيان ، لأن الآية نزلت فيهما ولأنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان ) ولا يلزم الشاهد يمينا ، وجعل الوصي اثنين تأكيدا ، فعلى هذا تكون الشهادة بمعنى الحضور ، كقولك : شهدت وصية فلان ، بمعنى حضرت ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) ( النور - 2 ) يريد الحضور (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106ذوا عدل ) أي : أمانة وعقل ) ( منكم ) أي : من أهل دينكم يا معشر المؤمنين (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أو آخران من غيركم ) أي : من غير دينكم وملتكم في قول أكثر المفسرين ، قاله
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ومجاهد وعبيدة .
ثم اختلف هؤلاء في حكم الآية فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي وجماعة : هي منسوخة وكانت
nindex.php?page=treesubj&link=8738_33542_16229شهادة أهل الذمة مقبولة في الابتداء ثم نسخت .
وذهب قوم إلى أنها ثابتة ، وقالوا : إذا لم نجد مسلمين فنشهد كافرين .
وقال
شريح : من كان بأرض غربة ولم يجد مسلما يشهده على وصيته فأشهد كافرين على أي دين كانا من دين
أهل الكتاب أو عبدة الأوثان ، فشهادتهم جائزة ، ولا تجوز
nindex.php?page=treesubj&link=33543_16229شهادة كافر على مسلم إلا على وصية في سفر .
وعن
الشعبي أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا
nindex.php?page=treesubj&link=16229_33542ولم يجد مسلما يشهده على وصيته فأشهد رجلين من أهل الكتاب ، فقدما الكوفة بتركته وأتيا
الأشعري ، فقال
الأشعري : هذا أمر لم يكن بعد الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأحلفهما ، وأمضى شهادتهما .
وقال آخرون : قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106ذوا عدل منكم ) أي : من حي الموصي أو آخران من غير حيكم وعشيرتكم ، وهو قول
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وعكرمة ، وقالوا : لا تجوز شهادة كافر في شيء من الأحكام ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إن أنتم ضربتم ) أي سرتم وسافرتم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ) فأوصيتم إليهما ودفعتم إليهما مالكم فاتهمهما بعض الورثة وادعوا عليهما خيانة فالحكم فيه أن ) ( تحبسونهما ) أي : تستوقفونهما ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106من بعد الصلاة ) أي : بعد الصلاة ، و ) ( من ) صلة يريد بعد صلاة العصر ، هذا
[ ص: 113 ] قول
الشعبي والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وقتادة وعامة المفسرين ، لأن جميع أهل الأديان يعظمون ذلك الوقت ، ويجتنبون فيه الحلف الكاذب ، وقال
الحسن : أراد من بعد صلاة العصر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : من بعد صلاة أهل دينهما وملتهما لأنهما لا يباليان بصلاة العصر ، ) ( فيقسمان ) يحلفان ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106بالله إن ارتبتم ) أي : شككتم ووقعت لكم الريبة في قول الشاهدين وصدقهما ، أي : في قول اللذين ليسا من أهل ملتكم ، فإن كانا مسلمين فلا يمين عليهما ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106لا نشتري به ثمنا ) أي : لا نحلف بالله كاذبين على عوض نأخذه أو مال نذهب به أو حق نجحده ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106ولو كان ذا قربى ) ولو كان المشهود له ذا قرابة منا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106ولا نكتم شهادة الله ) أضاف الشهادة إلى الله لأنه أمر بإقامتها ونهى عن كتمانها ، وقرأ
يعقوب " شهادة " بتنوين ، " الله " ممدود ، وجعل الاستفهام عوضا عن حرف القسم ، ويروى عن
أبي جعفر " شهادة " بتنوين ، " الله " بقطع الألف وكسر الهاء من غير استفهام على ابتداء اليمين ، أي : والله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إنا إذا لمن الآثمين ) أي إن كتمناها كنا من الآثمين .
فلما نزلت هذه الآية صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ودعا
تميما وعديا فاستحلفهما عند المنبر بالله الذي لا إله إلا هو أنهما لم يختانا شيئا مما دفع إليهما فحلفا على ذلك ، وخلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيلهما .
