[ ص: 171 ]   ( فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي  وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين    ( 27 ) قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون    ( 28 ) . ( ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون    ( 29 ) . 
( فقال الملأ الذين كفروا من قومه ) والملأ هم الأشراف والرؤساء . ( وما نراك ) يا نوح ،    ( إلا بشرا ) آدميا ، ( مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا    ) سفلتنا ، والرذل : الدون من كل شيء والجمع : أرذل ، ثم يجمع على أراذل ، مثل : كلب وأكلب وأكالب ، وقال في سورة الشعراء : " واتبعك الأرذلون    " يعني : السفلة . وقال عكرمة    : الحاكة والأساكفة ، ( بادي الرأي    ) قرأ أبو عمرو    " بادئ " بالهمز ، أي : أول الرأي ، يريدون أنهم اتبعوك في أول الرأي من غير روية وتفكر ، ولو تفكروا لم يتبعوك . وقرأ الآخرون بغير همز ، أي ظاهر الرأي من قولهم : بدا الشيء : إذا ظهر ، معناه : اتبعوك ظاهرا من غير أن يتدبروا ويتفكروا باطنا . قال مجاهد    : رأي العين ، ( وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين    ) . 
( قال ) نوح ،    ( يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ) أي : بيان من ربي ( وآتاني رحمة    ) أي : هدى ومعرفة ، ( من عنده فعميت عليكم    ) أي : خفيت والتبست عليكم . وقرأ حمزة   والكسائي  وحفص    : فعميت عليكم    " بضم العين وتشديد الميم ، أي : شبهت ولبست عليكم . ( أنلزمكموها    ) أي : أنلزمكم البينة والرحمة ، ( وأنتم لها كارهون    ) لا تريدونها . قال قتادة    : لو قدر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يلزموا قومهم الإيمان لألزموهم ولكن لم يقدروا . 
قوله :   ( ويا قوم لا أسألكم عليه مالا    )  أي : على الوحي وتبليغ الرسالة ، كناية عن غير مذكور ، ( إن أجري ) ما ثوابي ، ( إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا    ) هذا دليل على أنهم طلبوا منه طرد المؤمنين ، ( إنهم ملاقو ربهم    ) أي : صائرون إلى ربهم في المعاد فيجزي من طردهم ، ( ولكني أراكم قوما تجهلون    ) 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					