فقال محيصة في ذلك : [ ص: 59 ]
يلوم ابن أمي لو أمرت بقتله لطبقت ذفراه بأبيض قاضب حسام كلون الملح أخلص صقله
متى ما أصوبه فليس بكاذب وما سرني أني قتلتك طائعا
وأن لنا ما بين بصرى ومأرب
[ رواية أخرى في إسلام حويصة ]
قال ابن هشام : وحدثني أبو عبيدة عن أبي عمرو المدني ، قال : لما ظفر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني قريظة أخذ منهم نحوا من أربع مئة رجل من اليهود ، وكانوا حلفاء الأوس على الخزرج ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تضرب أعناقهم ، فجعلت الخزرج تضرب أعناقهم ويسرهم ذلك ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخزرج ووجوههم مستبشرة ، ونظر إلى الأوس فلم ير ذلك فيهم ، فظن أن ذلك للحلف الذي بين الأوس وبين بني قريظة ولم يكن بقي من بني قريظة إلا اثنا عشر رجلا ، فدفعهم إلى الأوس ، فدفع إلى كل رجلين من الأوس رجلا من بني قريظة وقال : ليضرب فلان وليذفف فلان فكان ممن دفع إليهم كعب بن يهوذا ، وكان عظيما في بني قريظة ، فدفعه إلى محيصة بن مسعود ، وإلى - أبي بردة بن نيار وأبو بردة الذي رخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يذبح جذعا من المعز في الأضحى - وقال : ليضربه محيصة وليذفف عليه أبو بردة ، فضربه محيصة ضربة لم تقطع ، وذفف أبو بردة فأجهز عليه . فقال حويصة ، وكان كافرا ، لأخيه محيصة : أقتلت كعب ابن يهوذا ؟ قال : نعم ؛ فقال حويصة : أما والله لرب شحم قد نبت في بطنك من ماله ، إنك للئيم يا محيصة ؛ فقال له محيصة : لقد أمرني بقتله من لو أمرني يقتلك لقتلتك ؛ فعجب من قوله ثم ذهب عنه متعجبا .
فذكروا أنه جعل يتيقظ من الليل : فيعجب من قول أخيه محيصة . حتى أصبح وهو يقول : والله إن هذا لدين . ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم ، فقال محيصة في ذلك أبياتا قد كتبناها .