إبراهيم الحربي 
هو : الشيخ ، الإمام ، الحافظ ، العلامة ، شيخ الإسلام أبو إسحاق ، إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير البغدادي ، الحربي ، صاحب التصانيف . 
مولده في سنة ثمان وتسعين ومائة . 
وطلب العلم وهو حدث ، فسمع من : هوذة بن خليفة  ، وهو أكبر شيخ لقيه ،  وعفان بن مسلم  ، وأبي نعيم  وعمرو بن مرزوق  ،  وعبد الله بن صالح العجلي  ، وأبي عمر الحوضي  ، وعمر بن حفص  ،  وعاصم بن علي  ،  ومسدد بن مسرهد   . 
وموسى بن إسماعيل المنقري  ، وشعيب بن محرز  ، وأبي عبد القاسم بن سلام  ،  وأحمد بن حنبل  ، وأحمد بن شبيب  ، وابن نمير  ، والحكم بن موسى  ، وأبي معمر المقعد  ،  وأبي الوليد الطيالسي  ،  [ ص: 357 ]  وسليمان بن حرب  ،  وسريج بن النعمان  ،  وعلي بن الجعد  ،  ومحمد بن الصباح  ،  وخلف بن هشام  ،  وأبي بكر بن أبي شيبة  ،  وبندار  ، وخلق كثير . 
حدث عنه خلق كثير ، منهم : أبو محمد بن صاعد  ، وأبو عمرو بن السماك  ، وأبو بكر النجاد  ، وأبو بكر الشافعي  ، وعمر بن جعفر الختلي  ، وأبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي  ، وعبد الرحمن بن العباس  والد المخلص  ، وسليمان بن إسحاق الجلاب  ، ومحمد بن مخلد العطار  ، وجعفر الخلدي  ، ومحمد بن جعفر الأنباري  ، وأبو بحر محمد بن الحسن البربهاري ،  وأمثالهم . 
قال أبو بكر الخطيب   : كان إماما في العلم ، رأسا في الزهد ، عارفا بالفقه ، بصيرا بالأحكام ، حافظا للحديث ، مميزا لعلله ، قيما بالأدب ، جماعة للغة ، صنف " غريب الحديث " ، وكتبا كثيرة ، وأصله من مرو . 
روى المخلص  ، عن أبيه ، قال : كان إسماعيل القاضي  يشتهي أن يلتقي إبراهيم  ، فالتقيا يوما ، وتذاكرا ، فلما افترقا ، سئل إبراهيم  عن إسماعيل  ، فقال : إسماعيل  جبل نفخ فيه الروح . وقال إسماعيل   : ما رأيت مثل إبراهيم   . 
قلت : إسماعيل هو ابن إسحاق القاضي  ، عالم العراق . 
ويروى أن أبا إسحاق الحربي  لما دخل على إسماعيل القاضي  ، بادر أبو عمر محمد بن يوسف القاضي  إلى نعله ، فأخذها ، فمسحها من الغبار ، فدعا له ، وقال : أعزك الله في الدنيا والآخرة ، فلما توفي أبو عمر  ، رئي في  [ ص: 358 ] النوم ، فقيل : ما فعل الله بك ؟ قال : أعزني في الدنيا والآخرة بدعوة الرجل الصالح  . 
قال محمد بن مخلد العطار   : سمعت  إبراهيم الحربي  يقول : لا أعلم عصابة خيرا من أصحاب الحديث ، إنما يغدو أحدهم ، ومعه محبرة ، فيقول : كيف فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وكيف صلى ، إياكم أن تجلسوا إلى أهل البدع ، فإن الرجل إذا أقبل ببدعة ليس يفلح  . 
وقال أبو أيوب الجلاب سليمان بن إسحاق   : قال لي  إبراهيم الحربي   : ينبغي للرجل إذا سمع شيئا من أدب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يتمسك به . قال : فقيل لإبراهيم   : إنهم يقولون : صاحب السوداء يحفظ ؟ قال : لا ، هي أخت البلغم ، صاحبها لا يحفظ شيئا ، إنما يحفظ صاحب الصفراء  . 
