( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم    ( 104 ) وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون    ( 105 ) وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم    ( 106 ) . 
فقال تعالى : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات    ) أي : يقبلها ، ( وأن الله هو التواب الرحيم    ) . 
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب  أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال  ، حدثنا  أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم  ، أنبأنا الربيع بن سليمان  ، أنبأنا  الشافعي  ، أنبأنا سفيان بن عيينة  ، عن ابن عجلان  ، عن  سعيد بن يسار  عن  أبي هريرة  رضي الله عنه . قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : " والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب طيب  ، ولا يقبل الله إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلا طيب إلا كأنما يضعها في يد الرحمن عز وجل فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه ، حتى إن اللقمة لتأتي يوم القيامة وإنها لمثل الجبل العظيم ، ثم قرأ : ( أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات    ) . 
قوله تعالى : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون    ) قال مجاهد    : هذا وعيد لهم . قيل : رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بإعلام الله تعالى إياه ، ورؤية المؤمنين بإيقاع المحبة في قلوبهم لأهل الصلاح ، والبغضة لأهل الفساد . 
قوله تعالى : ( وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم    )  قرأ أهل المدينة  والكوفة  غير أبي بكر    : " مرجون " بغير همز ، والآخرون : بالهمز ، والإرجاء : التأخير ، مرجون : مؤخرون . لأمر الله : لحكم الله عز وجل فيهم ، وهم الثلاثة الذين تأتي قصتهم من بعد :  كعب بن مالك  ،   [ ص: 93 ] وهلال بن أمية  ، ومرارة بن الربيع  ، لم يبالغوا في التوبة والاعتذار كما فعل أبو لبابة  ، فوقفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين ليلة ونهى الناس عن مكالمتهم ومخالطتهم ، حتى شقهم القلق وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وكانوا من أهل بدر  فجعل أناس يقولون : هلكوا ، وآخرون يقولون : عسى الله أن يغفر لهم ، فصاروا مرجئين لأمر الله لا يدرون أيعذبهم أم يرحمهم ، حتى نزلت توبتهم بعد خمسين ليلة . 
				
						
						
