الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3689 حدثنا الحسين بن حريث أبو عمار المروزي حدثنا علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي حدثني عبد الله بن بريدة قال حدثني أبي بريدة قال أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالا فقال يا بلال بم سبقتني إلى الجنة ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي فأتيت على قصر مربع مشرف من ذهب فقلت لمن هذا القصر فقالوا لرجل من العرب فقلت أنا عربي لمن هذا القصر قالوا لرجل من قريش قلت أنا قرشي لمن هذا القصر قالوا لرجل من أمة محمد قلت أنا محمد لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب فقال بلال يا رسول الله ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها ورأيت أن لله علي ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما وفي الباب عن جابر ومعاذ وأنس وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت في الجنة قصرا من ذهب فقلت لمن هذا فقيل لعمر بن الخطاب قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب ومعنى هذا الحديث أني دخلت البارحة الجنة يعني رأيت في المنام كأني دخلت الجنة هكذا روي في بعض الحديث ويروى عن ابن عباس أنه قال رؤيا الأنبياء وحي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( بريدة ) بالرفع بدل من أبي ( أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم ) أي : ذات يوم ( فدعا بلالا ) أي : بعد صلاة الصبح " بم " أي : بأي شيء " ما دخلت الجنة قط " يستفاد منه أنه -صلى الله عليه وسلم- رأى بلالا كذلك مرات " إلا سمعت خشخشتك " الخشخشة : حركة لها صوت كصوت السلاح " أمامي " أي : قدامي ( دخلت البارحة ) هي أقرب ليلة مضت " فسمعت خشخشتك أمامي " قيل : مشية بين يديه -صلى الله عليه وسلم- على سبيل الخدمة كما جرت العادة بتقدم بعض الخدم بين يدي مخدومه ، وإنما أخبره -عليه الصلاة والسلام- بما رآه ليطيب قلبه ويداوم على ذلك العمل ولترغيب السامعين إليه " فأتيت على قصر مربع مشرف " أي : له شرفة ، والشرفة من القصر ما أشرف من بنائه ، قال في الصراح شرفة بالضم كنكرة جمعها شرف " قالوا لعمر بن الخطاب " فيه فضيلة ظاهرة لعمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- ( ما أذنت ) أي : ما أردت التأذين ( إلا صليت ركعتين ) أي : نفلا قبل الأذان ، والأظهر ما أذنت إلا صليت قبل الإقامة ركعتين وهو قابل لاستثناء المغرب إذ ما من عام إلا وخص قاله القاري . قلت : قول القاري هو قابل لاستثناء المغرب ليس بصحيح فإنه قد ورد في مشروعية الركعتين قبل إقامة المغرب أحاديث صحيحة صريحة ( حدث ) بفتحتين هو لغة الشيء الحادث نقل إلى ناقضات الوضوء ( إلا توضأت عندها ) أي : عند إصابة الحدث ( ورأيت ) عطف على توضأت ، قال ابن [ ص: 121 ] الملك أي : ظننت ، وقال ابن حجر المكي أي : اعتقدت ، وقال القاري الأظهر أن يكون من الرأي أي : اخترت ( أن لله علي ركعتين ) أي : شكرا له تعالى على إزالة الأذية وتوفيق الطهارة قال الطيبي كناية عن مواظبته عليهما " بهما " أي : بهما نلت ما نلت ، أو عليك بهما قاله الطيبي قال القاري ، وهو أحسن مما قيل : بهاتين الخصلتين دخلت الجنة ثم الظاهر أن ضمير التثنية راجع إلى القريبين المذكورين وهما دوام الطهارة وتمامها بأداء شكر الوضوء ولا يبعد أن يرجع إلى الصلاة بين كل أذانين والصلاة بعد كل طهارة ، أو الى الصلاة بين الأذانين ومجموع دوام الوضوء وشكره . انتهى . قوله : ( وفي الباب عن جابر ومعاذ وأنس وأبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال إلخ ) أما حديث جابر فأخرجه أحمد والشيخان ، وأما حديث معاذ وهو ابن جبل فأخرجه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح ، وأما حديث أنس فأخرجه الترمذي قبل هذا الباب ، وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الشيخان . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح غريب ) وأخرجه أحمد . قوله : ( ومعنى هذا الحديث أني دخلت البارحة الجنة يعني رأيت في المنام كأني دخلت الجنة ) يعني أن هذه القصة وقعت في المنام لا في اليقظة ( هكذا روي في بعض الحديث ) روى الشيخان عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : " بينا أنا نائم إذ رأيتني في الجنة " الحديث ( ويروى عن ابن عباس قال رؤيا الأنبياء وحي ) مقصود الترمذي بذكر هذا الأثر أن ما رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام في شأن عمر هو حق وصدق لا شبهة فيه فإن رؤيا الأنبياءوحي ، وروى أحمد في مسنده عن معاذ بن جبل قال إن كان عمر لمن أهل الجنة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ما رأى في يقظته ، أو نومه فهو حق وأنه قال : " بينما أنا في الجنة إذ رأيت فيها دارا فقلت لمن هذه فقيل : لعمر بن الخطاب " -رضي الله عنه - .




                                                                                                          الخدمات العلمية