أبو زرعة الرازي ( م ، ت ، س ، ق ) 
الإمام ، سيد الحفاظ عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ : محدث الري   . ودخول " الزاي " في نسبته غير مقيس ، كالمروزي . 
مولده بعد نيف ومائتين . 
وقد ذكر ابن أبي حاتم  أن أبا زرعة  سمع من :  عبد الله بن صالح العجلي  ، والحسن بن عطية بن نجيح  وهما ممن توفي سنة إحدى عشرة ومائتين ، فيما بلغني . فإما وقع غلط في وفاتهما ، وإما في مولده ، وإما في لقيه لهما . 
 [ ص: 66 ] وقد سمع من : محمد بن سابق  ،  وقرة بن حبيب  ، وأبي نعيم  ،  والقعنبي  ، وخلاد بن يحيى  ، وعمرو بن هاشم  ، وعيسى بن مينا قالون  ، وإسحاق بن محمد الفروي  ، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي  ، ويحيى بن بكير  ، وعبد الحميد بن بكار  ،  وصفوان بن صالح  ، وسليمان ابن بنت شرحبيل  ،  وأحمد بن حنبل  ، وطبقتهم . 
قال لنا أبو الحجاج  في " تهذيبه " هو مولى عياش بن مطرف بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي   . . . . ثم سرد شيوخه ، ومنهم : أحمد بن يونس اليربوعي  ، والحسن بن بشر البجلي  ، والحسن بن الربيع البوراني  ،  وأبو عمر الحوضي  ، والربيع بن يحيى الأشناني  ، وسهل بن بكار الدارمي  ،  وشاذ بن فياض  ،  وقبيصة بن عقبة  ، ومحمد بن الصلت الأسدي  ، ومسلم بن إبراهيم  ،  وموسى بن إسماعيل  ،  وأبو الوليد الطيالسي  ، وآخرون . 
وذكر شيخنا أبو الحجاج  فيهم أبا عاصم النبيل  ، وهذا وهم ، لم يدركه ، ولا سمع منه ، ولا دخل البصرة  ، إلا بعد موته بأعوام . 
وطلب هذا الشأن وهو حدث ، وارتحل إلى الحجاز  والشام  ، ومصر  والعراق  والجزيرة  وخراسان  ، وكتب ما لا يوصف كثرة . 
حدث عنه : أبو حفص الفلاس  ، وحرملة بن يحيى  ، وإسحاق بن موسى الخطمي  ، ومحمد بن حميد الرازي  ،  ويونس بن عبد الأعلى  ، والربيع المرادي   -وهم من شيوخه- وابن وارة  ، وأبو حاتم  ،  ومسلم بن الحجاج  ، وخلق من أقرانه ، وعبد الله بن أحمد  ،  وأبو بكر بن أبي داود  ،  وأبو عوانة الإسفراييني  ، وأبو بكر بن زياد  ، وأحمد بن محمد بن أبي حمزة  [ ص: 67 ] الذهبي  ، ومحمد بن حمدون النيسابوري  ، وعدي بن عبد الله والد الحافظ أبي أحمد  ، وموسى بن العباس الجويني  ، ومحمد بن الحسين القطان  ، والحسن بن محمد الداركي  ، وخلق كثير . وابن سابق   -شيخه- وهو : محمد بن سعيد بن سابق   . 
فذكر سعيد بن عمرو البرذعي  ، أن أبا زرعة  قال : لا أعلم صفا لي رباط يوم قط ، أما بيروت   : فأردنا العباس بن الوليد بن مزيد  ، وأما عسقلان   ; فأردنا محمد بن أبي السري  ، وأما قزوين   : فمحمد بن سعيد بن سابق   . 
قال ابن أبي حاتم   : فروخ جد أبي زرعة هو مولى عباس بن مطرف القرشي   . 
قال أبو بكر الخطيب   : سمع أبو زرعة  من مسلم بن إبراهيم  ، وأبي نعيم  ، وقبيصة  ، وأبي الوليد  ، ويحيى بن بكير   . قال : وكان إماما ربانيا ، حافظا متقنا مكثرا . . جالس  أحمد بن حنبل  ، وذاكره ، وحدث عنه من أهل بغداد   :  إبراهيم الحربي  ، وعبد الله بن أحمد  ، وقاسم المطرز   . 
قال تمام الرازي   : أخبرنا جعفر بن محمد الكندي  ، حدثنا أبو زرعة الدمشقي  قال : قدم علينا جماعة من أهل الري  دمشق  قديما ، منهم : أبو يحيى فرخويه  ، فلما انصرفوا -فيما أخبرني غير واحد ، منهم :  أبو حاتم الرازي   - رأوا هذا الفتى قد كاس -يعني أبا زرعة الرازي   - فقالوا له : نكنيك بكنية  أبي زرعة الدمشقي   . ثم لقيني  أبو زرعة الرازي  بدمشق  ، وكان يذكرني  [ ص: 68 ] هذا الحديث ، ويقول : بكنيتك اكتنيت . 
قال أبو عبد الله بن بطة   : سمعت النجاد  ، سمعت عبد الله بن أحمد  يقول : لما ورد علينا أبو زرعة  ، نزل عندنا ، فقال لي أبي : يا بني ! قد اعتضت بنوافلي مذاكرة هذا الشيخ . 
وقال صالح بن محمد جزرة   : سمعت أبا زرعة  يقول : كتبت عن إبراهيم بن موسى الرازي  مائة ألف حديث ، وعن أبي بكر بن أبي شيبة  مائة ألف فقلت له : بلغني أنك تحفظ مائة ألف حديث ، تقدر أن تملي علي ألف حديث من حفظ ؟ قال : لا ، ولكن إذا ألقي علي عرفت  . 
قال  عبد الرحمن بن أبي حاتم   : قلت لأبي زرعة   : يجوز ما كتبت عن إبراهيم بن موسى  مائة ألف ؟ قال : مائة ألف كثير . قلت : فخمسين ألفا ؟ قال : نعم ، وستين وسبعين ألفا . حدثني من عد كتاب الوضوء والصلاة ، فبلغ ثمانية عشر ألف حديث . 
وقال أبو عبد الله بن منده  الحافظ : سمعت أبا العباس محمد بن جعفر بن حمكويه  بالري  يقول : سئل أبو زرعة  عن رجل حلف بالطلاق : أن أبا زرعة  يحفظ مائتي ألف حديث هل حنث ؟ فقال : لا . ثم قال أبو زرعة   : أحفظ مائتي ألف حديث ، كما يحفظ الإنسان : قل هو الله أحد  وفي المذاكرة ثلاث مائة ألف حديث  . 
 [ ص: 69 ] هذه حكاية مرسلة ، وحكاية  صالح جزرة  أصح . روى الخطيب  هذه عن عبد الله بن أحمد السوذرجاني  ، أنه سمع ابن منده  يقول ذلك . 
قال  الحافظ أبو أحمد بن عدي   : سمعت أبي يقول كنت بالري  ، وأنا غلام في البزازين ، فحلف رجل بطلاق امرأته : أن أبا زرعة  يحفظ مائة ألف حديث . فذهب قوم -أنا فيهم- إلى أبي زرعة  ، فسألناه ، فقال : ما حمله على الحلف بالطلاق ؟ قيل : قد جرى الآن منه ذلك . فقال أبو زرعة   : ليمسك امرأته ، فإنها لم تطلق عليه . أو كما قال  . 
قال  ابن عدي   : سمعت الحسن بن عثمان التستري  ، سمعت أبا زرعة  يقول : كل شيء : قال الحسن   : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجدت له أصلا ، إلا أربعة أحاديث  . 
وقال ابن أبي حاتم   : قال أبو زرعة   : عجبت ممن يفتي في مسائل الطلاق ، يحفظ أقل من مائة ألف حديث  . 
وقال ابن أبي شيبة   : ما رأيت أحفظ من أبي زرعة   . 
وقال  أبو عبد الله الحاكم   : سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد الرازي  يقول : سمعت  محمد بن مسلم بن وارة  قال : كنت عند إسحاق  بنيسابور  ، فقال رجل من العراق   : سمعت  أحمد بن حنبل  يقول : صح من الحديث سبعمائة ألف حديث وكسر ، وهذا الفتى -يعني أبا زرعة   - قد حفظ ستمائة ألف حديث . 
 [ ص: 70 ] قلت : أبو جعفر  ليس بثقة . 
 ابن عدي   : سمعت أحمد بن محمد بن سعيد  ، حدثني الحضرمي  ، سمعت  أبا بكر بن أبي شيبة  ، وقيل له : من أحفظ من رأيت ؟ قال : ما رأيت أحفظ من  أبي زرعة الرازي   . 
ابن المقرئ   : حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني   : سمعت  محمد بن إسحاق الصاغاني  يقول : أبو زرعة  يشبه  بأحمد بن حنبل   . 
