عبد الرحمن بن القاسم ( خ ، س )
عالم الديار المصرية ومفتيها أبو عبد الله العتقي مولاهم المصري صاحب مالك الإمام .
روى عن مالك ، ، وعبد الرحمن بن شريح ونافع بن أبي نعيم المقرئ ، ، وطائفة قليلة . وبكر بن مضر
وعنه : أصبغ ، ، والحارث بن مسكين ، وسحنون وعيسى بن مثرود ، ، وآخرون [ ص: 121 ] ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم
وكان ذا مال ودنيا ، فأنفقها في العلم ، وقيل : كان يمتنع من جوائز السلطان ، وله قدم في الورع والتأله .
قال : ثقة مأمون . النسائي
وقال : سمعته يقول : اللهم امنع الدنيا مني ، وامنعني منها . الحارث بن مسكين
وعن مالك : أنه ذكر عنده ابن القاسم ، فقال : عافاه الله ، مثله كمثل جراب مملوء مسكا .
وقيل : إن مالكا سئل عنه ، وعن ابن وهب ، فقال : ابن وهب رجل عالم ، وابن القاسم فقيه .
وعن أسد بن الفرات قال : كان ابن القاسم يختم كل يوم وليلة ختمتين . قال : فنزل بي حين جئت إليه عن ختمة رغبة في إحياء العلم .
وبلغنا عن ابن القاسم قال : خرجت إلى الحجاز اثنتي عشرة مرة ، أنفقت في كل مرة ألف دينار .
وعن ابن القاسم قال : ليس في قرب الولاة ولا في الدنو منهم خير .
أحمد ابن أخي ابن وهب : حدثنا عمي قال : خرجت أنا وابن القاسم بضع عشرة سنة إلى مالك ، فسنة أسأل أنا ، وسنة يسأله مالكا ابن القاسم . وروى عن أبيه قال : كان الحارث بن مسكين ابن القاسم وهو [ ص: 122 ] حدث في العبادة أشهر منه في العلم . ثم قال الحارث : كان في ابن القاسم العبادة والسخاء والشجاعة والعلم والورع والزهد .
: أخبرني ثقة ثقة ، عن محمد بن وضاح علي بن معبد ، قال : رأيت ابن القاسم في النوم ، فقلت : كيف وجدت المسائل ؟ فقال : أف أف . قلت : فما أحسن ما وجدت ؟ قال : الرباط بالثغر . قال : ورأيت ابن وهب أحسن حالا منه .
وقال سحنون : رأيته في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : وجدت عنده ما أحببت قلت : فأي عمل وجدت ؟ قال : تلاوة القرآن
قلت : فالمسائل ؟ فأشار يلشيها . وسألته عن ابن وهب ، فقال : في عليين .
قال : بلغني عن الطحاوي ابن القاسم قال : ما أعلم في فلان عيبا إلا دخوله إلى الحكام ، ألا اشتغل بنفسه ؟ !
قال سعيد بن الحداد : سمعت سحنون يقول : كنت إذا سألت ابن القاسم عن المسائل ، يقول لي : يا سحنون ، أنت فارغ ، إنى لأحس في رأسي دويا كدوي الرحى - يعني من قيام الليل - قال : وكان قلما يعرض لنا إلا وهو يقول : اتقوا الله ، فإن قليل هذا الأمر مع تقوى الله كثير ، وكثيره مع غير تقوى الله قليل .