ثم ظهر الإناء واختلفوا في كيفية ظهوره فروى
سعيد بن جبير عن
ابن عباس رضي الله عنهم أنه وجد
بمكة ، فقالوا : إنا اشتريناه من
تميم وعدي ، وقال آخرون : لما طالت المدة أظهروه فبلغ ذلك بني سهم فأتوهما في ذلك ، فقالا إنا كنا قد اشتريناه منه فقالوا لهما : ألم تزعما أن صاحبنا لم يبع شيئا من متاعه؟ قالا : لم يكن عندنا بينة وكرهنا أن نقر لكم به فكتمناه لذلك ، فرفعهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل : ) ( فإن عثر ) 50
) ( فإن عثر ) أي : اطلع على خيانتهما ، وأصل العثور : الوقوع على الشيء ، ) ( على أنهما ) يعني : الوصيين ) ( استحقا ) استوجبا ، ) ( إثما ) بخيانتهما وبأيمانهما
[ ص: 114 ] الكاذبة ، ) ( فآخران ) من أولياء الميت ، ) ( يقومان مقامهما ) يعني : مقام الوصيين ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107من الذين استحق ) بضم التاء على المجهول ، هذه قراءة العامة ، يعني : الذين استحق ، ) ( عليهم ) أي فيهم ولأجلهم الإثم وهم ورثة الميت استحق الحالفان بسببهم الإثم و ( على ) بمعنى في ، كما قال الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102على ملك سليمان ) ( البقرة ، 102 ) أي : في ملك
سليمان ، وقرأ
حفص ( استحق ) بفتح التاء والحاء ، وهي قراءة
علي والحسن ، أي : حق ووجب عليهم الإثم ، يقال : حق واستحق بمعنى واحد ، ) ( الأوليان ) نعت للآخران ، أي : فآخران الأوليان ، وإنما جاز ذلك و ) ( الأوليان ) معرفة والآخران نكرة لأنه لما وصف ال " آخران " ، فقال ) ( من الذين ) صار كالمعرفة و ) ( الأوليان ) تثنية الأولى ، والأولى هو الأقرب ،
nindex.php?page=treesubj&link=28935وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم ويعقوب " الأولين " بالجمع فيكون بدلا من الذين ، والمراد منهم أيضا أولياء الميت .
ومعنى الآية : إذا ظهرت خيانة الحالفين يقوم اثنان آخران من أقارب الميت ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما ) يعني : يميننا أحق من يمينهما ، نظيره قوله تعالى في اللعان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ) ( النور - 6 ) . والمراد بها الأيمان ، فهو كقول القائل : أشهد بالله ، أي : أقسم بالله ، ) ( وما اعتدينا ) في أيماننا ، وقولنا أن شهادتنا أحق من شهادتهما ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107إنا إذا لمن الظالمين )
فلما نزلت هذه الآية قام
عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان ، فحلفا بالله بعد العصر فدفعا الإناء إليهما وإلى أولياء الميت ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري بعدما أسلم يقول صدق الله ورسوله أنا أخذت الإناء ، فأتوب إلى الله وأستغفره ، وإنما انتقل اليمين إلى الأولياء لأن الوصيين ادعيا أنهما ابتاعاه .
nindex.php?page=treesubj&link=23295والوصي إذا أخذ شيئا من مال الميت وقال : إنه أوصى لي به حلف الوارث ، إذا أنكر ذلك ، وكذلك لو
nindex.php?page=treesubj&link=27893_24032ادعى رجل سلعة في يد رجل فاعترف ثم ادعى أنه اشتراها من المدعي ، حلف المدعي أنه لم يبعها منه .
ويروى عن
ابن عباس رضي الله عنهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري قال : كنا بعنا الإناء بألف درهم فقسمتها أنا
وعدي ، فلما أسلمت تأثمت فأتيت موالي الميت فأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحلف
عمرو والمطلب فنزعت الخمسمائة من
عدي ، ورددت أنا الخمسمائة .
