[ ص: 22 ]   ( أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون    ( 48 ) ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون    ( 49 ) ) 
قوله عز وجل : ( أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء    ) - قرأ حمزة   والكسائي  بالتاء على الخطاب ، وكذلك في سورة العنكبوت ، والآخرون بالياء ، خبرا عن الذين مكروا السيئات - إلى ما خلق الله من شيء من جسم قائم ، له ظل ، ( يتفيأ ) قرأ أبو عمرو  ، ويعقوب  بالتاء والآخرون بالياء . ( ظلاله ) أي : تميل وتدور من جانب إلى جانب ، فهي في أول النهار على حال ، ثم تتقلص ، ثم تعود في آخر النهار إلى حال أخرى سجدا لله ، فميلانها ودورانها : سجودها لله عز وجل . ويقال للظل بالعشي : فيء; لأنه فاء ، أي رجع من المغرب إلى المشرق ، فالفيء الرجوع . والسجود الميل . ويقال : سجدت النخلة إذا مالت . 
قوله عز وجل : ( عن اليمين والشمائل سجدا لله    ) قال قتادة  والضحاك    : أما اليمين : فأول النهار ، والشمال : آخر النهار ، تسجد الظلال لله . 
وقال الكلبي    : الظل قبل طلوع الشمس عن يمينك وعن شمالك وقدامك وخلفك ، وكذلك إذا غابت ، فإذا طلعت كان من قدامك ، وإذا ارتفعت كان عن يمينك ، ثم بعده كان خلفك ، فإذا كان قبل أن تغرب الشمس كان عن يسارك ، فهذا تفيؤه ، وتقلبه ، وهو سجوده   . 
وقال مجاهد    : إذا زالت الشمس سجد كل شيء لله   . 
وقيل : المراد من الظلال : سجود الأشخاص . 
فإن قيل لم وحد اليمين وجمع الشمائل؟ 
قيل من شأن العرب في اجتماع العلامتين الاكتفاء بواحدة ، كقوله تعالى : " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم    " ( البقرة - 7 ) وقوله : " يخرجهم من الظلمات إلى النور    " ( البقرة - 257 ) . 
وقيل : اليمين يرجع إلى قوله : " ما خلق الله " . ولفظ " ما " واحد ، والشمائل : يرجع إلى المعنى . 
( وهم داخرون    ) صاغرون . ( ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض     ) إنما أخبر ب " ما " لغلبة ما لا يعقل على من يعقل في العدد ، والحكم للأغلب كتغليب المذكر على المؤنث ، ( من دابة ) أراد من كل حيوان يدب . ويقال : السجود : الطاعة ، والأشياء كلها مطيعة لله عز وجل من حيوان وجماد ، قال الله تعالى : " قالتا أتينا طائعين    " ( فصلت - 11 ) .   [ ص: 23 ] 
وقيل : سجود الأشياء تذللها وتسخرها لما أريدت له وسخرت له . 
وقيل : سجود الجمادات وما لا يعقل : ظهور أثر الصنع فيه ، على معنى أنه يدعو الغافلين إلى السجود عند التأمل والتدبر فيه ، قال الله تعالى : " سنريهم آياتنا في الآفاق    " ( فصلت - 53 ) . 
( والملائكة ) خص الملائكة بالذكر مع كونهم من جملة ما في السموات والأرض تشريفا ورفعا لشأنهم . 
وقيل : لخروجهم من الموصوفين بالدبيب إذ لهم أجنحة يطيرون بها . 
وقيل : أراد : ولله يسجد ما في السموات من الملائكة وما في الأرض من دابة ، وتسجد الملائكة . ( وهم لا يستكبرون ) 
				
						
						
