[ ص: 278 ] أم عمارة ( 4 ) 
نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول . 
الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية النجارية المازنية المدنية . 
كان أخوها عبد الله بن كعب المازني  من البدريين . وكان أخوها عبد الرحمن  ، من البكائين . 
شهدت  أم عمارة  ليلة العقبة  ، وشهدت أحدا  ، والحديبية  ، ويوم حنين  ، ويوم اليمامة ،  وجاهدت ، وفعلت الأفاعيل . 
روي لها أحاديث ، وقطعت يدها في الجهاد . 
وقال الواقدي   : شهدت أحدا  ، مع زوجها غزية بن عمرو  ، ومع ولديها . 
خرجت تسقي ، ومعها شن ، وقاتلت ، وأبلت بلاء حسنا . وجرحت اثني عشر جرحا . 
وكان ضمرة بن سعيد المازني  يحدث عن جدته ، وكانت قد شهدت أحدا  ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لمقام  نسيبة بنت كعب  اليوم  [ ص: 279 ] خير من مقام فلان وفلان  . 
وكانت تراها يومئذ تقاتل أشد القتال ، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها ، حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا ؛ وكانت تقول : إني لأنظر إلى ابن قمئة  وهو يضربها على عاتقها - وكان أعظم جراحها - ، فداوته سنة . ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلى حمراء الأسد  ، فشدت عليها ثيابها ، فما استطاعت من نزف الدم رضي الله عنها ورحمها . 
ابن سعد   : أخبرنا محمد بن عمر   : أخبرنا عبد الجبار بن عمارة  ، عن عمارة بن غزية  قال : قالت  أم عمارة   : رأيتني ، وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما بقي إلا في نفير ما يتمون عشرة ؛ وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه ، والناس يمرون به منهزمين ، ورآني ولا ترس معي ، فرأى رجلا موليا ومعه ترس ، فقال : ألق ترسك إلى من يقاتل ، فألقاه ، فأخذته ، فجعلت أترس به عن رسول الله . وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل ؛ لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم - إن شاء الله . 
فيقبل رجل على فرس ، فيضربني ، وترست له ، فلم يصنع شيئا ، وولى ؛ فأضرب عرقوب فرسه ، فوقع على ظهره ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح : يا ابن  أم عمارة  ، أمك ! أمك ! قالت : فعاونني عليه ، حتى أوردته شعوب  .  [ ص: 280 ] 
قال : أخبرنا محمد بن عمر   : حدثني ابن أبي سبرة  ، عن عمرو بن يحيى  ، عن أمه ، عن  عبد الله بن زيد  ، قال : جرحت يومئذ جرحا ، وجعل الدم لا يرقأ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اعصب جرحك . 
فتقبل أمي إلي ، ومعها عصائب في حقوها ؛ فربطت جرحي ، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف ، فقال : انهض بني ، فضارب القوم ! وجعل يقول : من يطيق ما تطيقين يا  أم عمارة   ! . 
فأقبل الذي ضرب ابني ، فقال رسول الله : هذا ضارب ابنك . قالت : فأعترض له ، فأضرب ساقه ، فبرك ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم ، حتى رأيت نواجذه ، وقال : استقدت يا  أم عمارة   ! . 
ثم أقبلنا نعله بالسلاح ، حتى أتينا على نفسه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي ظفرك . 
أخبرنا محمد بن عمر   : حدثني ابن أبي سبرة  ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة  ، عن الحارث بن عبد الله   : سمعت  عبد الله بن زيد بن عاصم  يقول : شهدت أحدا  ، فلما تفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دنوت منه أنا وأمي ، نذب عنه ، فقال : ابن أم عمارة ؟  قلت : نعم . قال : ارم ، فرميت بين يديه رجلا بحجر - وهو على فرس - فأصبت عين الفرس ، فاضطرب الفرس ، فوقع هو وصاحبه ؛ وجعلت أعلوه بالحجارة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يبتسم .  [ ص: 281 ] 
ونظر إلى جرح أمي على عاتقها ، فقال : أمك أمك ! اعصب جرحها . اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة . قلت : ما أبالي ما أصابني من الدنيا . 
وعن موسى بن ضمرة بن سعيد  ، عن أبيه ، قال : أتي  عمر بن الخطاب  بمروط فيها مرط جيد ؛ فبعث به إلى  أم عمارة   . 
شعبة  ، عن حبيب بن زيد الأنصاري  ، عن امرأة ، عن  أم عمارة  ، قالت : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقربنا إليه طعاما ، وكان بعض من عنده صائما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أكل عند الصائم الطعام ، صلت عليه الملائكة  . 
وعن محمد بن يحيى بن حبان  ، قال : جرحت  أم عمارة  بأحد  اثني عشر جرحا ، وقطعت يدها يوم اليمامة  ؛ وجرحت يوم اليمامة  سوى يدها أحد عشر جرحا ، فقدمت المدينة  وبها الجراحة ، فلقد رئي أبو بكر -  رضي الله عنه ، وهو خليفة ، يأتيها يسأل عنها . 
وابنها حبيب بن زيد بن عاصم  هو الذي قطعه مسيلمة .   [ ص: 282 ] وابنها الآخر عبد الله بن زيد المازني  ، الذي حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قتل يوم الحرة  وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب  بسيفه . 
انفرد أبو أحمد  الحاكم  ، وابن منده  بأنه شهد بدرا   . 
قال  ابن عبد البر   : بل شهد أحدا   . 
قلت : نعم ، الصحيح أنه لم يشهد بدرا   . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					