الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          485 حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسمعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا قال وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وعامر بن ربيعة وعمار وأبي طلحة وأنس وأبي بن كعب قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وروي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( من صلى علي صلاة ) أي واحدة ( صلى الله عليه عشرا ) أي عشر صلوات ، والمعنى رحمه وضاعف أجره كقوله تعالى : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والظاهر أنه أقل المضاعفة قال الطيبي : ويجوز أن تكون الصلاة على ظاهرها كلاما يسمعه الملائكة تشريفا للمصلي وتكريما له كما جاء : وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم . قال القاري في المرقاة بعد ذكر كلام الطيبي هذا : لا حاجة إلى التقييد بسماع الملائكة ; لأنه جاء : وإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي [ ص: 497 ] ، انتهى . قلت : إذا كانت الصلاة على ظاهرها كلاما تشريفا للمصلي وتكريما له فلا بد من التقييد بسماع الملائكة ليظهر عندهم شرافته وكرامته بسماعهم صلاة الله عليه .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وعامر بن ربيعة وعمار وأبي طلحة وأنس وأبي بن كعب ) أما حديث عبد الرحمن بن عوف فأخرجه أحمد قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل نخلا فسجد فأطال السجود حتى خشيت أن يكون الله تعالى قد توفاه ، قال : فجئت أنظر فرفع رأسه فقال ما لك ، فذكرت له ذلك فقال : إن جبريل عليه السلام قال لي : ألا أبشرك ، إن الله عز وجل يقول لك من صلى عليك صلاة صليت عليه ، ومن سلم عليك سلمت عليه ، قال ميرك : ورواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ، رواه أبو يعلى وابن أبي الدنيا نحوه وزاد أحمد في بعض رواياته فسجدت شكرا لله ، انتهى . وقال السخاوي في القول البديع : ونقل البيهقي في الخلافيات عن الحاكم وقال : هذا حديث صحيح ولا أعلم في سجدة الشكر أصح من هذا الحديث ، انتهى . وله طرق متعددة ذكرها السخاوي في القول البديع . وأما حديث عامر بن ربيعة فلينظر من أخرجه . وأما حديث عمار وهو ابن ياسر فأخرجه الدارقطني بلفظ : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عمار ، إن لله عز وجل ملكا أعطاه الخلائق كلها وهو قائم على قبري إذا مت إلى يوم القيامة ، فليس أحد من أمتي يصلي علي صلاة إلا سماه باسمه وباسم أبيه ، قال : صلى عليك فلان وفلان كذا وكذا فيصلي الرب على ذلك الرجل بكل واحد عشرا ، انتهى .

                                                                                                          وأما حديث أبي طلحة فأخرجه النسائي والدارمي بلفظ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر في وجهه فقال : جاءني جبريل فقال : إن ربك يقول : أما يرضيك يا محمد أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ، ولا يسلم عليه أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا ، انتهى . ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وابن أبي شيبة في مصنفه ، انتهى . وأما حديث أنس فأخرجه النسائي بلفظ : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات . وحطت عنه عشر خطيئات ، ورفعت له عشر درجات ، انتهى . قال ميرك : ورواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما . وأما حديث أبي بن كعب فأخرجه الترمذي .

                                                                                                          قوله : ( حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي .

                                                                                                          [ ص: 498 ] قوله : ( وروي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا : صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار ) وقال البخاري في صحيحه : قال أبو العالية : صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء . قال ابن عباس : يصلون يبركون ، انتهى . قال الحافظ في الفتح تحت قول أبي العالية : أخرجه ابن أبي حاتم ، وقال تحت قول ابن عباس : وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله ( يصلون على النبي ) قال : يبركون على النبي أي يدعون له بالبركة فيوافق قول أبي العالية لكنه أخص منه ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية