( وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ( 67 ) ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 68 ) .
( وقال ) لهم يعقوب لما أرادوا الخروج من عنده ( يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ) وذلك أنه خاف عليهم العين; لأنهم كانوا أعطوا جمالا وقوة وامتداد قامة ، وكانوا ولد رجل واحد ، فأمرهم أن يتفرقوا في دخولهم لئلا يصابوا بالعين ، فإن العين حق ، وجاء في الأثر : . " إن العين تدخل الرجل القبر ، والجمل القدر "
وعن : أنه قال ذلك لأنه كان يرجو أن يروا إبراهيم النخعي يوسف في التفرق . والأول أصح .
ثم قال : ( وما أغني عنكم من الله من شيء ) معناه : إن كان الله قضى فيكم قضاء فيصيبكم مجتمعين كنتم أو متفرقين ، فإن المقدور كائن والحذر لا ينفع من القدر ( إن الحكم ) ) هذا تفويض ما الحكم ( إلا لله يعقوب أموره إلى الله ( عليه توكلت ) اعتمدت ( وعليه فليتوكل المتوكلون ) .
( ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ) أي : من الأبواب المتفرقة . وقيل : كانت المدينة مدينة الفرماء ولها أربعة أبواب ، فدخلوها من أبوابها ( ما كان يغني ) يدفع ( عنهم من الله من شيء ) صدق الله تعالى يعقوب فيما قال ( إلا حاجة ) مرادا ( في نفس يعقوب قضاها ) أشفق عليهم إشفاق الآباء على أبنائهم وجرى الأمر عليه ( وإنه ) يعني : يعقوب عليه السلام ( لذو علم ) يعني : كان يعمل ما يعمل عن علم لا عن جهل ( لما علمناه ) أي : لتعليمنا إياه . وقيل : إنه لعامل بما علم . [ ص: 259 ]
قال سفيان : من لا يعمل بما يعلم لا يكون عالما . وقيل : وإنه لذو حفظ لما علمناه .
( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ما يعلم يعقوب لأنهم لم يسلكوا طريق إصابة العلم . وقال ابن عباس : لا يعلم المشركون ما ألهم الله أولياءه .