عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، الإمام ، العلامة ، الحافظ شيخ الحرم ، أبو خالد ، وأبو الوليد القرشي الأموي ، المكي ، صاحب التصانيف ، [ ص: 326 ] وأول من دون العلم بمكة . مولى أمية بن خالد . وقيل : كان جده جريج عبدا لأم حبيب بنت جبر زوجة عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي ، فنسب ولاؤه إليه . وهو عبد رومي . وكان أخ اسمه لابن جريج محمد لا يكاد يعرف . وابن اسمه محمد .
حدث عن عطاء بن أبي رباح فأكثر وجود ، وعن ابن أبي مليكة ، ونافع مولى ابن عمر ، حديثا واحدا قوله . وذكر أنه أخذ أحاديث وطاوس وأراد أن يدخل عليها ، فما اتفق . وأخذ عن صفية بنت شيبة ، مجاهد حرفين من القراءات ، وميمون بن مهران ، ويوسف بن ماهك ، وعمرو بن شعيب ، وعمرو بن دينار ، وعكرمة العباسي مرسلا ، وعكرمة بن خالد المخزومي ، وابن المنكدر ، وعبيد الله بن أبي يزيد ، والقاسم بن أبي بزة ، وعبد الله بن كثير الداري ، وأيوب بن هانئ ، وحبيب بن أبي ثابت ، وزيد بن أسلم ، والزهري ، وصفوان بن سليم ، وعبد الله بن طاوس ، وعبد الله بن عبيد بن عمير ، وعبد الله بن كثير بن المطلب ، وعبد الله بن كيسان ، وعبدة بن أبي لبابة ، وخلق كثير . وينزل إلى أقرانه ، بل وأصحابه . فحدث عن ومحمد بن عباد بن جعفر ، زياد بن سعد شريكه ، وجعفر الصادق ، وزهير بن معاوية ، وإبراهيم بن محمد بن أبي عطاء وهو ابن أبي يحيى ، وسعيد بن أبي أيوب المصري ، وإسماعيل ابن علية ، ومعمر بن راشد ، . وكان من بحور العلم . ويحيى بن أيوب المصري
حدث عنه : ثور بن يزيد ، والأوزاعي ، والسفيانان ، والحمادان ، [ ص: 327 ] والليث ، وابن علية ، وابن وهب ، وخالد بن الحارث ، وهمام بن يحيى ، وعيسى بن يونس ، وابن إدريس ، ويحيى بن سعيد الأموي ، ويحيى بن سعيد القطان ، ومحمد بن حرب الأبرش ، ويحيى بن أبي زائدة ، ووكيع ، والوليد بن مسلم ، وهشام بن يوسف ، وحجاج بن محمد الأعور ، وأبو أسامة ، وروح ، وأبو عاصم ، والخريبي ، وعبد الله بن رجاء المكي ، وعبد الرزاق بن همام ، وعبيد الله بن موسى ، وغندر ، والأنصاري ، وعثمان بن الهيثم المؤذن ، ويحيى بن سليم الطائفي ، ومحمد بن بكر البرساني وأمم سواهم .
قال عبد الله بن أحمد : قلت لأبي : من أول من صنف الكتب ؟ قال : ابن جريج ، . وروى وابن أبي عروبة عن علي بن المديني ، عبد الوهاب بن همام ، عن قال : أتيت ابن جريج عطاء وأنا أريد هذا الشأن ، وعنده عبد الله بن عبيد بن عمير ، فقال لي ابن عمير : قرأت القرآن ؟ قلت : لا . قال : فاذهب فاقرأه ثم اطلب العلم . فذهبت ، فغبرت زمانا حتى قرأت القرآن ، ثم جئت عطاء ، وعنده عبد الله . فقال : قرأت الفريضة ؟ قلت : لا . قال : فتعلم الفريضة ، ثم اطلب العلم . قال : فطلبت الفريضة ثم جئت . فقال : الآن فاطلب العلم ، فلزمت عطاء سبع عشرة سنة .
قلت : من يلزم عطاء هذا كله يغلب على الظن أنه قد رأى أبا الطفيل الكناني بمكة ، لكن لم نسمع بذلك ، ولا رأينا له حرفا عن صحابي .
وروى عبد الرزاق ، عن قال : اختلفت إلى ابن جريج عطاء ثماني عشرة سنة . وكان يبيت في المسجد عشرين سنة .
قال ابن عيينة : سمعت يقول : ما دون العلم تدويني أحد . وقال : جالست ابن جريح بعدما فرغت من عمرو بن دينار عطاء تسع سنين .
وروى حمزة بن بهرام ، عن طلحة بن عمرو المكي ، قال : قلت لعطاء : [ ص: 328 ] من نسأل بعدك يا أبا محمد ؟ قال : هذا الفتى إن عاش . يعني . وروى ابن جريج إسماعيل بن عياش ، عن المثنى بن الصباح وغيره ، عن عطاء بن أبي رباح قال : سيد شباب أهل الحجاز وسيد شباب ابن جريج ، أهل الشام وسيد شباب سليمان بن موسى ، أهل العراق . حجاج بن أرطاة
قال : نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة . فذكرهم ، ثم قال : صار علمهم إلى أصحاب الأصناف ممن صنف العلم منهم من علي بن المديني أهل مكة . يكنى أبا الوليد ، لقي ابن جريج ابن شهاب ، . يريد من الستة المذكورين . وعمرو بن دينار
قال : سألت الوليد بن مسلم الأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز ، : لمن طلبتم العلم ؟ كلهم يقول : لنفسي . غير أن وابن جريج فإنه قال : طلبته للناس . ابن جريج
قلت : ما أحسن الصدق ! واليوم تسأل الفقيه الغبي : لمن طلبت العلم ؟ فيبادر ويقول : طلبته لله ، ويكذب إنما طلبه للدنيا ، ويا قلة ما عرف منه .
قال علي : سألت يحيى بن سعيد : من أثبت من أصحاب نافع ؟ قال : أيوب ، وعبيد الله ، ومالك ، أثبت من وابن جريج مالك في نافع .
وروى صالح بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، قال : عمرو بن دينار ، أثبت الناس في وابن جريج عطاء . وروى أبو بكر بن خلاد ، عن يحيى بن سعيد قال : كنا نسمي كتب كتب الأمانة ، وإن لم يحدثك ابن جريج من كتابه لم تنتفع به . ابن جريج
وروى الأثرم ، عن قال : إذا قال أحمد بن حنبل : قال فلان وقال فلان وأخبرت ، جاء بمناكير . وإذا قال : أخبرني وسمعت ، فحسبك به . وروى ابن جريج الميموني عن أحمد : إذا قال : " قال " فاحذره . وإذا قال : [ ص: 329 ] " سمعت أو سألت " ، جاء بشيء ليس في النفس منه شيء . كان من أوعية العلم . ابن جريج
قال عبد الرزاق : قدم أبو جعفر -يعني الخليفة - مكة ، فقال : اعرضوا علي حديث فعرضوا فقال : ما أحسنها لولا هذا الحشو -يعني قوله : " بلغني " ، و " حدثت " . قال ابن جريج ، أحمد بن سعد بن أبي مريم ، عن : يحيى بن معين ثقة في كل ما روي عنه من الكتاب . وروى ابن جريج إسماعيل بن داود المخراقي ، عن مالك بن أنس قال : كان حاطب ليل . وقال ابن جريج عن محمد بن منهال الضرير ، قال : كان يزيد بن زريع صاحب ابن جريج غثاء . وقال محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة الحلبي ، عن إبراهيم بن أبي يحيى قال : حكم الله بيني وبين مالك ، هو سماني قدريا ، وأما فإني حدثته عن ابن جريج موسى بن وردان ، عن : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : أبي هريرة فنسبني إلى جدي من قبل أمي ، وروى عني : من مات مرابطا مات شهيدا وما هكذا حدثته . من مات مريضا مات شهيدا
[ ص: 330 ] روى عثمان بن سعيد ، عن ابن معين ، قال : ليس بشيء في ابن جريج الزهري . وقال أبو زرعة الدمشقي ، عن قال : روى أحمد بن حنبل عن ست عجائز من عجائز ابن جريج المسجد الحرام ، وكان صاحب علم . وقال جعفر بن عبد الواحد ، عن يحيى بن سعيد قال : كان صدوقا . فإذا قال : " حدثني " فهو سماع ، وإذا قال : " أنبأنا ، أو : أخبرني " فهو قراءة ، وإذا قال : " قال " فهو شبه الريح . ابن جريج
