جرير : عن مغيرة ، قال : بعث الحسن وابن جعفر إلى معاوية [ ص: 155 ] يسألانه . فأعطى كلا منهما مائة ألف ، فبلغ ذلك عليا ، فقال لهما : ألا تستحيان ؟ رجل نطعن في عيبه غدوة وعشية تسألانه المال؟ قالا : لأنك حرمتنا وجاد هو لنا .
أبو هلال ، عن قتادة ، قال معاوية : واعجبا للحسن ! شرب شربة من عسل بماء رومة ، فقضى نحبه . ثم قال : لا يسوؤك الله ولا يحزنك في لابن عباس الحسن . قال : أما ما أبقى الله لي أمير المؤمنين فلن يسوءني الله ولن يحزنني . قال : فأعطاه ألف ألف من بين عروض وعين . قال : اقسمه في أهلك .
روى العتبي قال : قيل لمعاوية : أسرع إليك الشيب ، قال : كيف لا ; ولا أعدم رجلا من العرب قائما على رأسي يلقح لي كلاما يلزمني جوابه ، فإن أصبت لم أحمد ، وإن أخطأت سارت به البرد .
قال مالك : إن معاوية قال : لقد نتفت الشيب مدة . قال : وكان يخرج إلى مصلاه ، ورداؤه يحمل من الكبر . ودخل عليه إنسان ، وهو يبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قال : هذا الذي كنتم تمنون لي .
محمد بن الحسن بن أبي يزيد عن مجالد ، عن الشعبي ، قال : لما أصاب معاوية اللقوة بكى ، فقال له مروان : ما يبكيك ؟ قال : راجعت ما كنت عنه عزوفا ، كبرت سني ، ورق عظمي ، وكثر دمعي ، [ ص: 156 ] ورميت في أحسني وما يبدو مني ، ولولا هواي في يزيد ، لأبصرت قصدي .
هشام بن عمار : حدثنا عبد المؤمن بن مهلهل ، حدثني رجل قال : حج معاوية ، فاطلع في بئر عادية بالأبواء ، فضربته اللقوة فدخل داره بمكة ، وأرخى حجابه ، واعتم بعمامة سوداء على شقه الذي لم يصب ، ثم أذن للناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ! إن ابن آدم بعرض بلاء ; إما مبتلى ليؤجر ; أو معاقب بذنب ، وإما مستعتب ليعتب ، وما أعتذر من واحدة من ثلاث ، فإن ابتليت ، فقد ابتلي الصالحون قبلي ، وإن عوقبت ، فقد عوقب الخاطئون قبلي ، وما آمن أن أكون منهم ، وإن مرض عضو مني ، فما أحصي صحيحي . ولو كان الأمر إلى نفسي ، ما كان لي على ربي أكثر مما أعطاني ، فأنا ابن بضع وستين ، فرحم الله من دعا لي بالعافية ، فوالله لئن عتب علي بعض خاصتكم ، لقد كنت حدبا على عامتكم ، فعج الناس يدعون له ، وبكى .
مغيرة : عن الشعبي ، قال : أول من خطب جالسا معاوية حين سمن .
[ ص: 157 ] أبو المليح : عن ، قال : أول من جلس على المنبر ، واستأذن الناس ميمون بن مهران معاوية ; فأذنوا له .
وعن : خطبنا عبادة بن نسي معاوية بالصنبرة فقال : لقد شهد معي صفين ثلاثمائة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي منهم غيري .
إسناده لين .
يوسف بن عبدة ; سمعت ابن سيرين يقول : أخذت معاوية قرة فاتخذ لحفا خفافا تلقى عليه ، فلم يلبث أن يتأذى بها . فإذا رفعت ، سأل أن ترد عليه ، فقال : قبحك الله من دار ، مكثت فيك عشرين سنة أميرا ، وعشرين سنة خليفة ، وصرت إلى ما أرى .
قال الزبير بن بكار : كان معاوية أول من اتخذ الديوان للختم ، وأمر بالنيروز والمهرجان ، واتخذ المقاصير في الجامع ، وأول من قتل مسلما صبرا وأول من قام على رأسه حرس ، وأول من قيدت بين يديه الجنائب ، وأول من اتخذ الخدام الخصيان في الإسلام ، وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة ، وكان يقول : أنا أول الملوك .
قلت : نعم . فقد روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : سفينة فانقضت خلافة النبوة ثلاثين عاما ، [ ص: 158 ] وولي الخلافة بعدي ثلاثون سنة . ثم تكون ملكا معاوية ، فبالغ في التجمل والهيئة ، وقل أن بلغ سلطان إلى رتبته ، وليته لم يعهد بالأمر إلى ابنه يزيد ، وترك الأمة من اختياره لهم .
: عن علي بن عاصم ، عن ابن جريج الحسن بن مسلم ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : لما احتضر معاوية ، قال : إني كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصفا ، وإني دعوت بمشقص ، فأخذت من شعره ، وهو في موضع كذا وكذا ، فإذا أنا مت ، فخذوا ذلك الشعر ، فاحشوا به فمي ومنخري .
وروي بإسناد عن نحوه . ميمون بن مهران
محمد بن مصفى : حدثنا بقية عن بحير ، عن خالد بن معدان ، قال : وفد ، المقدام بن معدي كرب ، ورجل من وعمرو بن الأسود الأسد له صحبة إلى معاوية . فقال معاوية للمقدام : توفي الحسن ، فاسترجع . فقال : أتراها مصيبة ؟ قال : ولم لا ؟ وقد وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجره وقال : هذا مني ، وحسين من علي . فقال للأسدي : ما تقول أنت ؟ قال : جمرة أطفئت . فقال المقدام : أنشدك الله ! هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن [ ص: 159 ] لبس الذهب والحرير ، وعن جلود السباع والركوب عليها ؟ قال : نعم . قال : فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك . فقال معاوية : عرفت أني لا أنجو منك .
إسناده قوي .