( وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ( 40 ) أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ( 41 ) .
( وإما نرينك بعض الذي نعدهم ) من العذاب قبل وفاتك ( أو نتوفينك ) قبل ذلك ( فإنما عليك البلاغ ) ليس عليك إلا ذلك ( وعلينا الحساب ) الجزاء يوم القيامة .
قوله تعالى ( أولم يروا ) يعني : أهل مكة ، الذين يسألون محمدا صلى الله عليه وسلم الآيات ( أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) أكثر المفسرين على أن المراد منه فتح ديار الشرك ، فإن ما زاد في ديار الإسلام فقد نقص من ديار الشرك ، يقول : ( أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) فنفتحها لمحمد أرضا بعد أرض حوالي أرضهم ، أفلا يعتبرون ؟ هذا قول ابن عباس ، وقتادة ، وجماعة . [ ص: 327 ]
وقال قوم : هو خراب الأرض ، معناه : أو لم يروا أنا نأتي الأرض فنخربها ، ونهلك أهلها ، أفلا يخافون أن نفعل بهم ذلك ؟
وقال مجاهد : هو خراب الأرض وقبض أهلها .
وعن عكرمة قال : قبض الناس . وعن الشعبي مثله .
وقال عطاء ، وجماعة : نقصانها موت العلماء ، وذهاب الفقهاء .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا ، حدثنا محمد بن إسماعيل حدثني إسماعيل بن أبي أويس مالك ، عن ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عبد الله بن عمرو بن العاص " . " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا
وقال الحسن : قال : موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار . عبد الله بن مسعود
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبضه ذهاب أهله .
وقال علي رضي الله عنه : إنما مثل الفقهاء كمثل الأكف إذا قطعت كف لم تعد .
وقال سليمان : لا يزال الناس بخير ما بقي الأول حتى يتعلم الآخر ، فإذا هلك الأول قبل أن يتعلم الآخر هلك الناس .
وقيل : ما علامة هلاك الناس ؟ قال : هلاك علمائهم . [ ص: 328 ] لسعيد بن جبير
( والله يحكم لا معقب لحكمه ) لا راد لقضائه ، ولا ناقض لحكمه ( وهو سريع الحساب ) .