الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2079 حدثنا رجاء بن محمد العذري البصري حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين حدثنا شعبة عن خالد الحذاء حدثنا ميمون أبو عبد الله قال سمعت زيد بن أرقم قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتداوى من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب صحيح لا نعرفه إلا من حديث ميمون عن زيد بن أرقم وقد روى عن ميمون غير واحد من أهل العلم هذا الحديث وذات الجنب يعني السل

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا رجاء بن محمد ) بن رجاء ( العذري ) بضم عين مهملة وسكون ذال معجمة ، البصري السقطي ، ثقة من الحادية عشرة كذا في التقريب ، ووقع في النسخة الأحمدية العدوي بفتح عين ودال مهملتين وهو غلط ( حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين ) بفتح راء وكسر زاي وسكون ياء وبنون ، الخزاعي مولاهم أبو عثمان البصري ، صدوق ربما أخطأ من التاسعة .

                                                                                                          قوله : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتداوى من ذات الجنب بالقسط البحري والزيت ) قال الحافظ ابن القيم : ذات الجنب عند الأطباء نوعان حقيقي وغير حقيقي ، فالحقيقي ورم حار يعرض في نواحي الجنب في الغشاء المستبطن للأضلاع ، وغير الحقيقي ألم يشبهه يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة مؤذية تحتقن بين الصفاقات فتحدث وجعا قريبا من وجع ذات الجنب الحقيقي إلا أن الوجع في هذا القسم ممدود وفي الحقيقي ناخس : قال : ويلزم ذات الجنب الحقيقي خمسة أعراض وهي الحمى والسعال والوجع الناخس وضيق النفس والنبض المنشاري ، والعلاج الموجود في الحديث ليس هو لهذا القسم ، لكن للقسم الثاني الكائن عن الريح الغليظة ، فإن القسط البحري وهو العود الهندي على ما جاء مفسرا في أحاديث أخر صنف من القسط إذا دق دقا ناعما وخلط بالزيت المسخن ودلك به مكان الريح المذكور أو لعق ، كان دواء موافقا لذلك نافعا له محللا لمادته مذهبا لها ، مقويا للأعضاء الباطنة مفتحا للسدد ، والعود المذكورة في منافعه كذلك ، قال المسيحي : العود حار يابس قابض يحبس البطن ويقوي الأعضاء الباطنة ويطرد الريح ويفتح السدد ، نافع من ذات الجنب ، ويذهب فضل الرطوبة ، والعود المذكور جيد للدماغ قال : ويجوز أن ينفع القسط من ذات الجنب الحقيقية أيضا إذا كان حدوثها عن مادة بلغمية لا سيما في وقت انحطاط العلة انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد والحاكم بلفظ : تداووا من ذات الجنب [ ص: 211 ] بالقسط البحري والزيت المسخن ( وذات الجنب يعني السل ) كذا فسر الترمذي ذات الجنب بالسل ، وقال الجزري في النهاية : ذات الجنب هي الدبيلة والدمل الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتتفجر إلى داخل وقلما يسلم صاحبها ، وذو الجنب الذي يشتكي جنبه بسبب الدبيلة ، إلا أن ذو للمذكر وذات للمؤنث ، وصارت ذات الجنب علما لها وإن كانت في الأصل صفة مضافة ، والمجنوب الذي أخذته ذات الجنب ، وقيل أراد بالمجنوب الذي يشتكي جنبه مطلقا انتهى ، وقد عرفت ما ذكره ابن القيم في تفسير ذات الجنب ، وأما تفسيرها بالسل فلم أر أحدا فسرها به غير الترمذي ، والسل بكسر السين وشدة اللام في اللغة : الهزال ، وفي الطب قرحة في الرئة ، وإنما سمي المرض به لأن من لوازمه هزال البدن ، ولما كانت الحمى الدقية لازمة لهذه القرحة ذكر القرشي أن السل قرحة الرئة مع الدق وعده من الأمراض المركبة ، كذا قال النفيس ، وقال القرشي في شرح الفصول : يقال السل لحمى الدق ولدق الشيخوخة ولقرحة الرئة .




                                                                                                          الخدمات العلمية