الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4822 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما nindex.php?page=hadith&LINKID=654720أن رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=10806_32236نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق
[ ص: 67 ] قوله ( نهى عن الشغار ) في رواية ابن وهب عن مالك " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503360نهى عن nindex.php?page=treesubj&link=10806نكاح الشغار ، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، وهو مراد من حذفه .
قوله ( والشغار أن يزوج الرجل ابنته إلخ ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ذكر تفسير الشغار جميع رواة مالك عنه . قلت : ولا يرد على إطلاقه أن أبا داود أخرجه عن القعنبي فلم يذكر التفسير ، وكذا أخرجه الترمذي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17126معن بن عيسى لأنهما اختصرا ذلك في تصنيفهما ، وإلا فقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق معن بالتفسير ، وكذا أخرجه الخطيب في " المدرج " من طريق القعنبي . نعم اختلف الرواة عن مالك فيمن ينسب إليه تفسير الشغار ، فالأكثر لم ينسبوه لأحد ، ولهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " المعرفة " : لا أدري التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن ابن عمر أو عن نافع أو عن مالك ، ونسبه محرز بن عون وغيره لمالك . قال الخطيب : تفسير الشغار ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هـو قول مالك وصل بالمتن المرفوع ، وقد بين ذلك ابن مهدي nindex.php?page=showalam&ids=15020والقعنبي ومحرز بن عون ، ثم ساقه كذلك عنهم ، ورواية محرز بن عون عند nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في " الموطآت " وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا من طريق خالد بن مخلد عن مالك قال : سمعت أن الشغار أن يزوج الرجل إلخ ، وهذا دال على أن التفسير من منقول مالك لا من مقوله .
ووقع عند المصنف - كما سيأتي في كتاب ترك الحيل - من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع في هذا الحديث تفسير الشغار من قول نافع ولفظه " قال عبيد الله بن عمر قلت لنافع : ما الشغار ؟ فذكره " فلعل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا أيضا نقله عن نافع ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11927أبو الوليد الباجي : الظاهر أنه من جملة الحديث ، وعليه يحمل حتى يتبين أنه من قول الراوي وهو نافع . قلت : قد تبين ذلك ، ولكن لا يلزم من كونه لم يرفعه أن لا يكون في نفس الأمر مرفوعا ، فقد ثبت ذلك من غير روايته ، فعند مسلم من رواية أبي أسامة وابن نمير عن عبيد الله بن عمر أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مثله سواء ، قال : وزاد ابن نمير " والشغار أن يقول الرجل للرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي وزوجني أختك وأزوجك أختي " وهذا يحتمل أن يكون من كلام عبيد الله بن عمر فيرجع إلى نافع ، ويحتمل أن يكون تلقاه عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، ويؤيد الاحتمال الثاني وروده في حديث أنس وجابر وغيرهما أيضا ، فأخرج عبد الرزاق عن معمر عن ثابت وأبان عن أنس مرفوعا " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503361لا شغار في الإسلام ، والشغار أن يزوج الرجل الرجل أخته بأخته "
