عبد الله بن وهب ( ع )
ابن مسلم ، الإمام شيخ الإسلام أبو محمد الفهري ، مولاهم المصري الحافظ .
مولده : سنة خمس وعشرين ومائة أرخه ابن يونس ، وقال : قيل : ولاؤه للأنصار .
طلب العلم ، وله سبع عشرة سنة .
روى عن : ، ابن جريج ، ويونس بن يزيد ، وحنظلة بن أبي سفيان وحيي بن عبد الله المعافري ، وحيوة بن شريح ، ، وعمرو بن الحارث وأسامة بن زيد الليثي ، وعمر بن محمد العمري ، ، وعبد الحميد بن جعفر وموسى بن علي بن رباح ، وعبد الله بن عامر الأسلمي ، وأبي صخر حميد بن زياد ، وموسى بن أيوب الغافقي ، وأفلح بن حميد ، وعبد الله بن زياد بن [ ص: 224 ] سمعان ، ، ومالك ، والليث وابن لهيعة ، وحرملة بن عمران ، وسلمة بن وردان المدني ، والضحاك بن عثمان ، وعبد الله بن عياش القتباني ، وخلق كثير . وعبد الرحمن بن زياد الإفريقي
لقي بعض صغار التابعين ، وكان من أوعية العلم ، ومن كنوز العمل .
ذكر في كتاب " العلم " له : قال ابن عبد البر ابن وهب : كان أول أمري في العبادة قبل طلب العلم ، فولع بي الشيطان في ذكر عيسى ابن مريم - عليه السلام - كيف خلقه الله - تعالى - ؟ ونحو هذا ، فشكوت ذلك إلى شيخ ، فقال لي : ابن وهب ، قلت : نعم قال : اطلب العلم . فكان سبب طلبي العلم .
قلت : مع أنه طلب العلم في الحداثة ، نعم ، وحدث عنه خلق كثير ، وانتشر علمه ، وبعد صيته .
روى عنه : الليث بن سعد شيخه ، ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأصبغ بن الفرج ، وسعيد بن أبي مريم وعبد الله بن صالح ، وأحمد بن عيسى التستري ، وحرملة بن يحيى ، ، وأحمد بن صالح ، والحارث بن مسكين وأبو الطاهر بن السرح ، وعمرو بن سواد ، وهارون بن سعيد الأيلي ، ، ويحيى بن أيوب المقابري وسحنون بن سعيد عالم المغرب ، ويحيى بن يحيى الليثي ، وعبد الله بن محمد بن رمح ، ، ويونس بن عبد الأعلى ، وبحر بن نصر الخولاني وإبراهيم بن منقذ الخولاني ، ، وابن أخيه ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم أحمد بن عبد الرحمن الوهبي ، وعلي بن خشرم وعيسى بن مثرود الغافقي ، والربيع بن سليمان المرادي ، وعبد الملك بن شعيب بن الليث ، وأحمد بن سعيد الهمداني ، وغيرهم . [ ص: 225 ]
وعن ابن وهب قال : رأيت عبيد الله بن عمر قد عمي ، وقطع الحديث ، ورأيت جالسا في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : آخذ عن هشام بن عروة ابن سمعان ، ثم أصير إلى هشام ، فلما فرغت قمت إلى منزل هشام ، فقالوا : قد نام ، فقلت : أحج ، وأرجع ، فرجعت ، فوجدته قد مات . كذا هذه الرواية ، وإنما مات هشام ببغداد ، فلعله سار إلى بغداد بعد .
قال : سمعت محمد بن سلمة ابن القاسم يقول : لو مات ابن عيينة ، لضربت إلى ابن وهب أكباد الإبل ، ما دون العلم أحد تدوينه .
وروى ، عن يونس بن عبد الأعلى ابن وهب قال : أقرأني نافع بن أبي نعيم .
وقال أبو زرعة : نظرت في نحو من ثلاثين ألف حديث لابن وهب ، ولا أعلم أني رأيت له حديثا لا أصل له ، وهو ثقة ، وقد سمعت يحيى بن بكير يقول : ابن وهب أفقه من ابن القاسم .
