( فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود ( 82 ) مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ( 83 ) وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ( 84 ) .
قوله : ( فلما جاء أمرنا ) عذابنا ، ( جعلنا عاليها سافلها ) وذلك أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه تحت قرى قوم لوط المؤتفكات وهي خمس مدائن ، وفيها أربعمائة ألف ، وقيل : أربعة آلاف ألف ، فرفع المدائن كلها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ، ونباح الكلاب ، فلم يكفأ لهم إناء ولم ينتبه نائم ، ثم قلبها فجعل عاليها سافلها . ( وأمطرنا عليها ) أي على شذاذها ومسافريها . وقيل : بعدما قلبها أمطر [ ص: 194 ] عليها ، ( حجارة من سجيل ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( سنك وكل ) فارسي معرب . وسعيد بن جبير
وقال قتادة وعكرمة : السجيل الطين ، دليله قوله عز وجل : ( لنرسل عليهم حجارة من طين ) ( الذاريات - 33 ) .
قال مجاهد : أولها حجر وآخرها طين .
وقال الحسن : كان أصل الحجارة طينا فشددت .
وقال الضحاك : يعني الآجر .
وقيل : السجيل اسم السماء الدنيا .
وقيل : هو جبال في السماء ، قال الله تعالى ( وينزل من السماء من جبال فيها من برد ) ( النور - 43 ) .
قوله تعالى : ( منضود ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : متتابع ، يتبع بعضها بعضا ، مفعول من النضد ، وهو وضع الشيء بعضه فوق بعض .
( مسومة ) من نعت الحجارة ، وهي نصب على الحال ، ومعناها معلمة : قال : عليها سيما لا تشاكل حجارة الأرض . ابن جريج
وقال قتادة وعكرمة : عليها خطوط حمر على هيئة الجزع .
وقال الحسن : كانت مختومة عليها أمثال الخواتيم . والسدي
وقيل : مكتوب على كل حجر اسم من رمي به .
( عند ربك وما هي ) يعني : تلك الحجارة ، ( من الظالمين ) أي : من مشركي مكة ، ( ببعيد ) وقال قتادة وعكرمة : يعني ظالمي هذه الأمة ، والله ما أجار الله منها ظالما بعد .
وفي بعض الآثار : " ما من ظالم إلا وهو بعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة " .
وروي : أن الحجر اتبع شذاذهم ومسافريهم أين كانوا في البلاد ، ودخل رجل منهم الحرم فكان الحجر معلقا في السماء أربعين يوما حتى خرج فأصابه فأهلكه .
قوله عز وجل : ( وإلى مدين ) أي : وأرسلنا إلى ولد مدين ، [ ص: 195 ] ( أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان ) أي : لا تبخسوا ، وهم كانوا يطففون مع شركهم ، ( إني أراكم بخير ) قال ابن عباس : موسرين في نعمة . وقال مجاهد : في خصب وسعة ، فحذرهم زوال النعمة ، وغلاء السعر ، وحلول النقمة ، إن لم يتوبوا . فقال : ( وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ) يحيط بكم فيهلككم .