القاضي أبو خازم
الفقيه ، العلامة ، قاضي القضاة أبو خازم ، عبد الحميد بن عبد العزيز السكوني البصري ، ثم البغدادي الحنفي .
حدث عن : ، محمد بن بشار ، ومحمد بن المثنى وشعيب بن أيوب ، وطائفة .
روى عنه : مكرم بن أحمد ، وأبو محمد بن زبر .
وكان ثقة ، دينا ، ورعا ، عالما ، أحذق الناس بعمل المحاضر والسجلات ، بصيرا بالجبر والمقابلة ، فارضا ، ذكيا ، كامل العقل .
أخذ عن هلال الرأي ، وبكر العمي ، ومحمود الأنصاري ، الفقهاء ، أصحاب وغيره . محمد بن شجاع
وبرع في المذهب حتى فضل على مشايخه ، وبه يضرب المثل في العقل .
[ ص: 540 ] قال أبو إسحاق الشيرازي في " طبقات الفقهاء " ومنهم أبو خازم . . . أخذ عن شيوخ البصرة ، وولي القضاء بالشام وبالكوفة وكرخ بغداد .
قال أبو علي التنوخي : حدثنا القاضي أبو بكر بن مروان ، حدثني مكرم بن بكر ، قال : كنت في مجلس أبي خازم القاضي ، فتقدم شيخ معه غلام ، فادعى عليه بألف دينار ، فأقر الحدث ، فقال القاضي للشيخ : ما تشاء ؟ قال : حبسه .
فقال للحدث : قد سمعت فهل توفيه البعض ؟ قال : لا . ففكر ساعة ، ثم قال : تلازما حتى أنظر . فقلت : لم أخر القاضي الحبس ؟ قال : ويحك ! إني أعرف في أكثر الأحوال وجه المحق من المبطل ، وقد وقع لي أن سماحته بالإقرار شيء بعيد من الحق .
أما رأيت قلة تغاضبهما في المحاورة مع عظم المال ؟ فبينا نحن كذلك ، إذ استبان الأمر ، فاستأذن تاجر موسر ، فأذن له القاضي ، فدخل ، وقال : قد بليت بابن لي حدث ، يتلف مالي عند فلان المقبن ، فإذا منعته مالي احتال بحيل يلجئني إلى التزام غرم ، وأقربه أنه نصب المقبن إليه اليوم لمطالبته بألف دينار ، وأقع مع أمه -إن حبس- في نكد .
فتبسم القاضي ، وطلب الغلام والشيخ ، فأدخلا ، فوعظ الغلام ، فأقر الشيخ ، وأخذ التاجر بيد ابنه ، وانصرف .
قال أبو برزة الحاسب : لا أعرف في الدنيا أحسب من أبي خازم القاضي .
قال القاضي أبو الطاهر الذهلي : بلغني أن أبا خازم ، القاضي جلس [ ص: 541 ] في الشرقية ، فأدب خصما لأمر ، فمات ، فكتب رقعة إلى المعتضد يقول : إن دية هذا في بيت المال ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحملها إلى ورثته فعل . فحمل إليه عشرة آلاف ، فدفعها إلى ورثته .
قلت ; قد كان المعتضد يحترم أبا خازم ويجله ، قيل : إن أبا خازم لما احتضر بكى ، وجعل يقول : يا رب! من القضاء إلى القبر .
وله شعر رقيق .
قال محمد بن الفيض : ولي قضاء دمشق أبو خازم ، سنة أربع وستين ومائتين ، إلى أن قدم المعتضد قبل الخلافة دمشق لحرب ، فسار معه ابن طولون أبو خازم إلى العراق .
قال : مات الطحاوي ببغداد في جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين ومائتين .
ولنا : أبو حازم ، بحاء مهملة : أحمد بن محمد بن نصر .
مات سنة ست عشرة وثلاث مائة .