[ ص: 273 ]   ( قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون    ( 89 ) قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين    ( 90 ) . 
( قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون     ) اختلفوا في السبب الذي حمل يوسف على هذا القول قال ابن إسحاق    : ذكر لي أنهم لما كلموه بهذا الكلام أدركته الرقة فارفض دمعه ، فباح بالذي كان يكتم منهم . 
وقال الكلبي    : إنما قال ذلك حين حكى لإخوته أن مالك بن ذعر  قال : إني وجدت غلاما في بئر ، من حاله كيت وكيت ، فابتعته بكذا درهما فقالوا : أيها الملك ، نحن بعنا ذلك الغلام ، فغاظ يوسف  ذلك وأمر بقتلهم فذهبوا بهم ليقتلوهم ، فولى يهوذا  وهو يقول : كان يعقوب  يحزن ويبكي لفقد واحد منا حتى كف بصره ، فكيف إذا أتاه قتل بنيه كلهم ثم قالوا له : إن فعلت ذلك فابعث بأمتعتنا إلى أبينا فإنه بمكان كذا وكذا ، فذلك حين رحمهم وبكى ، وقال ذلك القول . 
وقيل : قاله حين قرأ كتاب أبيه إليه فلم يتمالك البكاء فقال : هل علمتم ما فعلتم بيوسف  وأخيه إذ فرقتم بينهما ، وصنعتم ما صنعتم إذ أنتم جاهلون بما يئول إليه أمر يوسف  وقيل : مذنبون وعاصون . وقال الحسن    : إذ أنتم شباب ومعكم جهل الشباب . 
فإن قيل : كيف قال ما فعلتم بيوسف  وأخيه ، وما كان منهم إلى أخيه ، وهم لم يسعوا في حبسه قيل : قد قالوا له في الصاع : ما يزال لنا بلاء ، وقيل : ما رأينا منكم يا بني راحيل  خيرا . وقيل : لما كانا من أم واحدة كانوا يؤذونه من بعد فقد يوسف    . 
( قالوا أئنك لأنت يوسف     ) قرأ ابن كثير ،  وأبو جعفر    : " إنك " على الخبر ، وقرأ الآخرون على الاستفهام . 
قال ابن إسحاق    : كان يوسف  يتكلم من وراء ستر فلما قال يوسف    : هل علمتم ما فعلتم ، كشف عنهم الغطاء ورفع الحجاب ، فعرفوه . 
وقال الضحاك  عن ابن عباس    : لما قال هذا القول تبسم يوسف  فرأوا ثناياه كاللؤلؤ المنظوم فشبهوه بيوسف  فقالوا استفهاما : أئنك لأنت يوسف    .   [ ص: 274 ] 
وقال عطاء ،  عن ابن عباس    : إن إخوة يوسف  لم يعرفوه حتى وضع التاج عن رأسه ، وكان له في قرنه علامة وكان ليعقوب  مثلها ، ولإسحاق  مثلها ، ولسارة  مثلها شبه الشامة ، فعرفوه فقالوا : أئنك لأنت يوسف    . 
وقيل : قالوه على التوهم حتى ( قال : أنا يوسف وهذا أخي    ) بنيامين    ( قد من الله علينا    ) أنعم علينا بأن جمع بيننا . 
( إنه من يتق    ) بأداء الفرائض واجتناب المعاصي ( ويصبر ) عما حرم الله عز وجل عليه . قال ابن عباس    : يتقي الزنى ويصبر عن العزوبة . وقال مجاهد    : يتقي المعصية ويصبر على السجن ( فإن الله لا يضيع أجر المحسنين    ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					