[ المهاجرين في عيسى عليه السلام عند النجاشي ] مقالة
قالت : فلما خرجا من عنده ، قال عمرو بن العاص : والله لآتينه غدا عنهم بما أستأصل به خضراءهم . قالت : فقال له عبد الله بن أبي ربيعة ، وكان أتقى الرجلين فينا : لا نفعل ، فإن لهم أرحاما ، وإن كانوا قد خالفونا ؛ قال : والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى ابن مريم عبد . قالت : ثم غدا عليه ( من ) الغد فقال ( له ) : أيها الملك ، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما ، فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه . قالت : فأرسل إليهم ليسألهم عنه .
قالت : ولم ينزل بنا مثلها قط . فاجتمع القوم ، ثم قال بعضهم لبعض : ماذا تقولون في عيسى ابن مريم إذا سألكم عنه ؟ قالوا : نقول والله ما قال الله ، وما جاءنا به نبينا ، كائنا في ذلك ما هو كائن . قالت : فلما دخلوا عليه ، قال لهم : ماذا تقولون في عيسى ابن مريم ؟ قالت : فقال : نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم ، ( يقول ) : هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى جعفر بن أبي طالب مريم العذراء البتول .
قالت : فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا ، ثم قال : والله ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العود ، قالت : فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال ، فقال : وإن نخرتم والله ، اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي - والشيوم : الآمنون - من سبكم غرم ، ثم قال : من سبكم [ ص: 338 ] غرم ، ثم قال : من سبكم غرم . ما أحب أن لي دبرا من ذهب ، وأني آذيت رجلا منكم -
قال ابن هشام : ويقال دبرا من ذهب ، ويقال : فأنتم سيوم والدبر : ( بلسان الحبشة ) : الجبل - ردوا عليهما هداياهما ، فلا حاجة لي بها ، فوالله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي ، فآخذ الرشوة فيه ، وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه . قالت : فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده بخير دار ، مع خير جار .