[ ص: 239 ]   ( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين    ( 33 ) فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم    ( 34 ) ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين    ( 35 ) . 
( قال رب ) أي : يا رب ( السجن أحب إلي مما يدعونني إليه    ) قيل : كان الدعاء منها خاصة ، ولكنه أضاف إليهن خروجا من التصريح إلى التعريض . 
وقيل : إنهن جميعا دعونه إلى أنفسهن . 
وقرأ يعقوب  وحده : السجن بفتح السين . وقرأ العامة بكسرها . 
وقيل : لو لم يقل : السجن أحب إلي لم يبتل بالسجن ، والأولى بالمرء أن يسأل الله العافية . 
قوله تعالى : ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن    )  أمل إليهن وأتابعهن ، يقال : صبا فلان إلى كذا يصبو صبوا وصبوا وصبوة إذا مال واشتاق إليه . 
( وأكن من الجاهلين    ) فيه دليل على أن المؤمن إذا ارتكب ذنبا يرتكبه عن جهالة . 
( فاستجاب له    ) أجاب له . ( ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم    ) [ لدعائه ] العليم بمكرهن . 
( ثم بدا لهم    ) أي : للعزيز وأصحابه في الرأي ، وذلك أنهم أرادوا أن يقتصروا من أمر يوسف  على الأمر بالإعراض . ثم بدا لهم أن يحبسوه . ( من بعد ما رأوا الآيات    ) الدالة على براءة يوسف  من قد القميص ، وكلام الطفل ، وقطع النساء أيديهن ، وذهاب عقولهن ( ليسجننه حتى حين    ) إلى مدة يرون فيه رأيهم . 
وقال عطاء    : إلى أن تنقطع مقالة الناس . 
قال عكرمة    : سبع سنين . 
وقال الكلبي    : خمس سنين . 
قال  السدي    : وذلك أن المرأة قالت لزوجها : إن هذا العبد العبراني قد فضحني في الناس ، يخبرهم أني راودته عن نفسه ، فإما أن تأذن لي فأخرج فأعتذر إلى الناس ، وإما أن تحبسه ، فحبسه ، وذكر أن الله تعالى جعل ذلك الحبس تطهيرا ليوسف  عليه السلام من همه بالمرأة .   [ ص: 240 ] 
قال ابن عباس    : عثر يوسف  ثلاث عثرات : حين هم بها فسجن ، وحين قال " اذكرني عند ربك    " فلبث في السجن بضع سنين ، وحين قال للإخوة " إنكم لسارقون    " ، فقالوا : " إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل    "   . 
				
						
						
