الإمام السيد ، أبو الحسن ، علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين ، الهاشمي العلوي المدني ، وأمه نوبية اسمها سكينة .
مولده بالمدينة في سنة ثمان وأربعين ومائة عام وفاة جده .
سمع من أبيه ، وأعمامه : إسماعيل ، وإسحاق ، وعبد الله ، وعلي ، أولاد جعفر ، وعبد الرحمن بن أبي الموالي ، وكان من العلم [ ص: 388 ] والدين والسؤدد بمكان .
يقال : أفتى وهو شاب في أيام مالك . استدعاه المأمون إليه إلى خراسان ، وبالغ في إعظامه ، وصيره ولي عهده ، فقامت قيامة آل المنصور ، فلم تطل أيامه ، وتوفي .
روى عنه ضعفاء : أبو الصلت عبد السلام الهروي ، وأحمد بن عامر الطائي ، وعبد الله بن العباس القزويني ، وروى عنه فيما قيل : ، وهو أكبر منه ، آدم بن أبي إياس ، وأحمد بن حنبل ، ومحمد بن رافع ونصر بن علي الجهضمي ، وخالد بن أحمد الذهلي الأمير ، ولا تكاد تصح الطرق إليه .
روى المفيد - وليس بثقة - : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا علي بن موسى ، عن أبيه ، فذكر حديثا منكر المتن .
وعن علي بن موسى الرضى ، عن أبيه قال : إذا أقبلت الدنيا على إنسان ، أعطته محاسن غيره ، وإذا أدبرت عنه ، سلبته محاسن نفسه .
قال الصولي : حدثنا أحمد بن يحيى أن الشعبي قال : أفخر بيت قيل قول الأنصار يوم بدر :
وببئر بدر إذ يرد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد
ثم قال الصولي : أفخر منه قول الحسن بن هانئ في علي بن موسى الرضى :
قيل لي أنت واحد الناس في ك ل كلام من المقال بديه [ ص: 389 ]
لك في جوهر الكلام بديع يثمر الدر في يدي مجتنيه
فعلام تركت مدح ابن موسى بالخصال التي تجمعن فيه
قلت : لا يسوغ إطلاق هذا الأخير إلا بتوقيف ، بل كان جبريل معلم نبينا - صلى الله عليه وسلم - وعليه .
قال أحمد بن خالد الذهلي الأمير : صليت خلف علي الرضى بنيسابور ، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة .
قال : حدثنا الحاكم إسحاق بن محمد الهاشمي بالكوفة ، حدثنا القاسم بن أحمد العلوي ، حدثنا أبو الصلت الهروي ، حدثني علي بن موسى الرضى قال : من قال : القرآن مخلوق ، فهو كافر .
ويروى عن علي الرضى عن آبائه : كل شيء بقدر حتى العجز والكيس .
وعن أبي الصلت قال : سمعت علي بن موسى بالموقف يدعو : اللهم كما سترت علي ما أعلم فاغفر لي ما تعلم ، وكما وسعني علمك ، فليسعني عفوك ، وكما أكرمتني بمعرفتك ، فاشفعها بمغفرتك يا ذا الجلال والإكرام .
توفي سنة ثلاث ومائتين كهلا .
قال ابن حبان علي بن موسى يروي عن أبيه العجائب ، روى [ ص: 390 ] عنه أبو الصلت وغيره . كان يهم ويخطئ .
قال ابن جرير في " تاريخه " إن عيسى بن محمد بن أبي خالد بينما هو في عرض أصحابه ، ورد عليه كتاب الحسن بن سهل يعلمه فيه أن المأمون جعل علي بن موسى ولي عهده; لأنه نظر في بني العباس وبني علي ، فلم يجد أحدا هو أفضل ولا أعلم ولا أروع منه ، وأنه سماه الرضى من آل محمد ، وأمره بطرح لبس السواد ولبس الخضرة في رمضان سنة إحدى ومائتين ، ويأمره أن يأمر من قبله بالبيعة له ، ويلبس الخضرة في أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم ، ويأخذ أهل بغداد جميعا بذلك ، فدعا عيسى أهل بغداد إلى ذلك على أن يعجل لهم رزق شهر ، فأبى بعضهم ، وقالوا : هذا دسيس من الفضل بن سهل ، وغضب بنو العباس ، ونهض إبراهيم ومنصور ابنا المهدي ، ثم نزعوا الطاعة ، وبايعوا إبراهيم بن المهدي .