وقال علي بن الحسين بن الجنيد   : ما رأيت أحدا أعلم بحديث مالك بن أنس  مسندها ومنقطعها من أبي زرعة  ، وكذلك سائر العلوم  . 
قال ابن أبي حاتم   : سئل أبي عن أبي زرعة   : فقال : إمام . 
قال عمر بن محمد بن إسحاق القطان   : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل  ، سمعت أبي يقول : ما جاوز الجسر أحد أفقه من إسحاق ابن راهويه  ، ولا أحفظ من أبي زرعة   . 
 ابن عدي   : سمعت أبا يعلى الموصلي  يقول : ما سمعنا بذكر أحد في الحفظ ، إلا كان اسمه أكبر من رؤيته ، إلا أبا زرعة الرازي  ، فإن مشاهدته كانت أعظم من اسمه ، وكان قد جمع حفظ الأبواب والشيوخ والتفسير ، كتبنا بانتخابه بواسط  ستة آلاف حديث  . 
 [ ص: 71 ] وقال  صالح جزرة   : حدثنا سلمة بن شبيب  ، حدثني الحسن بن محمد بن أعين  ، حدثنا زهير  ، حدثتنا أم عمرو بنت شمر  ، سمعت  سويد بن غفلة  يقول " وعيس عين " . يريد : وحور عين   [ الواقعة : 22 ] قال صالح   : فألقيت هذا على أبي زرعة  ، فبقي متعجبا ، فقال : أنا أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث . قلت : فتحفظ هذا ؟ قال : لا . 
 ابن عدي   : سمعت الحسن بن عثمان  ، سمعت  ابن وارة  ، سمعت إسحاق ابن راهويه  يقول : كل حديث لا يعرفه  أبو زرعة الرازي  ، فليس له أصل  . 
وقال  الحاكم   : سمعت الفقيه أبا حامد أحمد بن محمد  ، سمعت أبا العباس الثقفي  يقول : لما انصرف قتيبة بن سعيد  إلى الري  ، سألوه أن يحدثهم ، فامتنع ، فقال أحدثكم بعد أن حضر مجلسي أحمد  ،  وابن معين  ،  وابن المديني  ،  وأبو بكر بن أبي شيبة  ،  وأبو خيثمة  ؟ قالوا له : فإن عندنا غلاما يسرد كل ما حدثت به ، مجلسا مجلسا ، قم يا أبا زرعة  ، قال : فقام ، فسرد كل ما حدث به قتيبة  ، فحدثهم قتيبة   . 
قال سعيد بن عمرو الحافظ   : سمعت أبا زرعة  يقول : دخلت البصرة  ، فحضرت  سليمان الشاذكوني  يوم الجمعة ، فروى حديثا  [ ص: 72 ] فرددت عليه . ثم قال : حدثنا ابن أبي غنية  عن أبيه ، عن سعد بن إبراهيم  ، عن  نافع بن جبير  ، عن أبيه ، قال : لا حلف في الإسلام  . 
فقلت : هذا وهم وهم فيه إسحاق بن سليمان  وإنما هو : سعد  ، عن أبيه ، عن جبير  قال : من يقول هذا ؟ قلت : حدثنا إبراهيم بن موسى  ، أخبرنا ابن أبي غنية  فغضب ثم قال : ما تقول فيمن جعل الأذان مكان الإقامة ؟ 
قلت : يعيد . قال : من قال هذا ؟ قلت : الشعبي   . قال : من عن الشعبي  ؟ قلت : حدثنا قبيصة  ، عن سفيان  ، عن جابر  ، عن الشعبي   . قال : ومن غير هذا ؟ قلت : إبراهيم  وحدثنا أبو نعيم  ، حدثنا منصور بن أبي الأسود  ، عن مغيرة  ، عنه . قال : أخطأت . قلت :  [ ص: 73 ] حدثنا أبو نعيم  ، حدثنا جعفر الأحمر  ، حدثنا مغيرة   . قال : أخطأت . قلت : حدثنا أبو نعيم  ، حدثنا أبو كدينة  ، عن مغيرة   . قال : أصبت . ثم قال أبو زرعة   : اشتبه علي ، وكتبت هذه الأحاديث الثلاثة عن أبي نعيم  ، فما طالعتها منذ كتبتها . ثم قال : وأي شيء غير هذا ؟ قلت :  معاذ بن هشام  ، عن أشعث  ، عن الحسن   . قال : هذا سرقته مني -وصدق- كان ذاكرني به رجل ببغداد  ، فحفظته عنه . 
