قال ابن إسحاق : وحدثني عن أشياخ من قومه ، قالوا : عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ، ثم الظفري قدم سويد بن صامت ، أخو بني عمرو بن عوف ، مكة حاجا أو معتمرا ، [ ص: 426 ] وكان سويد إنما يسميه قومه فيهم : الكامل ، لجلده وشعره وشرفه ونسبه ، وهو الذي يقول :
:
ألا رب من تدعو صديقا ولو ترى مقالته بالغيب ساءك ما يفري مقالته كالشهد ما كان شاهدا
وبالغيب مأثور على ثغرة النحر يسرك باديه وتحت أديمه
نميمة غش تبتري عقب الظهر تبين لك العينان ما هو كاتم
من الغل والبغضاء بالنظر الشزر فرشني بخير طالما قد بريتني
فخير الموالي من يريش ولا يبري
:
لا تحسبني يا بن زعب بن مالك كمن كنت تردي بالغيوب وتختل
تحولت قرنا إذ صرعت بعزة كذلك إن الحازم المتحول
[ ص: 427 ] ضربت به إبط الشمال فلم يزل على كل حال خده هو أسفل
فتصدى له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به ، فدعاه إلى الله وإلى الإسلام ، فقال له سويد : فلعل الذي معك مثل الذي معي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما الذي معك ؟ قال : مجلة لقمان - يعني حكمة لقمان - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اعرضها علي ، فعرضها عليه ؟ فقال له : إن هذا لكلام حسن ، والذي معي أفضل من هذا ، قرآن أنزله الله تعالى علي ، هو هدى ونور . فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، ودعاه إلى الإسلام ، فلم يبعد منه ، وقال : إن هذا لقول حسن .
ثم انصرف عنه ، فقدم المدينة على قومه ، فلم يلبث أن قتلته الخزرج ، فإنه كان رجال من قومه ليقولون : إنا لنراه قد قتل وهو مسلم . وكان قتله قبل يوم بعاث