قلت : موطأ ابن وهب كبير لم أره ، وله كتاب " الجامع " وكتاب " البيعة " وكتاب " المناسك " وكتاب " المغازي " وكتاب " الردة " ، وكتاب " تفسير غريب الموطأ " وغير ذلك .
قال أحمد بن صالح الحافظ : حدث ابن وهب بمائة ألف حديث ، ما رأيت أحدا أكثر حديثا منه ، وقع عندنا سبعون ألف حديث عنه .
قلت : كيف لا يكون من بحور العلم ، وقد ضم إلى علمه علم [ ص: 226 ] مالك ، ، والليث ، ويحيى بن أيوب ، وغيرهم ! وعمرو بن الحارث
قال علي بن الجنيد الحافظ : سمعت أبا مصعب الزهري يعظم ابن وهب ، ويقول : مسائله عن مالك صحيحة .
وقال : هو صدوق صالح الحديث . أبو حاتم الرازي
وقال في " كامله " هو من الثقات ، لا أعلم له حديثا منكرا ، إذا حدث عنه ثقة . أبو أحمد بن عدي
وروى أبو طالب ، عن ، قال : أحمد بن حنبل ابن وهب يفصل السماع من العرض ، ما أصح حديثه ، وأثبته ، وقد كان يسيء الأخذ ، لكن ما رواه أو حدث به ، وجدته صحيحا .
وقال : ثقة . يحيى بن معين
قال خالد بن خداش : قرئ على كتاب أهوال يوم القيامة - تأليفه - فخر مغشيا عليه ، قال : فلم يتكلم بكلمة حتى مات بعد أيام - رحمه الله تعالى - . عبد الله بن وهب
وعن سحنون الفقيه قال : كان ابن وهب قد قسم دهره أثلاثا ، ثلثا في الرباط ، وثلثا يعلم الناس بمصر ، وثلثا في الحج ، وذكر أنه حج ستا وثلاثين حجة . [ ص: 227 ]
وعن ، قال : دعوت عبد الله بن وهب إلى وليمة عرسي . يونس بن يزيد
وبلغنا أن - الإمام - كان يكتب إليه : إلى مالكا مفتي أهل عبد الله بن وهب مصر ، ولم يفعل هذا مع غيره . وقد ذكر عنده ابن وهب وابن القاسم ، فقال مالك : ابن وهب عالم ، وابن القاسم فقيه .
قال أحمد بن سعيد الهمداني : دخل ابن وهب الحمام ، فسمع قارئا يقرأ وإذ يتحاجون في النار فغشي عليه .
قال أبو زيد بن أبي الغمر : كنا نسمي ابن وهب ديوان العلم .
قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم أبا زرعة : نظرت لابن وهب في نحو ثمانين ألف حديث .
قلت : هذه رواية أخرى عن أبي زرعة .
قال أبو عمر بن عبد البر : جد هو عبد الله بن وهب مسلم مولى ريحانة مولاة عبد الرحمن بن يزيد بن أنيس الفهري .
وقال أحمد بن عبد الرحمن بحشل : طلب عباد بن محمد الأمير عمي ليوليه القضاء ، فتغيب عمي ، فهدم عباد بعض دارنا ، فقال الصباحي لعباد : متى طمع هذا الكذا وكذا أن يلي القضاء ؟! فبلغ ذلك عمي ، فدعا عليه بالعمى . قال : فعمي الصباحي بعد جمعة . [ ص: 228 ]
قال حجاج بن رشدين : سمعت يتذمر ويصيح ، فأشرفت عليه من غرفتي ، فقلت : ما شأنك يا عبد الله بن وهب أبا محمد ؟ قال : يا أبا الحسن ، بينما أنا أرجو أن أحشر في زمرة العلماء ، أحشر في زمرة القضاة . قال : فتغيب في يومه ، فطلبوه .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا حرملة : سمعت ابن وهب يقول : نذرت أني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما ، فأجهدني ، فكنت أغتاب وأصوم ، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم ، فمن حب الدراهم تركت الغيبة .
