قال أبو داود : قال قتيبة : كان الليث يستغل عشرين ألف دينار في كل سنة ، وقال : ما وجبت علي زكاة قط . وأعطى الليث ابن لهيعة ألف دينار ، [ ص: 149 ] وأعطى ألف دينار ، وأعطى مالكا منصور بن عمار الواعظ ألف دينار وجارية تسوى ثلاث مائة دينار .
قال : وجاءت امرأة إلى الليث ، فقالت : يا أبا الحارث ، إن ابنا لي عليل ، واشتهى عسلا ، فقال : يا غلام ، أعطها مرطا من عسل ، والمرط : عشرون ومائة رطل .
قال عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد : سمعت أبي يقول : ما وجبت علي زكاة منذ بلغت .
وقال أبو صالح : سألت امرأة الليث منا [ من ] عسل ، فأمر لها بزق ، وقال : سألت على قدرها ، وأعطيناها على قدر السعة علينا .
قال يعقوب بن شيبة : حدثني عبد الله بن إسحاق ، سمعت ، قال : جاءت امرأة بسكرجة إلى يحيى بن إسحاق السيلحيني الليث تطلب عسلا ، فأمر من يحمل معها زقا ، فجعلت تأبى ، وجعل الليث يأبى إلا أن يحمل معها من عسل ، وقال : نعطيك على قدرنا . .
وعن ، قال : اشترى قوم من الحارث بن مسكين الليث ثمرة ، فاستغلوها ، فاستقالوه ، فأقالهم ، ثم دعا بخريطة فيها أكياس ، فأمر لهم بخمسين دينارا ، فقال له ابنه الحارث في ذلك . فقال : اللهم غفرا ، إنهم قد كانوا أملوا فيها أملا ، فأحببت أن أعوضهم من أملهم بهذا . [ ص: 150 ] أحمد بن عثمان النسائي : سمعت قتيبة ، سمعت شعيب بن الليث يقول : خرجت حاجا مع أبي ، فقدم المدينة ، فبعث إليه مالك بن أنس بطبق رطب ، قال : فجعل على الطبق ألف دينار ، ورده إليه .
إسماعيل سمويه : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : صحبت الليث عشرين سنة ، لا يتغدى ولا يتعشى إلا مع الناس . كان لا يأكل إلا بلحم إلا أن يمرض .
محمد بن أحمد بن عياض المفرض : حدثنا إسماعيل بن عمرو الغافقي ، سمعت أشهب بن عبد العزيز يقول : كان الليث له كل يوم أربعة مجالس يجلس فيها : أما أولها ، فيجلس لنائبة السلطان في نوائبه وحوائجه ، وكان الليث يغشاه السلطان ، فإذا أنكر من القاضي أمرا ، أو من السلطان ، كتب إلى أمير المؤمنين ، فيأتيه العزل ، ويجلس لأصحاب الحديث ، وكان يقول : نجحوا أصحاب الحوانيت ، فإن قلوبهم معلقة بأسواقهم . ويجلس للمسائل ، يغشاه الناس ، فيسألونه ، ويجلس لحوائج الناس ، لا يسأله أحد فيرده ، كبرت حاجته أو صغرت . وكان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر ، وفي الصيف سويق اللوز في السكر .
وبه إلى الخطيب أبي بكر : أخبرنا البرقاني ، أخبرنا ، أخبرنا أبو إسحاق المزكي السراج : سمعت قتيبة يقول : قفلنا مع الليث بن سعد من الإسكندرية ، وكان معه ثلاث سفائن : سفينة فيها مطبخه ، وسفينة فيها عائلته ، وسفينة فيها أضيافه . وكان إذا حضرت الصلاة يخرج إلى الشط فيصلي . وكان ابنه شعيب إمامه ، فخرجنا لصلاة المغرب ، فقال : أين [ ص: 151 ] شعيب ؟ ، فقالوا : حم ، فقام الليث ، فأذن وأقام ، ثم تقدم ، فقرأ والشمس وضحاها فقرأ : " فلا يخاف عقباها " . وكذلك في مصاحف أهل المدينة يقولون : هو غلط من الكاتب عند أهل العراق ، ويجهر : ببسم الله الرحمن الرحيم . ويسلم تلقاء وجهه .
الفسوي : قال ابن بكير : سمعت الليث كثيرا يقول : أنا أكبر من ابن لهيعة ، فالحمد لله الذي متعنا بعقلنا .
