الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2709 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن الزهري عن سهل بن سعد الساعدي أن رجلا اطلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جحر في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدراة يحك بها رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو علمت أنك تنظر لطعنت بها في عينك إنما جعل الاستئذان من أجل البصر وفي الباب عن أبي هريرة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أن رجلا اطلع على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جحر ) بضم الجيم وسكون المهملة ، وهو كل ثقب مستدير في أرض أو حائط ، وأصلها مكامن الوحش ( في حجرة النبي -صلى الله عليه وسلم ) بضم الحاء المهملة وسكون الجيم ( ومع النبي -صلى الله عليه وسلم- مدراة ) وفي رواية الشيخين مدرى ، قال الحافظ المدرى بكسر الميم وسكون المهملة : عود تدخله المرأة في رأسها لتضم بعض شعرها إلى بعض ، وهو يشبه المسلة يقال : مدرت المرأة سرحت شعرها ، وقيل : مشط له أسنان يسيرة . وقال الأصمعي وأبو عبيد هو المشط ، وقال الجوهري أصل المدرى القرن .

                                                                                                          كذلك المدراة ، وقيل هو عود أو حديدة كالخلال لها رأس محدد ، وقيل : خشبة على شكل شيء من أسنان المشط ، ولها ساعد جرت عادة الكبير أن يحك بها ما لا تصل إليه يده من جسده ، ويسرح بها الشعر الملبد من لا يحضره المشط ، وقد ورد في حديث لعائشة ما يدل على أن المدرى غير المشط أخرجه الخطيب في الكفاية عنها . قالت : خمس لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعهن في سفر ولا حضر المرأة والمكحلة والمشط والمدرى والسواك ، وفي إسناده أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف . وأخرجه ابن عدي من وجه آخر ضعيف أيضا ، وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين من وجه آخر عن عائشة أقوى من هذا ، لكن فيه [ ص: 406 ] قارورة دهن بدل المدرى ( يحك ) بصيغة الفاعل ( بها ) أي بالمدراة ( لو علمت ) أي يقينا ( أنك تنظر ) أي قصدا وعمدا ( لطعنت بها في عينك ) قال الطيبي : دل على أن الاطلاع مع غير قصد النظر لا يترتب عليه الحكم كالمار ( إنما جعل ) أي شرع ( الاستئذان من أجل البصر ) قال النووي : معناه أن الاستئذان مشروع ومأمور به ، وإنما جعل لئلا يقع البصر على الحرم ، فلا يحل لأحد أن ينظر في جحر باب ولا حفيرة مما هو متعرض فيه لوقوع بصره على امرأة أجنبية انتهى .

                                                                                                          قال الحافظ : ويؤخذ منه أنه يشرع الاستئذان على كل أحد حتى المحارم لئلا تكون منكشفة العورة . وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد عن نافع : كان ابن عمر إذا بلغ بعض ولده الحلم لم يدخل عليه إلا بإذن ، ومن طريق علقمة : جاء رجل إلى ابن مسعود فقال : أستأذن على أمي ؟ فقال ما على كل أحيانها تريد أن تراها ، ومن طريق مسلم بن نذير : سأل رجل حذيفة أستأذن على أمي ؟ قال إن لم تستأذن عليها رأيت ما تكره ، ومن طريق موسى بن طلحة دخلت مع أبي على أمي فدخل واتبعته فدفع في صدري ، وقال : تدخل بغير إذن ؟ ومن طريق عطاء : سألت ابن عباس أستأذن على أختي ؟ قال : نعم ، قلت : إنها في حجري ، قال : أتحب أن تراها عريانة ؟ وأسانيد هذه الآثار كلها صحيحة ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة ) لعله أشار إلى حديثه الذي أشار إليه في الباب المتقدم وقد ذكرنا لفظه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وغيرهما .




                                                                                                          الخدمات العلمية