قلت : هكذا والله كان العلماء وهذا هو ثمرة العلم النافع ، وعبد الله حجة مطلقا ، وحديثه كثير في الصحاح ، وفي دواوين الإسلام ، وحسبك بالنسائي وتعنته في النقد حيث يقول : ثقة ، ما أعلمه روى عن الثقات حديثا منكرا . وابن وهب
قلت : أكثر في تواليفه من المقاطيع والمعضلات ، وأكثر عن ابن سمعان وبابته ، وقد تمعقل بعض الأئمة على ابن وهب في أخذه للحديث ، وأنه كان يترخص في الأخذ ، وسواء ترخص ورأى ذلك سائغا ، أو تشدد ، فمن يروي مائة ألف حديث ، وينذر المنكر في سعة ما روى ، فإليه المنتهى في الإتقان .
قال أبو الطاهر بن عمرو : جاءنا نعي ابن وهب ، ونحن في مجلس سفيان بن عيينة ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، أصيب به المسلمون عامة ، وأصبت به خاصة . [ ص: 229 ]
قلت : قد كان ابن وهب له دنيا وثروة ، فكان يصل سفيان ، ويبره ، فلهذا يقول : أصبت به خاصة .
قال : كانوا أرادوا يونس بن عبد الأعلى ابن وهب على القضاء ، فتغيب . قال : ومات في شعبان سنة سبع تسعين ومائة .
قلت : عاش اثنتين وسبعين سنة . وقد وقع لنا جملة من عالي حديثه في " الخلعيات " وفي " الثقفيات " وغير ذلك .
قال : أخبرني ابن عبد البر أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن عمر بن لبابة ، سمعت محمد بن أحمد العتبي يقول : حدثني سحنون بن سعيد أنه رأى عبد الرحمن بن القاسم في النوم ، فقال : ما فعل الله بك ؟ فقال : وجدت عنده ما أحب . قال له : فأي أعمالك وجدت أفضل ؟ قال : تلاوة القرآن . قال : قلت له : فالمسائل ؟ فكان يشير بأصبعه يلشيها . قال : فكنت أسأله عن ابن وهب ، فيقول لي : هو في عليين .
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر ، أخبرنا أبو القاسم سعيد بن أحمد ، أخبرنا علي بن البسري ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص ، حدثنا يحيى بن [ ص: 230 ] محمد ، حدثنا ( ح ) وأخبرنا إبراهيم بن منقذ الخولاني أحمد بن المؤيد ، أخبرنا الفتح بن عبد السلام ، أخبرنا هبة الله بن الحسين ، أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور ، حدثنا عيسى بن علي إملاء ، قال : قرئ على عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، وأنا أسمع : حدثكم قالا : حدثنا أحمد بن صالح ابن وهب - وهذا لفظ أحمد - أخبرني مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، سمعت يونس بن سيف ، عن ، قال : قالت سعيد بن المسيب عائشة : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ما يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة زاد فيه إبراهيم بن منقذ : وإنه - عز وجل - ليدنو ، ثم يباهي بهم الملائكة .
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن ، وأبو الحسين علي بن محمد ، قالا : أخبرنا الحسن بن يحيى المخزومي ، أخبرنا عبد الله بن رفاعة ، أخبرنا أبو الحسن الخلعي ، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن النحاس ، أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني أفلح بن حميد ، عن أبي بكر بن حزم ، عن سلمان الأغر ، عن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة الجماعة خمس وعشرون درجة على صلاة الفذ . [ ص: 231 ]
روى عباس الدوري ، عن ، سمع يحيى بن معين ابن وهب يقول لسفيان : يا أبا محمد ، الذي عرض عليك فلان أمس أجزها لي ، قال : نعم .
قلت : هذا الفعل مذهب طائفة ، وإن الرواية سائغة به ، وبه يقول الزهري ، وابن عيينة .
