الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5642 حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان حدثنا عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الرحم شجنة من الرحمن فقال الله من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الثاني قوله : ( حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال حدثنا عبد الله بن دينار ) لسليمان في هذا المعنى ثلاثة أحاديث : أحدها : هذا ، والآخر : الحديث الذي قبله - وقد سبق من طريقه في تفسير القتال ويأتي في التوحيد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الرحم شجنة ) بكسر المعجمة وسكون الجيم بعدها نون ، وجاء بضم أوله وفتحه رواية ولغة . وأصل الشجنة عروق الشجر المشتبكة ، والشجن بالتحريك واحد الشجون وهي طرق الأودية ، ومنه قولهم : " الحديث ذو شجون " أي يدخل بعضه في بعض . وقوله : من الرحمن أي أخذ اسمها من هذا الاسم كما في حديث عبد الرحمن بن عوف في السنن مرفوعا أنا الرحمن ، خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي والمعنى أنها أثر من أثار الرحمة مشتبكة بها ; فالقاطع لها منقطع من رحمة الله . وقال الإسماعيلي : معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة ، وليس معناه أنها من ذات الله ، تعالى الله عن ذلك . قال القرطبي : الرحم التي توصل عامة وخاصة ، فالعامة رحم الدين وتجب مواصلتها بالتوادد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة . وأما الرحم الخاصة فتزيد للنفقة على القريب وتفقد أحوالهم والتغافل عن زلاتهم . وتتفاوت مراتب استحقاقهم في ذلك كما في الحديث الأول من كتاب الأدب الأقرب فالأقرب وقال ابن أبي جمرة : تكون صلة الرحم بالمال ، وبالعون على الحاجة ، وبدفع الضرر ، وبطلاقة الوجه ، وبالدعاء . والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة ، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة ، فإن كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم ، بشرط بذل الجهد في وعظهم ، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق ، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال الله ) زاد الإسماعيلي في روايته لها وهذه الفاء عاطفة على شيء محذوف ، وأحسن ما يقدر له ما في الحديث الذي قبله فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، فقال الله إلخ " .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية