الآمر بأحكام الله 
صاحب مصر  أبو علي منصور بن المستعلي أحمد بن المستنصر معد بن الظاهر بن الحاكم ، العبيدي المصري الرافضي الظلوم . 
 [ ص: 198 ] كان متظاهرا بالمكر واللهو والجبروت . 
ولي وهو صغير ، فلما كبر قتل الأفضل أمير الجيوش  ، واصطفى أمواله ، وكانت تفوت الإحصاء ، ويضرب بها المثل ، فاستوزر بعده المأمون محمد بن مختار البطائحي  فعسف الرعية ، وتمرد ، فاستأصله الآمر  بعد أربع سنين ، ثم صلبه ، وقتل معه خمسة من إخوته . 
وفي دولته أخذت الفرنج  طرابلس الشام  وصيدا  ، ثم قصد الملك بردويل الفرنجي  ديار مصر  ، وأخذ الفرما   -وهي قريبة من العريش   - فأحرق جامعها ومساجدها ، وقتل وأسر ، وقيل : بل هي غربي قطيا  ثم رجع فهلك في سبخة بردويل  فشقوه ورموا حشوته وصبروه ، فحشوته ترجم هناك إلى اليوم ، ودفنوه بقمامة ، وكان قد أخذ القدس  وعكا  والحصون . 
وفي أيامه ظهر ابن تومرت  بالمغرب  ، وكثرت أتباعه ، وعسكروا وقاتلوا ، وملكوا البلاد . 
 [ ص: 199 ] وبقي الآمر  في الملك تسعا وعشرين سنة وتسعة أشهر إلى أن خرج يوما إلى ظاهر القاهرة  ، وعدى على الجسر إلى الجيزة  فكمن له رجال في السلاح ، ثم نزلوا عليه بأسيافهم ، وكان في طائفة ليست بكثيرة ، فرد إلى القصر مثخنا بالجراح ، وهلك من غير عقب . 
وكان العاشر من الخلفاء الباطنة ، فبايعوا ابن عم له ، وهو الحافظ لدين الله   . 
وكان الآمر  ربعة ، شديد الأدمة ، جاحظ العين ، وكان حسن الحظ ، جيد العقل والمعرفة ; لكنه خبيث المعتقد ، سفاكا للدماء ، متمردا جبارا فاحشا فاسقا ، صادر الخلق . عاش خمسا وثلاثين سنة . 
وانقلع في ذي القعدة سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، وبويع وله خمسة أعوام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					