الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          770 حدثنا هناد حدثنا وكيع عن مسعر وسفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصوم صوم أخي داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ولا يفر إذا لاقى قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وأبو العباس هو الشاعر المكي الأعمى واسمه السائب بن فروخ قال بعض أهل العلم أفضل الصيام أن تصوم يوما وتفطر يوما ويقال هذا هو أشد الصيام

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( ولا يفر إذا لاقى ) أي العدو ، وزاد النسائي من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة : وإذا وعد لم يخلف ، قال الحافظ : ولم أرها من غير هذا الوجه ولها مناسبة بالمقام وإشارة إلى أن سبب النهي خشيته أن يعجز عن الذي يلزمه فيكون كمن وعد فأخلف ، كما أن في قوله : " وكان لا يفر إذا لاقى " . إشارة إلى حكمة صوم يوم وإفطار يوم .

                                                                                                          قال الخطابي : محصل قصة عبد الله بن عمرو أن الله تعالى لم يتعبد عبده بالصوم خاصة ، بل تعبده بأنواع من العبادات فلو استفرغ جهده لقصر في غيره ، فالأولى الاقتصاد فيه ليستبقي بعض القوة لغيره ، وقد أشير إلى ذلك بقوله -عليه الصلاة والسلام- في داود -عليه السلام- : " وكان لا يفر إذا لاقى " ؛ لأنه كان يتقوى بالفطر لأجل الجهاد .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه باختلاف الألفاظ .

                                                                                                          قوله : ( وقال بعض أهل العلم أفضل الصيام أن يصوم يوما ويفطر يوما ويقال هذا هو [ ص: 400 ] أشد الصيام ) قال الحافظ : وذهب جماعة منهم المتولي من الشافعية إلى أن صيام داود أفضل ، وهو ظاهر الحديث ، بل صريحه ، ويترجح من حيث المعنى أيضا بأن صيام الدهر قد يفوت بعض الحقوق وبأن من اعتاده فإنه لا يكاد يشق عليه ، بل تضعف شهوته عن الأكل وتقل حاجته إلى الطعام والشراب نهارا ويألف تناوله في الليل بحيث يتجدد له طبع زائد بخلاف من يصوم يوما ويفطر يوما فإنه ينتقل من فطر إلى صوم ومن صوم إلى فطر ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية