( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء    ( 27 ) . 
قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت     ) كلمة التوحيد ، وهي قول : لا إله إلا الله ( في الحياة الدنيا ) يعني قبل الموت ( وفي الآخرة ) يعني في القبر . هذا قول أكثر أهل التفسير . 
وقيل : " في الحياة الدنيا " : عند السؤال في القبر ، " وفي الآخرة " : عند البعث . 
والأول أصح . 
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي  ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا محمد بن يوسف  ، حدثنا  محمد بن إسماعيل  ، حدثنا أبو الوليد  ، حدثنا شعبة  ، أخبرني علقمة بن مرثد  قال : سمعت سعيد بن عبيدة  ، عن  البراء بن عازب  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فذلك قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة    )   .   [ ص: 350 ] 
وأخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر  ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد  ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي  ، أنبأنا إبراهيم بن محمد بن سفيان  ، أنبأنا مسلم بن الحجاج  ، حدثنا  محمد بن بشار  ، حدثنا محمد بن جعفر  ، حدثنا شعبة  بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :   ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت    ) قال : نزلت في عذاب القبر  يقال له : من ربك ؟ فيقول : ربي الله ، ونبيي محمد ، فذلك قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت    ) الآية   . 
وأخبرنا عبد الواحد المليحي  ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي  ، أخبرنا محمد بن يوسف  ، حدثنا  محمد بن إسماعيل  ، حدثنا عياش بن الوليد  ، حدثنا عبد الأعلى  ، حدثنا سعيد  ، عن قتادة  عن أنس بن مالك  رضي الله عنه أنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم ، أتاه ملكان فيقعدانه ، فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل ، لمحمد صلى الله عليه وسلم ؟ فأما المؤمن ، فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله . فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة ، فيراهما جميعا " قال قتادة : وذكر لنا أنه يفسح له في قبره ، ثم رجع إلى حديث أنس  قال : 
وأما المنافق والكافر ، فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس ، فيقال له : لا دريت ولا تليت ، ويضرب بمطارق من حديد ضربة ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين   " . 
أخبرنا أبو الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي  ، حدثنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي  ، أنبأنا  أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ  ، حدثنا عبد الله بن سعيد  ، حدثنا أسد بن موسى  ، حدثنا عنبسة بن سعيد بن كثير  ، حدثني جدي عن  أبي هريرة  رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الميت يسمع حس النعال إذا ولى عنه الناس مدبرين ، ثم يجلس ويوضع كفنه في عنقه ثم يسأل   " . 
وروي عن  أبي هريرة  رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان ، يقال لأحدهما : المنكر ، وللآخر النكير ، فيقولان : ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول : هو عبد الله ورسوله ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله ، فيقولان له : قد كنا نعلم أنك تقول هذا ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ، ثم ينور له فيه ، ثم يقال : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، حتى يبعثه الله تعالى ، وإن كان منافقا أو كافرا قال :   [ ص: 351 ] سمعت الناس يقولون قولا فقلت مثله ، لا أدري ، فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه ، فتختلف أضلاعه ، فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك   " . 
وروي عن  البراء بن عازب  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح المؤمن وقال : " فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ [ فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد ، فينتهرانه ، ويقولان له الثانية : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ ] وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن فيثبته الله عز وجل ، فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم فينادي مناد من السماء : أن صدق عبدي ، قال : فذلك قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة    )   . 
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي  ، أنبأنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن هارون الطيسفوني  ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الترابي  ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام  ، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن سيار القرشي  ، حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء أبو إسحاق  حدثنا هشام بن يوسف  حدثنا عبد الله بن يحيى ،  عن هانئ مولى عثمان  قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال : " استغفروا لأخيكم واسألوا الله له التثبيت ، فإنه الآن يسأل   " . 
وقال عمرو بن العاص  في سياق الموت وهو يبكي : فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار ، فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ، ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم ، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي   . 
قوله تعالى : ( ويضل الله الظالمين    )  أي : لا يهدي المشركين إلى الجواب بالصواب في القبر ( ويفعل الله ما يشاء ) من التوفيق ، والخذلان ، والتثبيت ، وترك التثبيت . 
				
						
						