وروى ، حدثنا ابن عدي إبراهيم بن عبد الله المخزومي ، عن أبيه ، قال : كنت عند سفيان ، وعنده ابن معين ، فجاءه ابن وهب بجزء ، فقال : يا أبا محمد ، أحدث بما فيه عنك ؟ فقال له ابن معين : يا شيخ ، هذا والريح سواء ، ادفع الجزء إليه حتى ننظر في حديثه .
قال عبد الله بن الدورقي : سمعت ابن معين يقول : ابن وهب ليس بذاك في ، كان يستصغر . وقد ورد أن ابن جريج الليث بن سعد سمع من ابن وهب أحاديث ابن جريج .
فمن غرائبه عن ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير جابر : أن رجلا [ ص: 232 ] زنى ، فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فجلد ، ثم أخبر أنه محصن فرجمه لكن هذا تابعه عليه أبو عاصم ، وأخرجه أبو داود . والنسائي
قال هارون بن معروف : سمعت ابن وهب يقول : قال لي عبد الرحمن بن مهدي : اكتب لي أحاديث عمرو بن الحارث ، فكتبت له مائتين ، وحدثته بها .
عمرو بن سواد : قال لي ابن وهب : سمعت من ثلاثمائة وسبعين شيخا ، فما رأيت أحفظ من عمرو بن الحارث ، وذلك أنه كان يتحفظ كل يوم ثلاثة أحاديث .
يونس ، عن ابن وهب ، قال : ولدت سنة خمس وعشرين ومائة ، وطلبت العلم وأنا ابن سبع عشرة ، ودعوت يونس يوم عرسي .
قال عثمان بن سعيد : سألت عن يحيى بن معين ابن وهب ، قال : أرجو أن يكون صدوقا .
قال عبد الله بن عدي : حدثنا ابن يعلى ، حدثنا ابن معين ، حدثنا ، حدثنا سعيد بن أبي مريم الليث ، عن ، عن عبد الله بن وهب العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد يوم ذي اليدين سجدتي السهو . [ ص: 233 ]
وعن قال : صنف أحمد بن صالح ابن وهب مائة ألف وعشرين ألف حديث ، كله سوى حديثين عند حرملة .
قلت : ومع هذه الكثرة فيعترف ، ويقول : لا أعلم له حديثا منكرا من رواية ثقة عنه . ابن عدي
وروى أبو طالب ، عن ، قال : ما أصح حديث أحمد بن حنبل ابن وهب وأثبته ، يفصل السماع من العرض ، والحديث من الحديث ، فقيل له : أليس كان سييء الأخذ ؟ قال : بلى ، ولكن إذا نظرت في حديثه ، وما روى عن مشايخه ، وجدته صحيحا - مر هذا مختصرا .
وعن قال : شهدت الحارث بن مسكين سفيان بن عيينة ، ومعه ابن وهب ، فسئل عن شيء ، فسأل ابن وهب ، ثم قال : هذا شيخ أهل مصر أخبر عن مالك بكذا .
قال أبو حاتم البستي : ابن وهب هو الذي عني بجمع ما روى أهل الحجاز وأهل مصر ، وحفظ عليهم حديثهم ، وجمع وصنف ، وكان من العباد .
قال يونس الصدفي : عرض على ابن وهب القضاء ، فجنن نفسه ، ولزم بيته .
ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد ابن أخي ابن وهب ، حدثني عمي قال : كنت عند مالك ، فسئل عن تخليل الأصابع ، فلم ير ذلك ، فتركت حتى خف المجلس ، فقلت : إن عندنا في ذلك سنة : حدثنا الليث ، عن وعمرو بن الحارث أبي عشانة ، عن عقبة بن عامر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا [ ص: 234 ] توضأت ، خلل أصابع رجليك فرأيته بعد ذلك يسأل عنه ، فيأمر بتخليل الأصابع ، وقال لي : ما سمعت بهذا الحديث قط إلى الآن .
سمعنا في " إرشاد " الخليلي : حدثني جدي ، وعلي بن عمر الفقيه ، والقاسم بن علقمة ، ومحمد بن سليمان ، وصالح بن عيسى قالوا : حدثنا ابن أبي حاتم .