[ ص: 115 ] فذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ) أي : ذلك الذي حكمنا به من رد اليمين أجدر وأحرى أن يأتي الوصيان بالشهادة على وجهها ، وسائر الناس أمثالهم ، أي أقرب إلى الإتيان بالشهادة على ما كانت ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم ) أي : أقرب إلى أن يخافوا رد اليمين بعد يمينهم على [ المدعي ] فيحلفوا على خيانتهم وكذبهم فيفتضحوا ويغرموا فلا يحلفون كاذبين إذا خافوا هذا الحكم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108واتقوا الله ) أن تحلفوا أيمانا كاذبة أو تخونوا أمانة ، ) ( واسمعوا ) الموعظة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108والله لا يهدي القوم الفاسقين ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106nindex.php?page=treesubj&link=14297_28976يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ ( 106 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ( 107 )
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ( 108 ) )
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=treesubj&link=28976_28861 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ) سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا رُوِيَ أَنَّ
تَمِيمَ بْنَ أَوْسٍ الدَّارِيَّ وَعَدِيَّ بْنَ [ بَدَّاءٍ ] قَدْ خَرَجَا مِنَ
الْمَدِينَةِ لِلتِّجَارَةِ إِلَى أَرْضِ
الشَّامِ ، وَهُمَا نَصْرَانِيَّانِ ، وَمَعَهُمَا
بُدَيْلٌ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، وَكَانَ مُسْلِمًا فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ أَوْصَى إِلَى
تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ ، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَدْفَعَا مَتَاعَهُ إِذَا رَجَعَا إِلَى أَهْلِهِ ، وَمَاتَ
بُدَيْلٌ فَفَتَّشَا مَتَاعَهُ وَأَخَذَا مِنْهُ إِنَاءً مِنْ فِضَّةٍ مَنْقُوشًا بِالذَّهَبِ فِيهِ ثَلَاثُمِائَةِ مِثْقَالٍ فِضَّةً فَغَيَّبَاهُ ، ثُمَّ قَضَيَا حَاجَتَهُمَا ، فَانْصَرَفَا إِلَى
الْمَدِينَةِ ، فَدَفَعَا الْمَتَاعَ إِلَى أَهْلِ الْبَيْتِ ، فَفَتَّشُوا وَأَصَابُوا الصَّحِيفَةَ فِيهَا تَسْمِيَةُ مَا كَانَ مَعَهُ فَجَاءُوا تَمِيمًا وَعَدِيًّا فَقَالُوا : هَلْ بَاعَ صَاحِبُنَا شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ؟ قَالَا : لَا ، قَالُوا : فَهَلِ اتَّجَرَ تِجَارَةً؟ قَالَا : لَا ، قَالُوا : هَلْ طَالَ مَرَضُهُ فَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَا : لَا فَقَالُوا : إِنَّا وَجَدْنَا فِي مَتَاعِهِ صَحِيفَةً فِيهَا تَسْمِيَةُ مَا كَانَ مَعَهُ وَإِنَّا قَدْ فَقَدْنَا مِنْهَا إِنَاءً مِنْ فِضَّةٍ مُمَوَّهًا بِالذَّهَبِ فِيهِ ثَلَاثُمِائَةِ مِثْقَالٍ فِضَّةً ، قَالَا : مَا نَدْرِي إِنَّمَا أَوْصَى لَنَا بِشَيْءٍ فَأَمَرَنَا أَنْ نَدْفَعَهُ إِلَيْكُمْ فَدَفَعْنَاهُ وَمَا لَنَا عِلْمٌ بِالْإِنَاءِ ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَرَّا عَلَى الْإِنْكَارِ ، وَحَلَفَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ) أَيْ : لِيَشْهَدِ اثْنَانِ ، لَفْظُهُ خَبَرٌ وَمَعْنَاهُ أَمْرٌ .
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : أَنَّ الشَّهَادَةَ فِيمَا بَيْنَكُمْ عَلَى الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ اثْنَانِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَيْنَ الِاثْنَيْنِ
[ ص: 112 ] فَقَالَ قَوْمٌ : هُمَا الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى وَصِيَّةِ الْمُوصِي .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُمَا الْوَصِيَّانِ ، لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمَا وَلِأَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ ) وَلَا يُلْزَمُ الشَّاهِدُ يَمِينًا ، وَجُعِلَ الْوَصِيُّ اثْنَيْنِ تَأْكِيدًا ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ بِمَعْنَى الْحُضُورِ ، كَقَوْلِكَ : شَهِدْتُ وَصِيَّةَ فُلَانٍ ، بِمَعْنَى حَضَرْتُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( النُّورِ - 2 ) يُرِيدُ الْحُضُورَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106ذَوَا عَدْلٍ ) أَيْ : أَمَانَةٍ وَعَقْلٍ ) ( مِنْكُمْ ) أَيْ : مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ) أَيْ : مِنْ غَيْرِ دِينِكُمْ وَمِلَّتِكُمْ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ ، قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=110وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعُبَيْدَةَ .
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي حُكْمِ الْآيَةِ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيُّ وَجَمَاعَةٌ : هِيَ مَنْسُوخَةٌ وَكَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=8738_33542_16229شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَقْبُولَةً فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ نُسِخَتْ .
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا ثَابِتَةٌ ، وَقَالُوا : إِذَا لَمْ نَجِدْ مُسْلِمَيْنِ فَنُشْهِدُ كَافِرَيْنِ .
وَقَالَ
شُرَيْحٌ : مَنْ كَانَ بِأَرْضِ غُرْبَةٍ وَلَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا يُشْهِدُهُ عَلَى وَصِيَّتِهِ فَأَشْهَدَ كَافِرَيْنِ عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَا مِنْ دِينِ
أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ ، فَشَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ ، وَلَا تَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=33543_16229شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ إِلَّا عَلَى وَصِيَّةٍ فِي سَفَرٍ .
وَعَنِ
الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِدَقُوقَا
nindex.php?page=treesubj&link=16229_33542وَلَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا يُشْهِدُهُ عَلَى وَصِيَّتِهِ فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَقَدِمَا الْكُوفَةَ بِتَرِكَتِهِ وَأَتَيَا
الْأَشْعَرِيَّ ، فَقَالَ
الْأَشْعَرِيُّ : هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْلَفَهُمَا ، وَأَمْضَى شَهَادَتَهُمَا .
وَقَالَ آخَرُونَ : قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) أَيْ : مِنْ حَيِّ الْمُوصِي أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِ حَيِّكُمْ وَعَشِيرَتِكُمْ ، وَهُوَ قَوْلُ
الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ وَعِكْرِمَةَ ، وَقَالُوا : لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ كَافِرٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْكَامِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ ) أَيْ سِرْتُمْ وَسَافَرْتُمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ) فَأَوْصَيْتُمْ إِلَيْهِمَا وَدَفَعْتُمْ إِلَيْهِمَا مَالَكُمْ فَاتَّهَمَهُمَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَادَّعَوْا عَلَيْهِمَا خِيَانَةً فَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ ) ( تَحْبِسُونَهُمَا ) أَيْ : تَسْتَوْقِفُونَهُمَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ ) أَيْ : بَعْدَ الصَّلَاةِ ، وَ ) ( مِنْ ) صِلَةٌ يُرِيدُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ ، هَذَا
[ ص: 113 ] قَوْلُ
الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَعَامَّةِ الْمُفَسِّرِينَ ، لِأَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَدْيَانِ يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ الْوَقْتَ ، وَيَجْتَنِبُونَ فِيهِ الْحَلِفَ الْكَاذِبَ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : أَرَادَ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعَصْرِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ أَهْلِ دِينِهِمَا وَمِلَّتِهِمَا لِأَنَّهُمَا لَا يُبَالِيَانِ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ ، ) ( فَيُقْسِمَانِ ) يَحْلِفَانِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ ) أَيْ : شَكَكْتُمْ وَوَقَعَتْ لَكُمُ الرِّيبَةُ فِي قَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ وَصِدْقِهِمَا ، أَيْ : فِي قَوْلِ اللَّذَيْنِ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ ، فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا ) أَيْ : لَا نَحْلِفُ بِاللَّهِ كَاذِبِينَ عَلَى عِوَضٍ نَأْخُذُهُ أَوْ مَالٍ نَذْهَبُ بِهِ أَوْ حَقٍّ نَجْحَدُهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) وَلَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ ذَا قَرَابَةٍ مِنَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ ) أَضَافَ الشَّهَادَةَ إِلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِإِقَامَتِهَا وَنَهَى عَنْ كِتْمَانِهَا ، وَقَرَأَ
يَعْقُوبُ " شَهَادَةً " بِتَنْوِينٍ ، " اللَّهِ " مَمْدُودٍ ، وَجَعَلَ الِاسْتِفْهَامَ عِوَضًا عَنْ حَرْفِ الْقَسَمِ ، وَيُرْوَى عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ " شَهَادَةً " بِتَنْوِينٍ ، " اللَّهِ " بِقَطْعِ الْأَلْفِ وَكَسْرِ الْهَاءِ مِنْ غَيْرِ اسْتِفْهَامٍ عَلَى ابْتِدَاءِ الْيَمِينِ ، أَيْ : وَاللَّهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=106إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ ) أَيْ إِنْ كَتَمْنَاهَا كُنَّا مِنَ الْآثِمِينَ .
فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَدَعَا
تَمِيمًا وَعَدِيًّا فَاسْتَحْلَفَهُمَا عِنْدَ الْمِنْبَرِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَانَا شَيْئًا مِمَّا دُفِعَ إِلَيْهِمَا فَحَلَفَا عَلَى ذَلِكَ ، وَخَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبِيلَهُمَا .
ثُمَّ ظَهَرَ الْإِنَاءُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ظُهُورِهِ فَرَوَى
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ وُجِدَ
بِمَكَّةَ ، فَقَالُوا : إِنَّا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ
تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ ، وَقَالَ آخَرُونَ : لَمَّا طَالَتِ الْمُدَّةُ أَظْهَرُوهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ بَنِي سَهْمٍ فَأَتَوْهُمَا فِي ذَلِكَ ، فَقَالَا إِنَّا كُنَّا قَدِ اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فَقَالُوا لَهُمَا : أَلَمْ تَزْعُمَا أَنَّ صَاحِبَنَا لَمْ يَبِعْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ؟ قَالَا : لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا بَيِّنَةٌ وَكَرِهْنَا أَنَّ نُقِرَّ لَكُمْ بِهِ فَكَتَمْنَاهُ لِذَلِكَ ، فَرَفَعَهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ) ( فَإِنْ عُثِرَ ) 50
) ( فَإِنْ عُثِرَ ) أَيِ : اطُّلِعَ عَلَى خِيَانَتِهِمَا ، وَأَصْلُ الْعُثُورِ : الْوُقُوعُ عَلَى الشَّيْءِ ، ) ( عَلَى أَنَّهُمَا ) يَعْنِي : الْوَصِيَّيْنِ ) ( اسْتَحَقَّا ) اسْتَوْجَبَا ، ) ( إِثْمًا ) بِخِيَانَتِهِمَا وَبِأَيْمَانِهِمَا
[ ص: 114 ] الْكَاذِبَةِ ، ) ( فَآخَرَانِ ) مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ ، ) ( يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا ) يَعْنِي : مَقَامَ الْوَصِيَّيْنِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى الْمَجْهُولِ ، هَذِهِ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ ، يَعْنِي : الَّذِينَ اسْتَحَقَّ ، ) ( عَلَيْهِمُ ) أَيْ فِيهِمْ وَلِأَجْلِهِمُ الْإِثْمَ وَهُمْ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ اسْتَحَقَّ الْحَالِفَانِ بِسَبَبِهِمُ الْإِثْمَ وَ ( عَلَى ) بِمَعْنَى فِي ، كَمَا قَالَ اللَّهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ) ( الْبَقَرَةِ ، 102 ) أَيْ : فِي مُلْكِ
سُلَيْمَانَ ، وَقَرَأَ
حَفْصٌ ( اسْتَحَقَّ ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْحَاءِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ ، أَيْ : حَقٌّ وَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الْإِثْمُ ، يُقَالُ : حَقَّ وَاسْتَحَقَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، ) ( الْأَوْلَيَانِ ) نَعْتٌ لَلْآخَرَانِ ، أَيْ : فَآخَرَانِ الْأَوْلَيَانِ ، وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ وَ ) ( الْأَوْلَيَانِ ) مَعْرِفَةٌ وَالْآخَرَانِ نَكِرَةٌ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَفَ الْ " آخَرَانِ " ، فَقَالَ ) ( مِنَ الَّذِينَ ) صَارَ كَالْمَعْرِفَةِ وَ ) ( الْأَوْلَيَانِ ) تَثْنِيَةُ الْأَوْلَى ، وَالْأَوْلَى هُوَ الْأَقْرَبُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28935وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ " الْأَوْلَيِنَ " بِالْجَمْعِ فَيَكُونُ بَدَلًا مِنَ الَّذِينَ ، وَالْمُرَادُ مِنْهُمْ أَيْضًا أَوْلِيَاءُ الْمَيِّتِ .
