الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2657 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود أنبأنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يحدث عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع فرب مبلغ أوعى من سامع قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد رواه عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن عبد الله

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( سمع منا شيئا ) وفي رواية ابن ماجه " حديثا " بدل " شيئا " . قال الطيبي : يعم الأقوال والأفعال الصادرة من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم - يدل عليه صيغة الجمع في " منا " .

                                                                                                          قلت : الظاهر عندي أن المعنى : من سمع مني أو من أصحابي حديثا من أحاديثي فبلغه إلخ والله تعالى أعلم ( فبلغه كما سمعه ) أي من غير زيادة ونقصان ، وخص مبلغ الحديث كما [ ص: 349 ] سمعه بهذا الدعاء لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة فجازاه بالدعاء بما يناسب حاله ، وهذا يدل على شرف الحديث وفضله ودرجة طلابه حيث خصهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بدعاء لم يشرك فيه أحد من الأمة ، ولو لم يكن في طلب الحديث وحفظه وتبليغه فائدة سوى أن يستفيد بركة هذه الدعوة المباركة ، لكفى ذلك فائدة وغنما ، وجل في الدارين حظا وقسما .

                                                                                                          وقال محيي السنة : اختلف في نقل الحديث بالمعنى وإلى جوازه ذهب الحسن والشعبي والنخعي ، وقال مجاهد : انقص من الحديث ما شئت ولا تزد ، وقال سفيان : إن قلت حدثتكم كما سمعت فلا تصدقوني فإنما هو المعنى ، وقال وكيع : إن لم يكن المعنى واسعا فقد هلك الناس ، وقال أيوب عن ابن سيرين : كنت أسمع الحديث عن عشرة واللفظ مختلف والمعنى واحد . وذهب قوم إلى اتباع اللفظ منهم ابن عمر وهو قول القاسم بن محمد وابن سيرين ومالك بن أنس وابن عيينة . وقال محيي السنة : الرواية بالمعنى حرام عند جماعات من العلماء وجائزة عند الأكثرين والأولى اجتنابها ، انتهى .

                                                                                                          قلت : مسألة الرواية بالمعنى مبسوطة في كتب أصول الحديث عليك أن تراجعها ( فرب ) لتقليل وقد ترد للتكثير ( مبلغ ) بفتح اللام وأوعى نعت له والذي يتعلق به " رب " محذوف وتقديره يوجد أو يكون ، ويجوز على مذهب الكوفيين في أن " رب " اسم أن تكون هي مبتدأ وأوعى الخبر فلا حذف ولا تقدير ، والمراد رب مبلغ عني أوعى أي أفهم لما أقول من سامع مني ، وصرح بذلك ، أبو القاسم بن منده في روايته من طريق هوذة عن ابن عون ولفظه : فإنه عسى أن بعض من لم يشهد أوعى لما أقول من بعض من شهد .

                                                                                                          قوله : ( قوله هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان . قال المناوي وإسناده صحيح .




                                                                                                          الخدمات العلمية