وقال عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان : أعياني أن أحفظ حديثه . فنظرت إلى شيء يجمع فيه المعنى ، فحفظته ، وتركت ما سوى ذلك . ابن جريج
قال سليمان بن النضر الشيرازي ، عن مخلد بن الحسين قال : ما رأيت خلقا من خلق الله أصدق لهجة من . ابن جريج
وروى عن أحمد بن حنبل ، عبد الرزاق قال : ما رأيت أحدا أحسن صلاة من . ابن جريج
أنبأني المسلم بن محمد ، أنبأنا الكندي ، أنبأنا القزاز ، أنبأنا أبو بكر بن ثابت ، أنبأنا علي بن محمد المعدل ، حدثنا إسماعيل الصفار ، حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي ، حدثنا حدثنا أحمد بن حنبل ، عبد الرزاق قال : أهل مكة يقولون : أخذ الصلاة من ابن جريج عطاء ، وأخذها عطاء من ابن الزبير ، وأخذها ابن الزبير من أبي بكر ، وأخذها أبو بكر من النبي صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 331 ] قلت : وكان يروي الرواية بالإجازة وبالمناولة ويتوسع في ذلك ، ومن ثم دخل عليه الداخل في رواياته عن ابن جريج الزهري ، لأنه حمل عنه مناولة ، وهذه الأشياء يدخلها التصحيف . ولا سيما في ذلك العصر ، لم يكن حدث في الخط بعد شكل ولا نقط .
قال أبو غسان زنيج : سمعت جريرا الضبي يقول : كان يرى المتعة ، تزوج بستين امرأة . وقيل : إنه عهد إلى أولاده في أسمائهن لئلا يغلط أحد منهم ويتزوج واحدة مما نكح أبوه بالمتعة . ابن جريج
قال عبد الوهاب بن همام : قال : كنت أتتبع الأشعار العربية والأنساب . فقيل لي : لو لزمت ابن جريج عطاء . فلزمته .
وقال : لم يكن يحيى القطان عندي بدون ابن جريج مالك في نافع ، وقال علي بن عبد الله : لم يكن في الأرض أحد أعلم بعطاء من . ابن جريج
قال عبيد الله العيشي ، حدثنا بكر بن كلثوم السلمي قال : قدم علينا ابن جريج البصرة ، فاجتمع الناس عليه فحدث عن بحديث ، [ ص: 332 ] فأنكره عليه الناس ، فقال : ما تنكرون علي فيه ؟ قد لزمت الحسن البصري عطاء عشرين سنة فربما حدثني عنه الرجل بالشيء لم أسمعه منه . ثم قال العيشي : سمى في ذلك اليوم ابن جريج محمد بن جعفر غندرا ، وأهل الحجاز يسمون المشغب غندرا . قال ابن معين : لم يلق ابن جريج . وقال وهب بن منبه : لم يلق أحمد بن حنبل عمرو بن شعيب في زكاة مال اليتيم ، ولا . أبا الزناد
قلت : الرجل في نفسه ثقة ، حافظ ، لكنه يدلس بلفظة " عن " و " قال " وقد كان صاحب تعبد وتهجد وما زال يطلب العلم حتى كبر وشاخ . وقد أخطأ من زعم أنه جاوز المائة ، بل ما جاوز الثمانين ، وقد كان شابا في أيام ملازمته لعطاء .
وقد كان شيخ الحرم بعد الصحابة : عطاء ، ومجاهد ، وخلفهما : قيس بن سعد ، ثم تفرد بالإمامة وابن جريج ، فدون العلم ، وحمل عنه الناس ، وعليه تفقه ابن جريج ، مسلم بن خالد الزنجي ، وتفقه بالزنجي الإمام أبو عبد الله الشافعي . وكان بصيرا بعلم الشافعي عالما بدقائقه . وبعلم ابن جريج ، سفيان بن عيينة .
وروايات وافرة في الكتب الستة ، وفي مسند ابن جريج أحمد ، ومعجم الأكبر ، وفي الأجزاء . الطبراني
قال عبد الرزاق : كنت إذا رأيت علمت أنه يخشى الله . ابن جريج ،
وقال : لم أسمع من ابن جريج الزهري ، إنما أعطاني جزءا كتبته ، وأجازه لي .
قال : ولاء يحيى بن معين لآل ابن جريج خالد بن أسيد الأموي . وقال يحيى بن سعيد : سمع من ابن جريج مجاهد حديث : فطلقوهن في قبل [ ص: 333 ] عدتهن . وسمع من طاوس قوله في محرم أصاب ذرات . قال : قبضات من طعام .