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق نافع بن يزيد عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن جابر مرفوعا " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503362نهي عن الشغار ، والشغار أن ينكح هذه بهذه بغير صداق ، بضع هذه صداق هذه وبضع هذه صداق هذه ، وأخرج أبو الشيخ في كتاب النكاح من حديث أبي ريحانة " nindex.php?page=hadith&LINKID=3503363أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المشاغرة ، والمشاغرة أن يقول زوج هذا من هذه وهذه من هذا بلا مهر " قال القرطبي : تفسير الشغار صحيح موافق لما ذكره أهل اللغة فإن كان مرفوعا فهو المقصود ، وإن كان من قول الصحابي فمقبول أيضا لأنه أعلم بالمقال وأقعد بالحال اهــ . وقد اختلف الفقهاء هل يعتبر في الشغار الممنوع ظاهر الحديث في تفسيره ، فإن فيه وصفين أحدهما تزويج من الوليين وليته للآخر بشرط أن يزوجه وليته ، والثاني خلو بضع كل منهما من الصداق ، فمنهم من اعتبرهما معا حتى لا يمنع مثلا إذا زوج كل منهما [ ص: 68 ] الآخر بغير شرط وإن لم يذكر الصداق ، أو زوج كل منهما الآخر بالشرط وذكر الصداق . وذهب أكثر الشافعية إلى أن علة النهي الاشتراك في البضع لأن بضع كل منهما يصير مورد العقد ، وجعل البضع صداقا مخالف لا يراد عقد النكاح ، وليس المقتضي للبطلان ترك ذكر الصداق لأن النكاح يصح بدون تسمية الصداق . واختلفوا فيما إذا لم يصرحا بذكر البضع فالأصح عندهم الصحة ، ولكن وجد نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على خلافه ولفظه : إذا زوج الرجل ابنته أو المرأة يلي أمرها من كانت لآخر على أن صداق كل واحدة بضع الأخرى أو على أن ينكحه الأخرى ولم يسم أحد منهما لواحدة منهما صداقا فهذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منسوخ ، هكذا ساقه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده الصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال : وهو الموافق للتفسير المنقول في الحديث ، واختلف نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيما إذا سمى مع ذلك مهرا فنص في " الإملاء " على البطلان ، وظاهر نصه في " المختصر " الصحة ، وعلى ذلك اقتصر في النقل عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من ينقل الخلاف من أهل المذاهب ، وقال القفال : العلة في البطلان التعليق والتوقيف ، فكأنه يقول لا ينعقد لك نكاح بنتي حتى ينعقد لي نكاح بنتك .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : كان ابن أبي هريرة يشبه برجل تزوج امرأة ويستثني عضوا من أعضائها وهو مما لا خلاف في فساده ، وتقرير ذلك أنه يزوج وليته ويستثني بضعها حيث يجعله صداقا للأخرى . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في " الوسيط " : صورته الكاملة أن يقول زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك على أن يكون بضع كل واحدة منهما صداقا للأخرى ، ومهما انعقد نكاح ابنتي انعقد نكاح ابنتك . قال شيخنا في " شرح الترمذي " ينبغي أن يزاد : ولا يكون مع البضع شيء آخر ليكون متفقا على تحريمه في المذهب . ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي أن أحمد نص على أن علة البطلان ترك ذكر المهر ، ورجح ابن تيمية في " المحرر " أن العلة التشريك في البضع ، وقال ابن دقيق العيد : ما نص عليه أحمد هو ظاهر التفسير المذكور في الحديث لقوله فيه ولا صداق بينهما ، فإنه يشعر بأن جهة الفساد ذلك ، وإن كان يحتمل أن يكون ذلك ذكر لملازمته لجهة الفساد ، ثم قال : وعلى الجملة ففيه شعور بأن عدم الصداق له مدخل في النهي ، ويؤيده حديث أبي ريحانة الذي تقدم ذكره .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : أجمع العلماء على أن nindex.php?page=treesubj&link=10806نكاح الشغار لا يجوز ، ولكن اختلفوا في صحته فالجمهور على البطلان ، وفي رواية عن مالك يفسخ قبل الدخول لا بعده ، وحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي . وذهب الحنفية إلى صحته ووجوب مهر المثل ، وهو قول الزهري ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ورواية عن أحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وهو قول على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، لاختلاف الجهة . لكن قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن النساء محرمات إلا ما أحل الله أو ملك يمين ، فإذا ورد النهي عن نكاح تأكد التحريم
( تنبيه ) :
ذكر البنت في تفسير الشغار مثال ، وقد تقدم في رواية أخرى ذكر الأخت ، قال النووي : أجمعوا على أن غير البنات من الأخوات وبنات الأخ وغيرهن كالبنات في ذلك ، والله أعلم