عبد الله بن عمرو بن العاص ( ع )
ابن وائل بن هاشم بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب .
[ ص: 80 ] الإمام الحبر العابد ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن صاحبه ، أبو محمد ، وقيل : أبو عبد الرحمن . وقيل : أبو نصير القرشي السهمي .
وأمه هي رائطة بنت الحجاج بنت منبه السهمية ، وليس أبوه أكبر منه إلا بإحدى عشرة سنة أو نحوها .
وقد أسلم قبل أبيه في ما بلغنا ، ويقال : كان اسمه العاص ، فلما أسلم ، غيره النبي - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله .
وله مناقب وفضائل ومقام راسخ في العلم والعمل ، حمل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علما جما .
يبلغ ما أسند سبعمائة حديث اتفقا له على سبعة أحاديث ، وانفرد بثمانية ، البخاري ومسلم بعشرين .
وكتب الكثير بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - وترخيصه له في الكتابة بعد كراهيته للصحابة أن يكتبوا عنه سوى القرآن وسوغ ذلك - صلى الله عليه وسلم - ثم انعقد الإجماع بعد اختلاف الصحابة - رضي الله عنهم - على الجواز والاستحباب لتقييد العلم بالكتابة .
[ ص: 81 ] والظاهر أن النهي كان أولا لتتوفر هممهم على القرآن وحده ، وليمتاز القرآن بالكتابة عما سواه من السنن النبوية ، فيؤمن اللبس فلما زال المحذور واللبس ، ووضح أن القرآن لا يشتبه بكلام الناس أذن في كتابة العلم ، والله أعلم .
وقد روى عبد الله أيضا عن أبي بكر ، وعمر ، ومعاذ ، وسراقة بن مالك ، وأبيه عمرو ، ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطائفة ، وعن وأبي الدرداء أهل الكتاب ، وأدمن النظر في كتبهم ، واعتنى بذلك .
حدث عنه : ابنه محمد على نزاع في ذلك ، ورواية محمد عنه في أبي داود والترمذي ، ومولاه والنسائي أبو قابوس ، وحفيده شعيب بن محمد ، فأكثر عنه ، وخدمه ولزمه ، وتربى في حجره ، لأن أباه محمدا مات في حياة والده عبد الله ، وحدث عنه أيضا مولاه إسماعيل ، ومولاه سالم ، ، وأنس بن مالك وأبو أمامة بن سهل ، ، وجبير بن نفير ، وسعيد بن المسيب وعروة ، ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وزر بن حبيش وحميد بن عبد الرحمن بن عوف ، وخيثمة بن عبد الرحمن الجعفي ، وأبو العباس السائب بن فروخ الشاعر ، والسائب الثقفي والد عطاء ، ، وطاوس ، والشعبي وعكرمة ، وعطاء والقاسم ، ومجاهد ، ويزيد بن الشخير ، وأبو المليح بن أسامة ، [ ص: 82 ] والحسن البصري ، وأبو الجوزاء أوس الربعي ، وعيسى بن طلحة ، وابن أخيه ، إبراهيم بن محمد بن طلحة وبشر بن شغاف .
