الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3674 حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان فقال أبو بكر بأبي أنت وأمي ما على من دعي من هذه الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال نعم وأرجو أن تكون منهم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن حميد بن عبد الرحمن ) بن عوف الزهري المدني . قوله : " من أنفق زوجين " أي : شيئين من أي صنف من أصناف المال من نوع واحد وقد جاء مفسرا مرفوعا : " بعيرين شاتين حمارين درهمين " " في سبيل الله " اختلف في المراد بقوله في سبيل الله فقيل : أراد الجهاد وقيل : ما هو أعم منه " نودي في الجنة " ، وفي رواية البخاري نودي من أبواب الجنة " يا عبد الله هذا خير " ليس اسم التفضيل بل المعنى هذا خير من الخيرات والتنوين فيه للتعظيم " فمن كان من أهل الصلاة " أي : [ ص: 110 ] المؤدين للفرائض المكثرين من النوافل وكذا ما يأتي فيما قيل : " ومن كان من أهل الصيام " أي : الذي الغالب عليه الصيام وإلا فكل المؤمنين أهل للكل " دعي من باب الريان " بفتح الراء وتشديد التحتانية وزن فعلان من الري اسم علم لباب من أبواب الجنة يختص بدخول الصائمين منه ، وهو مما وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه : لأنه مشتق من الري ، وهو مناسب لحال الصائمين ، قال الحافظ : معنى الحديث أن كل عامل يدعى من باب ذلك العمل وقد جاء ذلك صريحا من وجه آخر عن أبي هريرة : " لكل عامل باب من أبواب الجنة يدعى منه بذلك العمل " أخرجه أحمد وابن أبي شيبة بإسناد صحيح ، قال : ووقع في الحديث ذكر أربعة أبواب من أبواب الجنة ، وقد ثبت أن أبواب الجنة ثمانية ، وبقي من الأركان الحج فله باب بلا شك ، وأما الثلاثة الأخرى فمنها " باب الكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس " رواه أحمد بن حنبل عن الحسن مرسلا إن لله بابا في الجنة لا يدخله إلا من عفا عن مظلمة ، ومنها الباب الأيمن وهو باب المتوكلين الذي يدخل منه من لا حساب عليه ولا عذاب ، وأما الثالث فلعله باب الذكر فإن عند الترمذي ما يرمي إليه ، ويحتمل أن يكون باب العلم ويحتمل أن يكون المراد بالأبواب التي يدعى منها أبوابا من داخل أبواب الجنة الأصلية ؛ لأن الأعمال الصالحة أكثر عددا من ثمانية . انتهى ، وجاء في رواية عن أبي هريرة بيان الداعي فروى البخاري عنه مرفوعا : " من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب أي : قيل : هلم " الحديث ( ما على من دعي من هذه الأبواب من ضرورة ) . كلمة ما للنفي ومن زائدة وهي اسم ما أي : ليس ضرورة واحتياجا على من دعي من باب واحد من تلك الأبواب إن لم يدع من سائرها لحصول المقصود وهو دخول الجنة وهذا النوع تمهيد قاعدة السؤال في قوله : ( فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ) أي : سألت عن ذلك بعد معرفتي بأن لا ضرورة ولا احتياج لمن يدعى من باب واحد إلى الدعاء من سائر الأبواب إذ يحصل مراده بدخول الجنة ( قال " نعم " ) أي : يكون جماعة يدعون من جميع الأبواب تعظيما وتكريما لهم لكثرة صلاتهم وجهادهم وصيامهم وغير ذلك من أبواب الخير " وأرجو أن تكون منهم " قال العلماء : الرجاء من الله ومن نبيه واقع محقق ، وبهذا التقرير يدخل الحديث في فضائل أبي بكر ، ووقع في حديث ابن عباس عند ابن حبان في نحو هذا [ ص: 111 ] الحديث التصريح بالوقوع لأبي بكر ولفظه : قال " أجل وأنت هو يا أبا بكر " .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي .




                                                                                                          الخدمات العلمية