مكة وذكر فتح مكة في شهر رمضان سنة ثمان ذكر الأسباب الموجبة المسير إلى
[ القتال بين بكر وخزاعة ]
قال ابن إسحاق : ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بعثه إلى مؤتة جمادى الآخرة ورجبا . ثم إن بني بكر بن عبد مناة بن كنانة عدت على خزاعة ، وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له : الوتير ، وكان الذي هاج ما بين بني بكر وخزاعة أن رجلا من بني الحضرمي ، واسمه مالك بن عباد وحلف الحضرمي يومئذ إلى الأسود بن رزن خرج تاجرا ، فلما توسط أرض خزاعة ، عدوا عليه فقتلوه ، وأخذوا ماله ، فعدت بنو بكر على رجل من خزاعة فقتلوه ، فعدت خزاعة قبيل الإسلام على بني الأسود بن رزن الديلي وهم منخر بني كنانة وأشرافهم سلمى وكلثوم وذؤيب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم .
قال ابن إسحاق : وحدثني رجل من بني الديل ، قال : كان بنو الأسود بن رزن يودون في الجاهلية ديتين ديتين ، ونودى دية دية ، لفضلهم فينا
[ ص: 390 ] قال ابن إسحاق : فبينا بنو بكر وخزاعة على ذلك حجز بينهم الإسلام ، وتشاغل الناس به فلما كان صلح الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش ، كان فيما شرطوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشرط لهم ، كما حدثني الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ، وغيرهم من علمائنا : أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فليدخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في عقد ومروان بن الحكم قريش وعهدهم فليدخل فيه فدخلت بنو بكر في عقد ، قريش وعهدهم ، ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده . الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش ، كان فيما شرطوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشرط لهم ، كما حدثني الزهري عن عروة بن الزبير ، عن المسور بن مخرمة ، وغيرهم من علمائنا : أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فليدخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في عقد ومروان بن الحكم قريش وعهدهم فليدخل فيه فدخلت بنو بكر في عقد ، قريش وعهدهم ، ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده .
قال ابن إسحاق : فلما كانت الهدنة اغتنمها بنو الديل من بني بكر من خزاعة ، وأرادوا أن يصيبوا منهم ثأرا بأولئك النفر الذين أصابوا منهم ببني الأسود بن رزن ، فخرج نوفل بن معاوية الديلي في بني الديل ، وهو يومئذ قائدهم ، وليس كل بني بكر تابعه حتى بيت خزاعة وهم على الوتير ، ماء لهم ، فأصابوا منهم رجلا ، وتحاوزوا واقتتلوا ، ورفدت بني بكر قريش بالسلاح ، وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا ، حتى حازوا خزاعة إلى الحرم ، فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر : يا نوفل ، إنا قد دخلنا الحرم ، إلهك إلهك ، فقال : كلمة عظيمة ، لا إله له اليوم ، يا بني بكر أصيبوا ثأركم فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم ، أفلا تصيبون ثأركم فيه ، وقد أصابوا منهم ليلة بيتوهم بالوتير رجلا يقال له منبه وكان منبه رجلا مفئودا خرج هو ورجل من قومه يقال له تميم بن أسد وقال له منبه : يا تميم ، انج بنفسك ، فأما أنا فوالله إني لميت ، قتلوني أو تركوني ، لقد انبت فؤادي ، وانطلق تميم فأفلت ، وأدركوا منبها فقتلوه فلما دخلت [ ص: 391 ] خزاعة مكة ، لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء ، ودار مولى لهم يقال له رافع ، فقال تميم بن أسد يعتذر من فراره عن منبه