السري بن المغلس السقطي
الإمام القدوة ، شيخ الإسلام أبو الحسن البغدادي .
ولد في حدود الستين ومائة .
وحدث عن : الفضيل بن عياض ، ، وهشيم بن بشير ، وأبي بكر بن عياش وعلي بن غراب ، ، وغيرهم بأحاديث قليلة . واشتغل بالعبادة ، وصحب ويزيد بن هارون معروفا الكرخي ، وهو أجل أصحابه .
روى عنه : ، الجنيد بن محمد والنوري أبو الحسين ، وأبو العباس بن مسروق ، وإبراهيم بن عبد الله المخرمي ، وعبد الله بن شاكر ، فروى ابن شاكر عنه ، قال : صليت وردي ليلة ، ومددت رجلي في المحراب ، فنوديت : يا سري ، كذا تجالس الملوك! فضممتها ، وقلت : وعزتك لا مددتها .
قال أبو بكر الحربي : سمعت السري يقول : حمدت الله مرة ، فأنا [ ص: 186 ] أستغفر من ذلك الحمد منذ ثلاثين سنة . قيل : وكيف ذاك ؟ قال : كان لي دكان فيه متاع ، فاحترق السوق ، فلقيني رجل ، فقال : أبشر ، دكانك سلمت ، فقلت : الحمد لله ، ثم فكرت ، فرأيتها خطيئة .
ويقال : إن السري رأى جارية سقط من يدها إناء ، فانكسر ، فأخذ من دكانه إناء ، فأعطاها ، فرآه معروف الكرخي ، فدعا له ، قال : بغض الله إليك الدنيا . قال : فهذا الذي أنا فيه من بركات معروف .
وقال الجنيد : سمعت سريا يقول : أشتهي منذ ثلاثين جزرة أغمسها في دبس وآكلها ، فما يصح لي . وسمعته يقول : أحب أن آكل أكلة ليس لله علي فيها تبعة ، ولا لمخلوق فيها منة ، فما أجد إلى ذلك سبيلا . ودخلت على السري وهو يجود بنفسه ، فقلت : أوصني .
قال : لا تصحب الأشرار ، ولا تشتغلن عن الله بمجالسة الأخيار .
قال الفرخاني : سمعت الجنيد يقول : ما رأيت أعبد لله من السري ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رئي مضطجعا إلا في علة الموت .
قال الجنيد : وسمعته يقول : إني لأنظر إلى أنفي كل يوم مخافة أن [ ص: 187 ] يكون وجهي قد اسود ، وما أحب أن أموت حيث أعرف ، أخاف أن لا تقبلني الأرض ، فأفتضح . وسمعته يقول : فاتني جزء من وردي ، فلا يمكنني قضاؤه ، يعني لاستغراق أوقاته .
قال أبو عبد الرحمن السلمي : كان السري أول من أظهر ببغداد لسان التوحيد ، وتكلم في علوم الحقائق . وهو إمام البغداديين في الإشارات .
قلت : وممن صحبه العباس بن يوسف الشكلي ، ومحمد بن الفضل ابن جابر السقطي .
توفي في شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين . وقيل : توفي سنة إحدى وخمسين . وقيل : سنة سبع وخمسين .