قال أبو علي جزرة   : قال لي أبو زرعة   : مر بنا إلى  سليمان الشاذكوني  نذاكره . قال : فذهبنا ، فما زال يذاكره حتى عجز الشاذكوني  عن حفظه ، فلما أعياه ، ألقى عليه حديثا من حديث الرازيين ، فلم يعرفه أبو زرعة  ، فقال سليمان   : يا سبحان الله حديث بلدك هذا مخرجه من عندكم!؟ وأبو زرعة  ساكت ، والشاذكوني  يخجله ويري من حضر أنه قد عجز . فلما خرجنا ، رأيت أبا زرعة  قد اغتم ، ويقول : لا أدري من أين جاء بهذا ؟ فقلت له : وضعه في الوقت كي تعجز وتخجل . قال : هكذا ؟ قلت : نعم ، فسري عنه  . 
 ابن عدي   : سمعت محمد بن إبراهيم المقرئ  ، سمعت فضلك الصائغ  يقول : دخلت المدينة ، فصرت إلى باب أبي مصعب  ، فخرج إلي شيخ مخضوب ، وكنت ناعسا ، فحركني ، وقال : يا مردريك! من أين أنت ؟ أي شيء تنام ؟ قال : أصلحك الله ، أنا من الري  ، من بعض شاكردي أبي زرعة  فقال : تركت أبا زرعة  وجئتني ؟ ! لقيت  مالكا   [ ص: 74 ] وغيره ، فما رأت عيناي مثل أبي زرعة   . 
قال : ودخلت على الربيع  بمصر  ، فقال : من أين ؟ قلت : من الري   . قال : تركت أبا زرعة  وجئت ؟ إن أبا زرعة  آية ، وإن الله إذا جعل إنسانا آية ، أبانه من شكله ، حتى لا يكون له ثان  . 
قال ابن أبي حاتم   : سمعت  يونس بن عبد الأعلى  يقول : ما رأيت أكثر تواضعا من أبي زرعة  ، هو وأبو حاتم  إماما خراسان   . 
وقال يوسف الميانجي  سمعت عبد الله بن محمد القزويني  القاضي يقول : حدثنا  يونس بن عبد الأعلى  يوما ، قال : حدثني أبو زرعة  ، فقيل له : من هذا ؟ فقال : إن أبا زرعة  أشهر في الدنيا من الدنيا  . 
ابن أبي حاتم   : حدثنا الحسن بن أحمد  ، سمع  أحمد بن حنبل  يدعو الله لأبي زرعة   . وسمعت عبد الواحد بن غياث  يقول : ما رأى أبو زرعة  مثل نفسه . 
سعيد بن عمرو البرذعي   : سمعت محمد بن يحيى  يقول : لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله لهم مثل أبي زرعة  ، يعلم الناس ، وما كان الله ليترك الأرض إلا وفيها مثل أبي زرعة  ، يعلم الناس ما جهلوه  . 
علقها ابن أبي حاتم  عن سعيد   . 
 [ ص: 75 ]  ابن عدي   : حدثنا أحمد بن محمد بن سلمان القطان  ، حدثنا  أبو حاتم الرازي  ، حدثني أبو زرعة عبيد الله  ، وما خلف بعده مثله ، علما وفهما وصيانة وحذقا ، وهذا ما لا يرتاب فيه ولا أعلم من المشرق والمغرب من كان يفهم هذا الشأن مثله  . 
 ابن عدي   : سمعت القاسم بن صفوان  ، سمعت أبا حاتم  يقول : أزهد من رأيت أربعة :  آدم بن أبي إياس  ، وثابت بن محمد الزاهد  ،  وأبو زرعة الرازي  ، وذكر آخر  . 
قال  النسائي   : أبو زرعة رازي  ثقة . 
وقال أبو نعيم بن عدي   : سمعت ابن خراش  يقول : كان بيني وبين أبي زرعة  موعد أن أبكر عليه ، فأذاكره ، فبكرت ، فمررت بأبي حاتم  وهو قاعد وحده ; فأجلسني معه يذاكرني ، حتى أضحى النهار . فقلت : بيني وبين أبي زرعة  موعد ، فجئت إلى أبي زرعة  والناس منكبون عليه ، فقال لي : تأخرت عن الموعد . قلت : بكرت ، فمررت بهذا المسترشد ، فدعاني ، فرحمته لوحدته ، وهو أعلى إسنادا منك ، وصرت أنت بالدست . أو كما قال  . 
				
						
						