وجنادة بن أبي أمية ، وربيعة بن سيف ، وريحان بن يزيد العامري ، ، وسالم بن أبي الجعد وأبو السفر سعيد بن يحمد ، وسلمان الأغر ، وشفعة السمعي ، وشفي بن ماتع ، ، وشهر بن حوشب ، وطلق بن حبيب وعبد الله بن باباه ، ، وعبد الله بن بريدة وعبد الله بن رباح الأنصاري ، وعبد الله بن صفوان بن أمية ، ، وابن أبي مليكة وعبد الله بن فيروز الديلمي ، وأبو عبد الرحمن الحبلي ، وعبد الرحمن بن جبير ، وعبد الرحمن بن حجيرة ، وعبد الرحمن بن رافع قاضي إفريقية ، وعبد الرحمن بن شماسة ، وعبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ، وعبدة بن أبي لبابة ولم يدركه ، ، وعطاء بن يسار وعطاء العامري ، وعقبة بن أوس ، وعقبة بن مسلم ، وعمارة بن عمرو بن حزم ، وعمر بن الحكم بن رافع ، وأبو عياض عمرو بن الأسود العنسي ، وعمرو بن أوس الثقفي ، وعمرو بن حريش الزبيدي ، . وعمرو بن دينار
، وعمرو بن ميمون الأودي وعمران بن عبد المعافري ، وعيسى بن هلال الصدفي ، والقاسم بن ربيعة الغطفاني ، ، والقاسم بن مخيمرة وقزعة بن يحيى ، ، وكثير بن مرة ومحمد بن هدية الصدفي ، وأبو الخير اليزني ، ومسافع بن شيبة الحجبي ، ، ومسروق بن الأجدع وأبو يحيى مصدع ، وناعم مولى أم سلمة ، ونافع بن عاصم بن عروة بن مسعود الطائفي ، وأخوه يعقوب ، وأبو العريان الهيثم النخعي ، والوليد بن عبدة ، ووهب بن جابر الخيواني ، ووهب بن منبه ويحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية ، ، ويوسف بن ماهك وأبو أيوب المراغي ، ، وأبو بردة بن أبي موسى وأبو حازم الأعرج ولم يلقه ، وأبو حرب بن أبي الأسود وأبو راشد الحبراني وأبو الزبير المكي وأبو زرعة بن عمرو بن حريز ، وأبو سالم الجيشاني ، وأبو فراس مولى والده عمرو ، وأبو [ ص: 83 ] قبيل المعافري ، وأبو كبشة السلولي ، وأبو كثير الزبيدي ، وأبو المليح بن أسامة ، وخلق سواهم .
قال قتادة : كان رجلا سمينا .
وروى حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن العريان بن الهيثم ، قال : وفدت مع أبي إلى يزيد ، فجاء رجل طوال ، أحمر عظيم البطن ، فجلس ، فقلت : من هذا ؟ قيل : عبد الله بن عمرو .
أحمد : حدثنا ، حدثنا وكيع ، نافع بن عمر وعبد الجبار بن ورد ، عن ، قال ابن أبي مليكة : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : طلحة بن عبيد الله عبد الله ، وأبو عبد الله ، وأم عبد الله . نعم أهل البيت
وروى ابن لهيعة ; عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر ، مرفوعا نحوه .
: حدثنا ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة يحيى بن حكيم بن صفوان ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : . [ ص: 84 ] جمعت القرآن ، فقرأته كله في ليلة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اقرأه في شهر . قلت : يا رسول الله ، دعني أستمتع من قوتي وشبابي . قال : اقرأه في عشرين . قلت : دعني أستمتع . قال : اقرأه في سبع ليال . قلت : دعني يا رسول الله أستمتع . قال : فأبى
رواه . النسائي
وصح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نازله إلى ثلاث ليال ، ونهاه أن يقرأه في أقل من ثلاث وهذا كان في الذي نزل من القرآن ، ثم بعد هذا القول نزل ما بقي من القرآن . فأقل مراتب النهي أن تكره تلاوة القرآن كله في أقل من ثلاث ، فما فقه ولا تدبر من تلا في أقل من ذلك . ولو تلا ورتل في أسبوع ، ولازم ذلك ، لكان عملا فاضلا ، فالدين يسر ، فوالله إن ترتيل سبع القرآن في تهجد قيام الليل مع المحافظة على النوافل الراتبة ، والضحى ، وتحية المسجد ، مع الأذكار المأثورة الثابتة ، والقول عند النوم واليقظة ، ودبر المكتوبة والسحر ، مع النظر في العلم النافع والاشتغال به مخلصا لله ، مع الأمر بالمعروف ، وإرشاد الجاهل وتفهيمه ، وزجر الفاسق ، ونحو ذلك ، مع أداء الفرائض في جماعة بخشوع وطمأنينة وانكسار وإيمان ، مع أداء الواجب ، واجتناب الكبائر ، وكثرة الدعاء والاستغفار ، والصدقة وصلة الرحم ، والتواضع ، والإخلاص في جميع ذلك ، لشغل عظيم جسيم ، ولمقام أصحاب اليمين وأولياء الله المتقين ، فإن سائر ذلك مطلوب . فمتى تشاغل العابد بختمة في كل يوم ، فقد خالف الحنيفية السمحة ، ولم ينهض بأكثر ما ذكرناه ولا تدبر ما يتلوه .