وَمَعْنَى الْآيَةِ : إِذَا ظَهَرَتْ خِيَانَةُ الْحَالِفِينَ يَقُومُ اثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ أَقَارِبِ الْمَيِّتِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا ) يَعْنِي : يَمِينَنَا أَحَقُّ مِنْ يَمِينِهِمَا ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي اللِّعَانِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ ) ( النُّورِ - 6 ) . وَالْمُرَادُ بِهَا الْأَيْمَانُ ، فَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ : أَشْهَدُ بِاللَّهِ ، أَيْ : أُقْسِمُ بِاللَّهِ ، ) ( وَمَا اعْتَدَيْنَا ) فِي أَيْمَانِنَا ، وَقَوْلِنَا أَنَّ شَهَادَتَنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=107إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ )
فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَامَ
عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْمَطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيَّانِ ، فَحَلَفَا بِاللَّهِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَدَفَعَا الْإِنَاءَ إِلَيْهِمَا وَإِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=155تَمِيمٌ الدَّارِيُّ بَعْدَمَا أَسْلَمَ يَقُولُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَنَا أَخَذْتُ الْإِنَاءَ ، فَأَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ الْيَمِينُ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ ادَّعَيَا أَنَّهُمَا ابْتَاعَاهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=23295وَالْوَصِيُّ إِذَا أَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَالَ : إِنَّهُ أَوْصَى لِي بِهِ حَلَفَ الْوَارِثُ ، إِذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ لَوِ
nindex.php?page=treesubj&link=27893_24032ادَّعَى رَجُلٌ سِلْعَةً فِي يَدِ رَجُلٍ فَاعْتَرَفَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنَ الْمُدَّعِي ، حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا مِنْهُ .
وَيُرْوَى عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=155تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ : كُنَّا بِعْنَا الْإِنَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَسَّمْتُهَا أَنَا
وَعَدِيٌّ ، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ تَأَثَّمْتُ فَأَتَيْتُ مَوَالِيَ الْمَيِّتِ فَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِي مَثَلَهَا فَأَتَوْا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَحَلَفَ
عَمْرٌو وَالْمُطَّلِبُ فَنَزَعْتُ الْخَمْسَمِائَةٍ مِنْ
عَدِيٍّ ، وَرَدَدْتُ أَنَا الْخَمْسَمِائَةَ .
[ ص: 115 ] فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا ) أَيْ : ذَلِكَ الَّذِي حَكَمْنَا بِهِ مِنْ رَدِّ الْيَمِينِ أَجْدَرُ وَأَحْرَى أَنْ يَأْتِيَ الْوَصِيَّانِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا ، وَسَائِرُ النَّاسِ أَمْثَالُهُمْ ، أَيْ أَقْرَبُ إِلَى الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى مَا كَانَتْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ) أَيْ : أَقْرَبُ إِلَى أَنْ يَخَافُوا رَدَّ الْيَمِينِ بَعْدَ يَمِينِهِمْ عَلَى [ الْمُدَّعِي ] فَيَحْلِفُوا عَلَى خِيَانَتِهِمْ وَكَذِبِهِمْ فَيُفْتَضَحُوا وَيَغْرَمُوا فَلَا يَحْلِفُونَ كَاذِبِينَ إِذَا خَافُوا هَذَا الْحُكْمَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108وَاتَّقُوا اللَّهَ ) أَنْ تَحْلِفُوا أَيْمَانًا كَاذِبَةً أَوْ تَخُونُوا أَمَانَةً ، ) ( وَاسْمَعُوا ) الْمَوْعِظَةَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=108وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) .