ثم قال ابن بكير : حدثني شعيب بن الليث ، عن أبيه قال : لما ودعت أبا جعفر ببيت المقدس قال : أعجبني ما رأيت من شدة عقلك ، والحمد لله الذي جعل في رعيتي مثلك . قال شعيب : كان أبي يقول : لا تخبروا بهذا ما دمت حيا .
قال قتيبة : كان الليث أكبر من ابن لهيعة بثلاث سنين ، وإذا نظرت تقول : ذا ابن ، وذا أب ، يعني ابن لهيعة الأب .
قال : ولما احترقت كتب ابن لهيعة ، بعث إليه الليث من الغد بألف دينار .
قال محمد بن صالح الأشج : سئل قتيبة : من أخرج لكم هذه [ ص: 152 ] الأحاديث من عند الليث ؟ فقال : شيخ كان يقال له : . وقدم زيد بن الحباب منصور بن عمار على الليث ، فوصله بألف دينار . واحترقت دار ابن لهيعة ، فوصله بألف دينار ، ووصل بألف دينار ، وكساني قميص سندس ، فهو عندي . رواها مالكا صالح بن أحمد الهمذاني ، عن محمد بن علي بن الحسين الصيدناني ، سمعت الأشج .
أحمد بن عثمان النسائي : سمعت قتيبة ، سمعت شعيبا يقول : يستغل أبي في السنة ما بين عشرين ألف دينار إلى خمسة وعشرين ألفا ، تأتي عليه السنة وعليه دين .
وبه إلى الخطيب : أخبرنا ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ عبد الرحمن بن محمد بن جعفر ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل الرملي ، سمعت يقول : كان دخل محمد بن رمح الليث بن سعد في كل سنة ثمانين ألف دينار ، ما أوجب الله عليه زكاة درهم قط . قلت : ما مضى في دخله أصح .
أحمد بن محمد بن نجدة التنوخي : سمعت يقول : حدثني محمد بن رمح سعيد الآدم ، قال : مررت بالليث بن سعد فتنحنح لي ، فرجعت إليه ، فقال لي : يا سعيد ، خذ هذا القنداق فاكتب لي فيه من يلزم المسجد ، ممن لا بضاعة له ولا غلة . فقلت : جزاك الله خيرا يا أبا [ ص: 153 ] الحارث . وأخذت منه القنداق ثم صرت إلى المنزل ، فلما صليت أوقدت السراج وكتبت : بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قلت : فلان بن فلان . ثم بدرتني نفسي . فقلت : فلان بن فلان . قال : فبينا أنا على ذلك إذ أتاني آت ، فقال : ها الله يا سعيد ، تأتي إلى قوم عاملوا الله سرا ، فتكشفهم لآدمي ؟! مات الليث ، ومات شعيب ، أليس مرجعهم إلى الله الذي عاملوه ؟ فقمت ولم أكتب شيئا ، فلما أصبحت ، أتيت الليث ، فتهلل وجهه ، فناولته القنداق فنشره ، فما رأى فيه غير : بسم الله الرحمن الرحيم . فقال : ما الخبر ؟ فأخبرته بصدق عما كان ، فصاح صيحة ، فاجتمع عليه الناس من الحلق ، فسألوه فقال : ليس إلا خير ، ثم أقبل علي ، فقال : يا سعيد ، تبينتها وحرمتها ، صدقت . مات الليث أليس مرجعهم إلى الله .
قال مقدام بن داود : رأيت سعيدا الآدم ، وكان يقال : إنه من الأبدال .
قال أبو صالح : كان الليث يقرأ بالعراق من فوق علية على أصحاب الحديث ، والكتاب بيدي ، فإذا فرغ رميت به إليهم ، فنسخوه .
روى عبد الملك بن شعيب ، عن أبيه ، قال : قيل لليث : أمتع الله بك ، إنا نسمع منك الحديث ليس في كتبك ، فقال : أوكل ما في صدري في كتبي ؟ لو كتبت ما في صدري ، ما وسعه هذا المركب . رواها الحافظ بن يونس ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحارث ، حدثنا محمد بن عبد الملك ، عن أبيه . [ ص: 154 ] يحيى بن بكير : قال الليث : كنت بالمدينة مع الحجاج وهي كثيرة السرقين ، فكنت ألبس خفين ، فإذا بلغت باب المسجد ، نزعت أحدهما ، ودخلت . فقال يحيى بن سعيد الأنصاري : لا تفعل هذا ، فإنك إمام منظور إليك - يريد لبس خف على خف .