وقال عثمان بن حمدويه البزاز   : سمعت  إبراهيم الحربي  يقول : خرج أبو يوسف القاضي  يوما -وأصحاب الحديث على الباب- فقال : ما على الأرض خير منكم ، قد جئتم أو بكرتم تسمعون حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم  . 
هبة الله اللالكائي   : سمعت أحمد بن محمد بن الصقر  ، سمعت أبا الحسن بن قريش  يقول : حضرت  إبراهيم الحربي   -وجاءه يوسف القاضي  ، ومعه ابنه أبو عمر   - فقال له : يا أبا إسحاق  ، لو جئناك على مقدار واجب حقك ، لكانت أوقاتنا كلها عندك . فقال : ليس كل غيبة جفوة ، ولا كل لقاء مودة ، وإنما هو تقارب القلوب  . 
الحاكم : سمعت محمد بن عبد الله الصفار  ، سمعت  إبراهيم الحربي   -وحدث عن حميد بن زنجويه  ، عن  عبد الله بن صالح العجلي  بحديث- فقال : اللهم لك الحمد ، ورفع يديه فحمد الله ، ثم قال : عندي  [ ص: 359 ] عن عبد الله بن صالح  قمطر ، وليس عندي عن حميد  غير هذا الطبق ، وأنا أحمد الله على الصدق . زادني فيه بعض أصحابنا : عن الصفار  ، فقال رجل : يا أبا إسحاق  ، لو قلت فيما لم تسمع : سمعت ، لما أقبل الله بهذه الوجوه عليك . 
ثم قال  الحاكم   : وسمعت محمد بن صالح القاضي  يقول : لا نعلم بغداد  أخرجت مثل  إبراهيم الحربي  ، في الأدب والفقه والحديث والزهد . 
ثم ذكر له كتابا في غريب الحديث ، لم يسبق إليه . 
قال القاضي أبو المطرف بن فطيس   : سمعت أبا الحسن المقرئ  ، سمعت محمد بن جعفر بن محمد بن بيان البغدادي  ، سمعت  إبراهيم الحربي   -ولم يكن في وقته مثله- يقول ، وقد سئل عن الاسم والمسمى : لي مذ أجالس أهل العلم سبعون سنة ، ما سمعت أحدا منهم يتكلم في الاسم والمسمى  . 
عمر بن عراك المقرئ   : حدثنا إبراهيم بن المولد  ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن خالد  ، حدثني  إبراهيم الحربي  ، قال : كنا عند عبيد الله بن عائشة  في مسجده ، إذ طرقه سائل ، فسأله شيئا ، فلم يكن معه ما يعطيه ،  [ ص: 360 ] فدفع إليه خاتمه ، فلما أن ولى السائل دعاه ، فقال له : لا تظن أني دعوتك ضنة مني بما أعطيتك ، إن هذا الفص شراؤه علي خمس مائة دينار ، فانظر كيف تخرجه . فضرب السائل بيده إلى الخاتم ، فكسره ، ورمى بالفص إليه ، وقال : بارك الله لك في فصك ، هذه الفضة تكفيني لقوتي وقوت عيالي اليوم  . 
قال أبو العباس ثعلب   : ما فقدت  إبراهيم الحربي  من مجلس لغة ولا نحو ، من خمسين سنة  . 
قال أبو عبد الرحمن السلمي   : سألت  الدارقطني  عن  إبراهيم الحربي  ، فقال : كان يقاس  بأحمد بن حنبل  في زهده وعلمه وورعه . 
وقيل : إن المعتضد  نفذ إلى  إبراهيم الحربي  بعشرة آلاف ، فردها . 
ثم سير له مرة أخرى ألف دينار ، فردها  . 
وروى أبو الفضل عبيد الله الزهري  ، عن أبيه عبد الرحمن  ، عن  إبراهيم الحربي  ، قال : ما أنشدت بيتا قط إلا قرأت بعده : قل هو الله أحد ثلاثا  . 
قال  أبو الحسن الدارقطني   : وإبراهيم  إمام بارع في كل علم ، صدوق . 
				
						
						