هذا السيد العابد الصاحب كان يقول لما شاخ : ليتني قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك قال له - عليه السلام - في الصوم ، وما زال يناقصه [ ص: 85 ] حتى قال له : داود عليه السلام . صم يوما وأفطر يوما ، صوم أخي
وثبت أنه قال : داود أفضل الصيام صيام ونهى - عليه السلام - عن صيام الدهر وأمر - عليه السلام - بنوم قسط من الليل ، وقال : . لكني أقوم وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأتزوج النساء ، وآكل اللحم ، فمن رغب عن سنتي فليس مني
وكل من لم يذم نفسه في تعبده وأوراده بالسنة النبوية ، يندم ويترهب ويسوء مزاجه ، ويفوته خير كثير من متابعة سنة نبيه الرءوف الرحيم بالمؤمنين ، الحريص على نفعهم ، وما زال - صلى الله عليه وسلم - معلما للأمة أفضل الأعمال ، وآمرا بهجر التبتل والرهبانية التي لم يبعث بها ، فنهى عن سرد الصوم ، ونهى عن الوصال ، وعن قيام أكثر الليل إلا في العشر الأخير ، ونهى عن العزبة للمستطيع ، ونهى عن ترك اللحم إلى غير ذلك من الأوامر [ ص: 86 ] والنواهي . فالعابد بلا معرفة لكثير من ذلك معذور مأجور ، والعابد العالم بالآثار المحمدية . المتجاوز لها مفضول مغرور ، وأحب الأعمال إلى الله - تعالى - أدومها وإن قل . ألهمنا الله وإياكم حسن المتابعة ، وجنبنا الهوى والمخالفة .
قال أحمد في مسنده : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن واهب بن عبد الله المعافري ، عبد الله بن عمرو ، قال : رأيت فيما يرى النائم كأن في أحد أصبعي سمنا ، وفي الأخرى عسلا ، فأنا ألعقهما ، فلما أصبحت ، ذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : تقرأ الكتابين ; التوراة والفرقان . فكان يقرأهما . عن
ابن لهيعة ضعيف الحديث ، وهذا خبر منكر ، ولا يشرع لأحد بعد نزول القرآن أن يقرأ التوراة ولا أن يحفظها ، لكونها مبدلة محرفة منسوخة العمل ، قد اختلط فيها الحق بالباطل ، فلتجتنب . فأما النظر فيها للاعتبار وللرد على اليهود ، فلا بأس بذلك للرجل العالم قليلا ، والإعراض أولى .
فأما ما روي من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعبد الله أن يقوم بالقرآن ليلة وبالتوراة ليلة ، فكذب موضوع قبح الله من افتراه . وقيل : بل عبد الله هنا هو ابن [ ص: 87 ] سلام . وقيل : إذنه في القيام بها أي يكرر على الماضي لا أن يقرأ بها في تهجده .
كامل بن طلحة : حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن عمرو ، عن شفي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف مثل .
يحيى بن أيوب ، عن ، عن أبي قبيل عبد الله بن عمرو ، قال : كنا عند رسول الله نكتب ما يقول .
هذا حديث حسن غريب رواه سعيد بن عفير عنه .
وهو دال على أن الصحابة كتبوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض أقواله ، وهذا علي - رضي الله عنه - كتب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث في صحيفة صغيرة ، قرنها بسيفه وكتبوا عنه كتاب [ ص: 88 ] الديات ، وفرائض الصدقة وغير ذلك . وقال - عليه السلام - : اكتبوا لأبي شاة
ابن إسحاق : عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : . قلت : يا رسول الله ! أكتب ما أسمع منك ؟ قال : نعم . قلت : في الرضا والغضب ؟ قال : نعم ، فإني لا أقول إلا حقا
، وهو في المسند عنه ، عن يحيى بن سعيد القطان عبيد الله بن [ ص: 89 ] الأخنس ، عن الوليد بن عبد الله ، عن يوسف بن ماهك ; عن عبد الله بن عمرو نحوه .