الأثرم : سمعت أبا عبد الله يقول : ما في هؤلاء المصريين - أثبت من الليث ، لا عمرو بن الحارث ولا أحد ، وقد كان عمرو بن الحارث عندي ، ثم رأيت له أشياء مناكير ، ما أصح حديث ، وجعل يثني عليه ، فقال رجل ليث بن سعد لأبي عبد الله : إن إنسانا ضعفه . فقال : لا يدري . وقال الفضل بن زياد : قال أحمد : ليث كثير العلم ، صحيح الحديث .
وقال أحمد بن سعد الزهري : سمعت يقول : أحمد بن حنبل الليث ثقة ثبت .
وقال أبو داود : سمعت أحمد يقول : ليس في المصريين أصح حديثا من الليث بن سعد ، يقاربه . وقال وعمرو بن الحارث عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول : أصح الناس حديثا عن سعيد المقبري ، يفصل ما روى عن ليث بن سعد وما عن أبيه عن أبي هريرة ، . هو ثبت في حديثه جدا . أبي هريرة
وقال حنبل : سئل أحمد : ابن أبي ذئب أحب إليك عن المقبري أو [ ص: 155 ] ابن عجلان ؟ قال : ابن عجلان اختلط عليه سماعه من سماع أبيه ، الليث أحب إلي منهم في المقبري .
وقال عثمان الدارمي : سمعت يقول : يحيى بن معين الليث أحب إلي من يحيى بن أيوب ، ويحيى ثقة . قلت : فكيف حديثه عن نافع ؟ فقال : صالح ، ثقة .
وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم : قال ابن معين : الليث عندي أرفع من ابن إسحاق . قلت : فالليث أو مالك ؟ قال : مالك .
وعن - وذكر أحمد بن صالح الليث - فقال : إمام قد أوجب الله علينا حقه ، لم يكن بالبلد بعد عمرو بن الحارث مثله .
وقال سهل بن أحمد الواسطي : سمعت الفلاس يقول : صدوق ، سمعت ليث بن سعد ابن مهدي يحدث عن ابن المبارك ، عنه .
قال ابن سعد : استقل الليث بالفتوى ، وكان ثقة ، كثير الحديث ، سريا من الرجال ، سخيا ، له ضيافة .
وقال يعقوب بن شيبة : في حديثه عن الزهري بعض الاضطراب .
عن الليث قال : ارتحلت إلى الإسكندرية إلى ، فوجدته قد مات ، فصليت عليه . وقال الأعرج العجلي : والنسائي الليث ثقة . وقال ابن خراش : صدوق صحيح الحديث . [ ص: 156 ]
عباس الدوري : حدثنا ، قال : هذه رسالة يحيى بن معين مالك إلى الليث ، حدثنا بها عبد الله بن صالح يقول فيها : وأنت في إمامتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك ، وحاجة من قبلك إليك ، واعتمادهم على ما جاءهم منك .
: سمعت أحمد بن عبد الرحمن بن وهب يقول : الشافعي الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به .
وقال : سمعت أبو زرعة الرازي يحيى بن بكير يقول : الليث أفقه من مالك ، ولكن الحظوة لمالك - رحمه الله . وقال حرملة : سمعت يقول : الشافعي الليث أتبع للأثر من مالك . وقال : علي بن المديني الليث ثبت . وقال أبو حاتم : هو أحب إلي من مفضل بن فضالة .
وقال أبو داود : حدثني محمد بن الحسين : سمعت أحمد يقول : الليث ثقة ولكن في أخذه سهولة .
قال يحيى بن بكير : قال الليث : قال لي المنصور : تلي لي مصر ؟ فاستعفيت . قال : أما إذ أبيت فدلني على رجل أقلده مصر . قلت : عثمان بن الحكم الجذامي رجل له صلاح ، وله عشيرة . قال : فبلغ عثمان ذلك ، فعاهد الله ألا يكلم الليث . [ ص: 157 ]
قال : وولي لهم الليث ثلاث ولايات لصالح بن علي . قال صالح : لا أدع لعمرو بن الحارث الليث حتى يتولى لي . فقال عمرو : لا يفعل . فقال : لأضربن عنقه ، فجاءه عمرو فحذره ، فولي ديوان العطاء ، وولي الجزيرة أيام أبي جعفر ، وولي الديوان أيام المهدي .