قال : كان أبو عاصم النبيل من العباد . كان يصوم الدهر سوى ثلاثة أيام من الشهر . وكان له امرأة عابدة . وقال ابن جريج محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، سمعت يقول : استمتع الشافعي بتسعين امرأة ، حتى إنه كان يحتقن في الليل بأوقية شيرج طلبا للجماع . وروي عن ابن جريج عبد الرزاق قال : كان يخضب بالسواد ، ويتغلى بالغالية ، وكان من ملوك القراء ، خرجنا معه وأتاه سائل ، فناوله دينارا . ابن جريج
قال أبو محمد بن قتيبة مولد سنة ثمانين عام الجحاف . أخبرنا ابن جريج عمر بن عبد المنعم ، أنبأنا أبو اليمن الكندي ، أنبأنا علي بن هبة الله ، أنبأنا أبو إسحاق الفيروزابادي قال : ومنهم أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، وجريج عبد لآل أم حبيب بنت جبير ، ومات سنة خمسين ومائة .
[ ص: 334 ] وبه قال أبو إسحاق ، قال : ما دون هذا العلم تدويني أحد . جالست ابن جريج بعدما فرغت من عمرو بن دينار عطاء سبع سنين . وقال : لم يغلبني على يسار عطاء عشرين سنة أحد ، فقيل له : فما منعك عن يمينه ؟ قال : كانت قريش تغلبني عليه .
قلت : قد قدم إلى عبد الملك بن جريج العراق قبل موته ، وحدث بالبصرة وأكثروا عنه .
قال ابن المديني ، وأبو حفص الفلاس : مات سنة تسع وأربعين ومائة . وهذا وهم . فقد قال ابن جريج يحيى القطان ومكي بن إبراهيم ، وأبو نعيم ، وعدة : مات سنة خمسين ومائة . وعن ابن المديني أيضا : سنة إحدى وخمسين .
قلت : عاش سبعين سنة . فسنه وسن أبي حنيفة واحد ، ومولدهما وموتهما واحد .
قرأت على عمر بن عبد المنعم ، أخبركم عبد الصمد بن محمد القاضي حضورا ، أنبأنا علي بن المسلم ، أنبأنا الحسين بن طلاب ، أنبأنا محمد بن أحمد بن جميع ، حدثنا واهب بن محمد بالبصرة ، حدثنا حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، عن محمد بن بكر البرساني ، عن ابن جريج ، ابن المنكدر ، عن أبي أيوب ، عن مسلمة بن مخلد قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : . من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، ومن فك عن مكروب فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته
[ ص: 335 ] هذا حديث جيد الإسناد ، ومسلمة له صحبة . ولكن لا شيء له في الكتب إلا في سنن أبي داود ، من روايته عن رويفع بن ثابت .
وبه أخبرنا ابن جميع ، حدثنا جعفر بن محمد الهمذاني ، حدثنا هلال بن العلاء ، حدثنا حدثنا حجاج بن محمد ، حدثني ابن جريج ، عن موسى بن عقبة سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : أبي هريرة ، هذا حديث صحيح غريب . من جلس في مجلس كثر فيه لغطه ، فقال قبل أن يقوم : سبحانك ربنا وبحمدك ، لا إله إلا أنت أستغفرك ثم أتوب إليك -إلا غفر له ما كان في مجلسه
وفي تاريخ القاضي تاج الدين عبد الباقي : أن قدم وافدا على ابن جريج لدين لحقه ، فأقام عنده إلى عاشر ذي القعدة . فمر بقوم تغني [ ص: 336 ] لهم جارية بشعر معن بن زائدة عمر بن أبي ربيعة
هيهات من أمة الوهاب منزلنا إذا حللنا بسيف البحر من عدن واحتل أهلك أجيادا فليس لنا
إلا التذكر أو حظ من الحزن تالله قولي له في غير معتبة
ماذا أردت بطول المكث في اليمن إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها
فما أصبت بترك الحج من ثمن
عن قال : أقمت على ابن جريج عطاء إحدى وعشرين حجة ، يخرج أبواي إلى الطائف وأقيم أنا تخوفا أن يفجعني عطاء بنفسه . قال بعض الحفاظ : نحو من ألف حديث -يعني المرفوع- وأما الآثار والمقاطيع والتفسير فشيء كثير . لابن جريج