وقد روي عن وغيره عن عقيل بن خالد عمرو بن شعيب نحوه . وثبت عن ، عن عمرو بن دينار ، عن أخيه وهب بن منبه همام ، سمع يقول : لم يكن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثا مني إلا ما كان من أبا هريرة عبد الله بن عمرو ، فإنه كان يكتب ولا أكتب .
وهو في صحيفة معمر عن همام .
ويرويه ابن إسحاق ; عن عمرو بن شعيب ، عن مجاهد وآخر ، عن ، مثله . أبي هريرة
، أبو النضر هاشم بن القاسم وسعدويه ، قالا : حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة ، عن مجاهد ، قال : دخلت على عبد الله بن عمرو ، فتناولت صحيفة تحت رأسه ، فتمنع علي . فقلت : تمنعني شيئا من كتبك ؟ فقال : إن هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بيني وبينه أحد ، فإذا سلم لي كتاب الله وهذه الصحيفة والوهط ، لم أبال ما ضيعت الدنيا .
الوهط : بستان عظيم بالطائف ، غرم مرة على عروشه ألف ألف درهم . [ ص: 90 ]
قتيبة : حدثنا الليث ، وآخر ، عن عياش بن عباس ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، سمعت عبد الله بن عمرو يقول : لأن أكون عاشر عشرة مساكين يوم القيامة أحب إلي من أن أكون عاشر عشرة أغنياء ، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، إلا من قال هكذا وهكذا ، يقول : يتصدق يمينا وشمالا .
هشيم : عن مغيرة وحصين ، عن مجاهد ، عبد الله بن عمرو ، قال : زوجني أبي امرأة من قريش ، فلما دخلت علي ، جعلت لا أنحاش لها مما بي من القوة على العبادة ، فجاء أبي إلى كنته ، فقال : كيف وجدت بعلك ؟ قالت : خير رجل من رجل لم يفتش لها كنفا ، ولم يقرب لها فراشا ، قال : فأقبل علي ، وعضني بلسانه ، ثم قال : أنكحتك امرأة ذات حسب ، فعضلتها وفعلت ، ثم انطلق ، فشكاني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلبني ، فأتيته ، فقال لي : أتصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت : نعم . قال : لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام ، وأمس النساء . فمن رغب عن سنتي فليس مني . عن
قلت : ورث عبد الله من أبيه قناطير مقنطرة من الذهب المصري ، فكان من ملوك الصحابة .
[ ص: 91 ] : حدثنا الأسود بن عامر شعبة ; عن يعلى بن عطاء ، عن أبيه ، قال : كنت أصنع الكحل ، وكان يطفئ السراج بالليل ، ثم يبكي حتى رسعت عيناه . لعبد الله بن عمرو
محمد بن عمرو : عن أبي سلمة : عبد الله بن عمرو ، قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيتي هذا ، فقال : يا عبد الله ! ألم أخبر أنك تكلفت قيام الليل وصيام النهار ؟ قلت : إني لأفعل . فقال : إن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، فالحسنة بعشر أمثالها ، فكأنك قد صمت الدهر كله . قلت : يا رسول الله ، إني أجد قوة ، وإني أحب أن تزيدني . فقال : فخمسة أيام قلت : إني أجد قوة . قال : سبعة أيام ، فجعل يستزيده ، ويزيده حتى بلغ النصف . وأن يصوم نصف الدهر : ( إن لأهلك عليك حقا ، وإن لعبدك عليك حقا ) وإن لضيفك عليك حقا فكان بعد ما كبر وأسن يقول : ألا كنت قبلت رخصة النبي - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي من أهلي ومالي . عن
وهذا الحديث له طرق مشهورة .
وقد أسلم عبد الله ، وهاجر بعد سنة سبع ، وشهد بعض المغازي .
قال أبو عبيد : كان على ميمنة جيش معاوية يوم صفين .
وذكره خليفة بن خياط في تسمية عمال معاوية على الكوفة . قال : ثم [ ص: 92 ] عزله وولى المغيرة بن شعبة .