قال أبو عمرو أحمد بن محمد الحيري : سمعت محمد بن معاوية ، يقول - إلى جنبه - : خرج وسليمان بن حرب الليث بن سعد يوما ، فقوموا ثيابه ، ودابته ، وخاتمه ، وما عليه ، ثمانية عشر ألف درهم إلى عشرين ألفا . فقال سليمان : لكن خرج علينا شعبة يوما ، فقوموا حماره وسرجه ، ولجامه ، ثمانية عشر درهما إلى عشرين درهما .
عن أبي صالح كاتب الليث ، قال : كنا على باب مالك ، فامتنع عن الحديث ، فقلت : ما يشبه هذا صاحبنا ؟ قال : فسمعها مالك ، فأدخلنا ، وقال : من صاحبكم ؟ قلت : الليث ، قال : تشبهونا برجل كتبت إليه في قليل عصفر ، نصبغ به ثياب صبياننا ، فأنفذ منه ما بعنا فضلته بألف دينار !
قال عبد الملك بن شعيب بن الليث : سمعت أسد بن موسى يقول : كان عبد الله بن علي يطلب بني أمية ، فيقتلهم ، قال : فدخلت مصر في هيئة [ ص: 158 ] رثة ، فأتيت الليث ، فلما فرغت من المجلس ، تبعني خادم له بمائة دينار ، وكان في حزتي هميان فيه ألف دينار ، فأخرجتها ، فقلت : أنا في غنى ، استأذن لي على الشيخ ، فاستأذن ، فدخلت ، وأخبرته بنسبي واعتذرت من الرد ، فقال : هي صلة . قلت : أكره أن أعود نفسي . قال : ادفعها إلى من ترى من أصحاب الحديث .
قال قتيبة : كان الليث يركب في جميع الصلوات إلى الجامع ، ويتصدق كل يوم على ثلاث مائة مسكين .
سليم بن منصور بن عمار : حدثنا أبي قال : دخلت على الليث خلوة ، فأخرج من تحته كيسا فيه ألف دينار ، وقال : يا أبا السري ، لا تعلم بها ابني ، فتهون عليه .
أبو صالح ، عن الليث ، قال لي الرشيد : ما صلاح بلدكم ؟ قلت : بإجراء النيل ، وبصلاح أميرها ، ومن رأس العين يأتي الكدر ، فإن صفت العين ، صفت السواقي . قال : صدقت .
وعن ابن وزير قال : قد ولي الليث الجزيرة ، وكان أمراء مصر لا يقطعون أمرا إلا بمشورته . فقال أبو المسعد ، ووصلها إلى المنصور :
لعبد الله عبد الله عندي نصائح حكتها في السر وحدي أمير المؤمنين تلاف مصرا
فإن أميرها ليث بن سعد
قال بكر بن مضر : قدم علينا كتاب مروان بن محمد إلى حوثرة والي مصر : إني قد بعثت إليكم أعرابيا بدويا فصيحا من حاله ، ومن حاله ، فاجمعوا له رجلا يسدده في القضاء ، ويصوبه في المنطق . فأجمع رأي الناس على الليث بن سعد ، وفي الناس معلماه : يزيد بن أبي حبيب ، . وعمرو بن الحارث
قال : أعضلت أحمد بن صالح الرشيد مسألة فجمع لها فقهاء الأرض ، حتى أشخص الليث ، فأخرجه منها .
قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم الليث قال : قدمت مكة ، فجئت أبا الزبير ، فدفع إلي كتابين ، فانقلبت بهما ، ثم قلت : لو عاودته ، فسألته : أسمعت هذا كله من ؟ فقال : منه ما سمعته ، ومنه ما حدثت به . فقلت له : علم لي على ما سمعت ، فعلم لي على هذا الذي عندي . جابر بن عبد الله
قلت : قد روى الليث إسنادا عاليا في زمانه ، فعنده عن عطاء عن عائشة ، وعن عن ابن أبي مليكة ابن عباس ، وعن نافع عن ابن عمر ، وعن المقبري عن . وهذا النمط أعلى ما يوجد في زمانه . ثم تراه ينزل في أحاديث ، ولا يبالي لسعة علمه ، فقد روى أحاديث عن أبي هريرة الهقل بن زياد ، [ ص: 160 ] وهو أصغر منه بكثير ، عن الأوزاعي ، عن داود بن عطاء ، عن عن موسى بن عقبة نافع مولى ابن عمر .
