[ ص: 262 ] محمد بن عبد الرحمن بن الحكم
صاحب الأندلس أبو عبد الله الأموي المرواني . كان محبا للعلم ، مؤثرا لأصحاب الحديث ، مكرما لهم ، حسن السيرة ، وهو الذي نصر على أهل الرأي . بقي بن مخلد الحافظ
قال بقي : ما كلمت أحدا من الملوك أكمل عقلا ، ولا أبلغ لفظا من الأمير محمد ، ولقد دخلت عليه يوما في مجلس خلافته ، فافتتح الكلام بحمد الله والصلاة على نبيه ، ثم ذكر الخلفاء ، فحلى كل واحد بحليته وصفته ، وذكر مآثره بأفصح لسان حتى انتهى إلى نفسه ، فحمد الله على ما قدره ، ثم سكت .
قلت : رأى مصنف أبي بكر بن أبي شيبة ، إذ نازع أهل الرأي فأمر بنسخه ، وقال : لا تستغني خزانتنا عن هذا . [ ص: 263 ] وكان ذا رأي وحزم وشجاعة وإقدام . بويع عند موت والده في سنة ثمان وثلاثين ، وله إحدى وثلاثون سنة وذلك بعهد من والده . وأمه : أم ولد . وامتدت دولته ، وقيل : إنه كان يتوغل في بقي بن مخلد بلاد الروم ، ويبقى في الغزو السنة وأكثر .
قال أبو المظفر بن الجوزي : هو صاحب وقعة سليط . وهي ملحمة مشهورة لم يعهد قبلها بالأندلس مثلها ، يقال : قتل فيها ثلاث مائة ألف كافر . وهذا شيء لم نسمع بمثله . قال : وللشعراء فيه مدائح كثيرة . قال اليسع بن حزم : كان محمد يسمى بالأمين .
قلت : مات في آخر صفر سنة ثلاث وسبعين ومائتين . عن أربع وستين سنة . رحمه الله .