قال : سمعت ابن عدي عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي يقول : جاء إلى محمد بن إسماعيل خرتنك - " قرية " على فرسخين من سمرقند- وكان له بها أقرباء ، فنزل عندهم ، فسمعته ليلة يدعو ، وقد فرغ من صلاة الليل : اللهم إنه قد ضاقت علي الأرض بما رحبت ، فاقبضني إليك ، فما تم الشهر حتى مات . وقبره بخرتنك .
وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت أبا منصور غالب بن جبريل وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله يقول : إنه أقام عندنا أياما ، فمرض ، واشتد به المرض حتى وجه رسولا إلى مدينة سمرقند في إخراج محمد ، فلما وافى [ ص: 467 ] تهيأ للركوب ، فلبس خفيه ، وتعمم ، فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها ، وأنا آخذ بعضده ، ورجل أخذ معي يقوده إلى الدابة ليركبها ، فقال -رحمه الله- : أرسلوني ، فقد ضعفت . فدعا بدعوات ، ثم اضطجع ، فقضى رحمه الله . فسال منه العرق شيء لا يوصف . فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه . وكان فيما قال لنا ، وأوصى إلينا أن كفنوني في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ففعلنا ذلك . فلما دفناه فاح من تراب قبره رائحة غالية أطيب من المسك ، فدام ذلك أياما ، ثم علت سواري بيض في السماء مستطيلة بحذاء قبره ، فجعل الناس يختلفون ، ويتعجبون . وأما التراب فإنهم كانوا يرفعون عن القبر ، حتى ظهر القبر ، ولم نكن نقدر على حفظ القبر بالحراس . وغلبنا على أنفسنا ، فنصبنا على القبر خشبا مشبكا لم يكن أحد يقدر على الوصول إلى القبر فكانوا يرفعون ما حول القبر من التراب ، ولم يكونوا يخلصون إلى القبر . . وأما ريح الطيب فإنه تداوم أياما كثيرة ، حتى تحدث أهل البلدة ، وتعجبوا من ذلك ، وظهر عند مخالفيه أمره بعد وفاته ، وخرج بعض مخالفيه إلى قبره ، وأظهروا التوبة والندامة مما كانوا شرعوا فيه من مذموم المذهب .
قال محمد بن أبي حاتم : ولم يعش أبو منصور غالب بن جبريل بعده إلا القليل ، وأوصى أن يدفن إلى جنبه . [ ص: 468 ]
وقال محمد بن محمد بن مكي الجرجاني : سمعت عبد الواحد بن آدم الطواويسي يقول : رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم ، ومعه جماعة من أصحابه ، وهو واقف في موضع ، فسلمت عليه ، فرد علي السلام ، فقلت : ما وقوفك يا رسول الله ؟ قال : أنتظر . فلما كان بعد أيام . بلغني موته ، فنظرت فإذا قد مات في الساعة التي رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها . محمد بن إسماعيل البخاري
وقال خلف بن محمد الخيام : سمعت مهيب بن سليم الكرميني يقول : مات عندنا ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ، وقد بلغ اثنتين وستين سنة ، وكان في بيت وحده ، فوجدناه لما أصبح وهو ميت . البخاري
وقال : سمعت ابن عدي الحسن بن الحسين البزاز البخاري يقول : توفي ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء ، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومائتين . وعاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما . البخاري
وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت أبا ذر يقول : رأيت محمد بن حاتم الخلقاني في المنام ، وكان من أصحاب محمد بن حفص ، فسألته -وأنا أعرف أنه ميت- عن شيخي رحمه الله ، هل رأيته؟ قال : نعم ، رأيته وهو ذاك ، يشير إلى ناحية سطح من سطوح المنزل . ثم سألته عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل ، فقال : رأيته ، وأشار إلى السماء إشارة كاد أن يسقط منها لعلو ما يشير . [ ص: 469 ]
وقال : أخبرنا أبو علي الغساني أبو الفتح نصر بن الحسن السكتي السمرقندي : قدم علينا بلنسية عام أربعة وستين وأربعمائة . قال : قحط المطر عندنا بسمرقند في بعض الأعوام ، فاستسقى الناس مرارا ، فلم يسقوا . فأتى رجل صالح معروف بالصلاح إلى قاضي سمرقند ، فقال له : إني رأيت رأيا أعرضه عليك . قال : وما هو ؟ قال : أرى أن تخرج ويخرج الناس معك إلى قبر الإمام ، وقبره محمد بن إسماعيل البخاري بخرتنك ، ونستسقي عنده ، فعسى الله أن يسقينا . قال : فقال القاضي : نعم ما رأيت . فخرج القاضي والناس معه ، واستسقى القاضي بالناس ، وبكى الناس عند القبر ، وتشفعوا بصاحبه ، فأرسل الله -تعالى- السماء بماء عظيم غزير ، أقام الناس من أجله بخرتنك سبعة أيام أو نحوها ، لا يستطيع أحد الوصول إلى سمرقند من كثرة المطر وغزارته ، وبين خرتنك وسمرقند نحو ثلاثة أميال .
وقال الخطيب في تاريخه : أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي الحرشي بنيسابور ، قال : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الفقيه البلخي ( ح ) ، قال الخطيب : سمعت أحمد بن عبد الله الصفار البلخي ، يقول : سمعت أبا إسحاق المستملي يروي عن محمد بن يوسف الفربري ، أنه كان يقول : سمع كتاب " الصحيح " لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل ، فما بقي أحد يرويه غيري .