وقال عبد الله بن صالح : حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن ابن الهاد ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، أنه سأل عائشة - رضي الله عنها - عن قوله تعالى : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى . . . الحديث .
وقال أبو صالح : حدثنا الليث ، حدثني خالد بن يزيد ، عن سعيد ، عن ابن عجلان ، عن ، أخبره أنه رأى أبي الزبير ابن عمر إذا سجد ، فرفع رأسه من السجدة الأولى ، قعد على أطراف أصابعه ويقول : إنه من السنة . لم يروه إلا الليث ، تفرد به عنه أبو صالح .
جماعة قالوا : حدثنا الليث ، عن ابن الهاد ، عن عبد الوهاب بن أبي بكر ، عن عبد الله بن مسلم ، عن ابن شهاب ، عن أنس عمر : يا رسول الله ، إن تلك الطير ناعمة ! قال : آكلها أنعم منها يا عمر . [ ص: 161 ] أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الكوثر فقال : " نهر أعطانيه ربي ، أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وفيه طير كأعناق الجزر " فقال
سمعه ابن بكير ومنصور بن سلمة ، ويونس بن محمد منه ، وعبد الله هو أخو الزهري .
قال : كنا في مجلس عبد الله بن عبد الحكم الليث ، فذكر العدس ، فقال مسلمة بن علي : بارك فيه سبعون نبيا ، فقضى الليث صلاته وقال : ولا نبي واحد ، إنه بارد مؤذ .
قال عبد العزيز الدراوردي : لقد رأيت الليث ، وإن ربيعة ويحيى بن سعيد ليتزحزحون له زحزحة . قال سعيد الآدم : قال العلاء بن كثير : الليث بن سعد سيدنا وإمامنا وعالمنا .
قال ابن سعد : كان الليث قد استقل بالفتوى في زمانه .
قال يحيى بن بكير ، : مات وسعيد بن أبي مريم الليث للنصف من شعبان سنة خمس وسبعين ومائة ، قال يحيى : يوم الجمعة ، وصلى عليه [ ص: 162 ] موسى بن عيسى . وقال سعيد : مات ليلة الجمعة .
قال خالد بن عبد السلام الصدفي : شهدت جنازة الليث بن سعد مع والدي ، فما رأيت جنازة قط أعظم منها ، رأيت الناس كلهم عليهم الحزن ، وهم يعزي بعضهم بعضا ، ويبكون ، فقلت : يا أبت ، كأن كل واحد من الناس صاحب هذه الجنازة ، فقال : يا بني ، لا ترى مثله أبدا .
قال أبو بكر الخلال الفقيه : أخبرني أحمد بن محمد بن واصل المقرئ ، حدثنا الهيثم بن خارجة ، أخبرنا ، قال : سألت الوليد بن مسلم ، مالكا ، والثوري والليث عن الأخبار التي في الصفات . فقالوا : أمروها كما جاءت . والأوزاعي
وقال أبو عبيد : ما أدركنا أحدا يفسر هذه الأحاديث ، ونحن لا نفسرها .
قلت : قد صنف أبو عبيد كتاب " غريب الحديث " وما تعرض لأخبار الصفات الإلهية بتأويل أبدا ، ولا فسر منها شيئا . وقد أخبر بأنه ما لحق أحدا يفسرها ، فلو كان والله تفسيرها سائغا ، أو حتما ، لأوشك أن يكون اهتمامهم بذلك فوق اهتمامهم بأحاديث الفروع والآداب . فلما لم يتعرضوا لها بتأويل ، وأقروها على ما وردت عليه ، علم أن ذلك هو الحق الذي لا حيدة عنه . وقد روى الليث عمن هو في طبقته ، بل أصغر : روى عن ، سعيد بن بشير وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، وشعيب [ ص: 163 ] بن إسحاق الدمشقي ، وعبد العزيز بن الماجشون . وأبي معشر ، ، وروى عن رجل ، عن وهشام بن سعد إبراهيم بن سعد ، وإبراهيم أصغر منه ، وقد روى عن كاتبه أبي صالح حديثا واحدا . فهذا ما انتهى إلينا من ترجمة الليث موجزا - رحمه الله - والحمد لله وحده .
[ ص: 164 ]