وفي " مسند أحمد " : حدثنا يزيد ، أنبأنا العوام ، حدثني أسود بن مسعود ، عن حنظلة بن خويلد العنبري ، قال : بينما أنا عند معاوية ، إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار - رضي الله عنه - فقال كل واحد منهما : أنا قتلته . فقال عبد الله بن عمرو : ليطب به أحدكما نفسا لصاحبه ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : . فقال تقتله الفئة الباغية معاوية : يا عمرو ! ألا تغني عنا مجنونك ، فما بالك معنا ؟ قال : . فأنا معكم ، ولست أقاتل . إن أبي شكاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أطع أباك ما دام حيا
وروى ، عن نافع بن عمر ، قال : قال ابن أبي مليكة عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - : ما لي ولصفين ، ما لي ولقتال المسلمين ، لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة - أو قال بعشر سنين - أما والله على ذلك ما ضربت بسيف ، ولا رميت بسهم . وذكر أنه كانت الراية بيده .
: حدثنا يزيد بن هارون عبد الملك بن قدامة ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن أباه عمرا قال له يوم صفين : اخرج فقاتل . قال : يا أبه ! كيف تأمرني أخرج فأقاتل ، وقد سمعت من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي ما سمعت ؟! فقال : نشدتك بالله ! أتعلم أن آخر ما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليك أن أخذ بيدك ، فوضعها في يدي ، فقال : أطع عمرو بن العاص ما دام حيا . قال : نعم . قال : فإني آمرك أن تقاتل .
[ ص: 93 ] عبد الملك ضعف .
عفان : حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن ابن بريدة ، عن سليمان بن الربيع قال : انطلقت في رهط من نساك أهل البصرة إلى مكة ، فقلنا : لو نظرنا رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدللنا على عبد الله بن عمرو ، فأتينا منزله ، فإذا قريب من ثلاثمائة راحلة . فقلنا : على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو ؟ قالوا : نعم . هو ومواليه وأحباؤه . قال : فانطلقنا إلى البيت ، فإذا نحن برجل أبيض الرأس واللحية ، بين بردين قطريين ، عليه عمامة وليس عليه قميص .
رواه حسين المعلم ، عن ابن بريدة ، فقال : عن سلمان بن ربيعة الغنوي أنه حج زمن معاوية في عصابة من القراء ، فحدثنا أن عبد الله في أسفل مكة . فعمدنا إليه ، فإذا نحن بثقل عظيم يرتحلون ثلاثمائة راحلة ، منها مائة راحلة ومائتا زاملة وكنا نحدث أنه أشد الناس تواضعا . فقلنا : ما هذا ؟ قالوا : لإخوانه يحملهم عليها ولمن ينزل عليه ، فعجبنا ، فقالوا : إنه رجل غني . ودلونا عليه أنه في المسجد الحرام ، فأتيناه ، فإذا هو رجل قصير أرمص بين بردين وعمامة ، قد علق نعليه في شماله .
[ ص: 94 ] مسلم الزنجي : عن ابن خثيم ، عن عبيد بن سعيد : أنه دخل مع عبد الله بن عمرو المسجد الحرام ، والكعبة محترقة حين أدبر جيش حصين بن نمير ، والكعبة تتناثر حجارتها . فوقف وبكى حتى إني لأنظر إلى دموعه تسيل على وجنتيه . فقال : أيها الناس ! والله لو أن أخبركم أنكم قاتلو ابن نبيكم ، ومحرقو بيت ربكم ، لقلتم : ما أحد أكذب من أبا هريرة . فقد فعلتم ، فانتظروا نقمة الله فليلبسنكم شيعا ، ويذيق بعضكم بأس بعض . أبي هريرة
شعبة : عن يعلى بن عطاء ، عن أمه ; أنها كانت تصنع الكحل . وكان يكثر من البكاء يغلق عليه بابه ، ويبكي حتى رمصت عيناه . لعبد الله بن عمرو
قال : مات أحمد بن حنبل عبد الله ليالي الحرة سنة ثلاث وستين .
وقال يحيى بن بكير : توفي عبد الله بن عمرو بمصر ، ودفن بداره الصغيرة سنة خمس وستين وكذا قال في تاريخ موته : خليفة ، وأبو عبيد ، ، والواقدي وغيرهم . والفلاس
وقال خليفة : مات بالطائف ، ويقال : بمكة .
وقال ابن البرقي أبو بكر : فأما ولده فيقولون : مات بالشام .