[ ص: 22 ]   ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين    ( 19 ) . 
قوله عز وجل : ( أجعلتم سقاية الحاج    )  الآية . 
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي  ، حدثنا  أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي  ، حدثنا عبد الله بن حامد بن محمد الوزان  ، حدثنا أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله المعافري  ، حدثنا  أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني  ، حدثنا  أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي  ، حدثنا  معاوية بن سلام  ، عن زيد بن سلام  ، عن أبي سلام  ، حدثنا النعمان بن بشير  قال : كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل : ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أسقي الحاج . وقال الآخر : ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد أن أعمر المسجد الحرام . وقال الآخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتما ، فزجرهم  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه ، وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يوم الجمعة ، ولكن إذا صليت دخلت ، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفتم فيه ، ففعل فأنزل الله عز وجل : " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام    " ، إلى قوله : " والله لا يهدي القوم الظالمين    "   . 
وقال ابن عباس  رضي الله عنهما : قال العباس  حين أسر يوم بدر    : لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونسقي الحاج ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأخبر أن عمارتهم المسجد الحرام وقيامهم على السقاية لا ينفعهم مع الشرك بالله ، والإيمان بالله والجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم خير مما هم عليه   . 
وقال الحسن  ،  والشعبي  ،  ومحمد بن كعب القرظي  ، نزلت في  علي بن أبي طالب  ،  والعباس بن عبد المطلب ،  وطلحة بن شيبة  ، افتخروا فقال طلحة    : أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه ، وقال العباس    : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، وقال علي : ما أدري ما تقولون لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله عز وجل هذه الآية : ( أجعلتم سقاية الحاج    ) .   [ ص: 23 ] والسقاية : مصدر كالرعاية والحماية . 
قوله : ( وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر    ) فيه اختصار تقديره : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله وجهاد من جاهد في سبيل الله ؟ 
وقيل : السقاية والعمارة بمعنى الساقي والعامر . وتقديره : أجعلتم ساقي الحاج وعامر المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله؟ وهذا كقوله تعالى : " والعاقبة للتقوى    " أي : للمتقين ، يدل عليه قراءة عبد الله بن الزبير   وأبي بن كعب    " أجعلتم سقاة الحاج وعمرة المسجد الحرام " ، على جمع الساقي والعامر . 
( كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين    ) أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ،  أنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أنا محمد بن يوسف  حدثنا  محمد بن إسماعيل  ، حدثني إسحاق بن إبراهيم  ، حدثنا أبو أسامة  ، حدثنا يحيى بن مهلب  ، عن حسين  ، عن عكرمة  عن ابن عباس  رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى ، فقال العباس    : يا فضل اذهب إلى أمك فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها ، فقال : اسقني ، فقال : يا رسول الله إنهم يجعلون أيديهم فيه ، قال : اسقني ، فشرب منه ، ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها ، فقال : اعملوا فإنكم على عمل صالح ، ثم قال : لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه ، وأشار إلى عاتقه   . 
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر  ، أنا عبد الغافر بن محمد  ، حدثنا محمد بن عيسى الجلودي  حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان  ، عن مسلم بن الحجاج  ، حدثني  محمد بن منهال الضرير  ، حدثنا  يزيد بن زريع  ، حدثنا حميد الطويل  عن  بكر بن عبد الله المزني  قال : كنت جالسا مع ابن عباس  عند الكعبة فأتاه أعرابي فقال : ما لي أرى بني عمكم يسقون العسل واللبن وأنتم تسقون النبيذ؟ أمن حاجة بكم؟ أم من بخل؟ فقال ابن عباس    : الحمد لله ما بنا حاجة ولا بخل ، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وخلفه أسامة  فاستسقى ، فأتيناه بإناء من نبيذ فشرب وسقى فضله أسامة  ، وقال : أحسنتم وأجملتم كذا فاصنعوا ، فلا نريد تغيير ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					