وعن سحنون قال : لما حججنا كنت أزامل ابن وهب ، وكان أشهب يزامله يتيمه ، وكان ابن القاسم يزامله ابنه موسى ، فكنت إذا [ ص: 123 ] نزلت ، ذهبت إلى ابن القاسم أسائله من الكتب ، وأقرأ عليه إلى قرب الرحيل ، فقال لي ابن وهب وأشهب : لو كلمت صاحبك يفطر عندنا ، فكلمته ، فقال : إنه ليثقل علي ذلك ، قلت : فبم يعلم القوم مكاني منك ؟ فقال : إذا عزمت على ذلك ، فأنا أفعل . فأتيت فأعلمتهما ، فلما كان وقت التعريس قام معي ، فأصبت أشهب وقد فرش أنطاعه ، وأتى من الأطعمة بأمر عظيم ، وصنع ابن وهب دون ذلك ، فلما أتى عبد الرحمن ، سلم ، وقعد ، ثم أدار عينه في الطعام ، فإذا سكرجة فيها دقة فأخذها بيده ، فحرك الأبزار حتى صارت ناحية ، ولعق من الملح ثلاث لعقات ، وهو يعلم أن أصل ملح مصر طيب ، ثم قام ، وقال : بارك الله لكم ، واستحييت أن أقوم ، قال : فتكلم أشهب ، وعظم عليه ما فعل ، قال له ابن وهب : دعه ، دعه ، وكنا نمشي بالنهار ، ونلقي المسائل ، فإذا كان في الليل ، قام كل واحد إلى حزبه من الصلاة . فيقول ابن وهب لأصحابه : ما ترون إلى هذا المغربي ، يلقي المسائل بالنهار ، وهو لا يدرس بالليل ؟ فيقول له ابن القاسم : هو نور يجعله الله في القلوب .
قال : ونزلنا بمسجد ببعض مدائن الحجاز ، فنمنا ، فانتبه ابن القاسم مذعورا ، فقال لي : يا أبا سعيد ، رأيت الساعة كأن رجلا دخل علينا من باب هذا المسجد ، ومعه طبق مغطى وفيه رأس خنزير . أسأل الله خيرها . فما لبثنا حتى أقبل رجل معه طبق مغطى بمنديل ، وفيه رطب من تمر تلك القرية ، فجعله بين يدي ابن القاسم ، وقال : كل ، [ ص: 124 ]
قال : ما إلى ذلك من سبيل . قال : فأعطه أصحابك . قال : أنا لا آكله ، أعطيه غيري ! فانصرف الرجل ، فقال لي ابن القاسم : هذا تأويل الرؤيا . وكان يقال : إن تلك القرية أكثرها وقف غصبت .
قال : كان الحارث بن مسكين ابن القاسم في الورع والزهد شيئا عجيبا .
أخبرنا يوسف بن أبي نصر ، وعبد الله بن قوام وجماعة قالوا : أخبرنا الحسين بن المبارك ، أخبرنا عبد الأول ، أخبرنا أبو الحسن الداوودي ، أخبرنا أبو محمد بن حمويه ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا أبو عبد الله البخاري ، حدثنا سعيد بن تليد ، حدثنا ابن القاسم ، عن بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة ، عن ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أبي هريرة لو لبثت في السجن مثل ما لبث يوسف ، ثم جاءني الداعي ، لأجبته الحديث .
أخبرنا الحسن بن علي ، أخبرنا جعفر بن منير ، أخبرنا أبو محمد العثماني ، أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن شبل ، أخبرنا عبد الحق بن محمد بن هارون الفقيه ، حدثنا الحسين بن عبد الله الأجدابي ، حدثنا هبة الله بن أبي عقبة التميمي ، حدثنا جبلة بن حمود الصدفي ، حدثنا [ ص: 125 ] سحنون ، أخبرني عبد الرحمن بن القاسم ، حدثني مالك ، عن ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أبي هريرة قال الله : إذا أحب عبدي لقائي ، أحببت لقاءه ، وإذا كره لقائي ، كرهت لقاءه .
أخبرنا أحمد بن هبة الله ، أخبرنا محمد بن غسان ، أخبرنا علي بن الحسن الحافظ ، أخبرنا أبو القاسم النسيب ، أخبرنا أبو القاسم السميساطي ، أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن ، أخبرنا ابن جوصا ، حدثنا عيسى بن مثرود ، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم ، حدثني مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة ، يوتر منها بواحدة ، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن ، فيصلي ركعتين خفيفتين .
رواه مسلم وحده ، عن يحيى بن يحيى التميمي ، عن مالك .
قال أبو سعيد بن يونس : ولد ابن القاسم سنة اثنتين وثلاثين ومائة وتوفي في صفر سنة إحدى وتسعين ومائة - رحمه الله - عاش تسعا وخمسين سنة .