قال : ورد الحاكم الرضى نيسابور سنة مائتين ، بعث إليه المأمون رجاء بن أبي الضحاك لإشخاصه من المدينة إلى البصرة ، ثم منها إلى الأهواز ، فسار منها إلى فارس ، ثم على طريق بست إلى نيسابور ، وأمره أن لا يسلك به طريق الجبال ، ثم سار به إلى مرو .
قال ابن جرير : دخلت سنة ثلاث ، فسار المأمون إلى طوس ، وأقام عند قبر أبيه الرشيد أياما ، ثم إن علي بن موسى أكل عنبا ، فأكثر [ ص: 391 ] منه ، فمات فجأة في آخر صفر ، فدفن عند الرشيد ، واغتم المأمون لموته .
وقيل : إن دعبلا الخزاعي أنشد علي بن موسى مدحة فوصله بستمائة دينار ، وجبة خز ، بذل له فيها أهل قم ألف دينار ، فامتنع ، وسافر ، فجهزوا عليه من قطع عليه الطريق ، وأخذت الجبة ، فرجع وكلمهم ، فقالوا : ليس إلى ردها سبيل ، وأعطوه الألف دينار وخرقة من الجبة للبركة .
قال المبرد : عن أبي عثمان المازني قال : سئل علي بن موسى الرضى : أيكلف الله العباد ما لا يطيقون ؟ قال : هو أعدل من ذلك ، قيل : فيستطيعون أن يفعلوا ما يريدون ؟ قال : هم أعجز من ذلك .
قيل : قال المأمون للرضى : ما يقول بنو أبيك في جدنا العباس ؟ قال : ما يقولون في رجل فرض الله طاعة نبيه على خلقه ، وفرض طاعته على نبيه - وهذا يوهم في البديهة أن الضمير في طاعته للعباس ، وإنما هو لله - فأمر له المأمون بألف ألف درهم .
وكان لعلي إخوة من السراري ، وهم : إبراهيم ، وعباس ، وقاسم [ ص: 392 ] وإسماعيل ، وهارون ، وجعفر ، وحسن ، وأحمد ، ومحمد ، وعبيد الله ، وحمزة ، وزيد ، وإسحاق ، وعبد الله ، والحسين ، والفضل ، وسليمان ، وعدة بنات ، سردهم الزبير في كتاب " النسب " .
فقيل : إن أخاه زيدا خرج بالبصرة على المأمون ، وفتك ، وعسف ، فنفذ إليه المأمون علي بن موسى أخاه ليرده ، فسار إليه فيما قيل ، وقال : ويلك يا زيد ، فعلت بالمسلمين ما فعلت ، وتزعم أنك ابن فاطمة ؟ ! والله لأشد الناس عليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينبغي لمن أخذ برسول الله أن يعطي به ، فبلغ المأمون ، فبكى ، وقال : هكذا ينبغي أن يكون أهل بيت النبوة هكذا ! .
وقد كان علي الرضى كبير الشأن ، أهلا للخلافة ، ولكن كذبت عليه وفيه الرافضة ، وأطروه بما لا يجوز ، وادعوا فيه العصمة ، وغلت فيه ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا .
وهو بريء من عهدة تلك النسخ الموضوعة عليه ، فمنها : عن أبيه ، عن جده ، عن آبائه مرفوعا : السبت لنا ، والأحد لشيعتنا ، والاثنين لبني أمية ، والثلاثاء لشيعتهم ، والأربعاء لبني العباس ، والخميس لشيعتهم ، والجمعة للناس جميعا .
وبه : لما أسري بي ، سقط من عرقي ، فنبت منه الورد .
وبه : ادهنوا بالبنفسج ، فإنه بارد في الصيف حار في الشتاء .
وبه : من أكل رمانة بقشرها ، أنار الله قلبه أربعين ليلة . [ ص: 393 ]
وبه : الحناء بعد النورة أمان من الجذام .
وبه : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عطس ، قال له علي : رفع الله ذكرك ، وإذا عطس علي ، قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أعلى الله كعبك .
فهذه أحاديث وأباطيل من وضع الضلال .
ولعلي بن موسى مشهد بطوس يقصدونه بالزيارة .
وقيل : إنه مات مسموما ، فقال : استشهد أبو عبد الله الحاكم علي بن موسى بسنداباذ من طوس لتسع بقين من رمضان سنة ثلاث ومائتين ، وهو ابن تسع وأربعين سنة وستة أشهر .
وقيل : إنه خلف من الولد محمدا والحسن وجعفرا وإبراهيم والحسين . وعائشة